مجرات تموت وتتلاشى

الجمعة, نوفمبر 5, 2021 - 05
علوم
مجرات تموت وتتلاشى

المنصة بوست - ناسا 

الموت هو النهاية الحتمية لكل شئ في هذا الكون،  فالموت ليس مقصورا على الإنسان ، بل على كل كائن حي يردافه في النهاية كائن ميت ، تلك هي الحكمة الوحيده من تلك الحياة ، بما في ذلك المجرات. نعم المجرات تموت ايضا، لكن ليس كموت الأجساد بسبب السقم، أو كفناء كتلة من الصخر بفعل الزمن، و لا حتى كموت كرة البلازما المتواضعة نسبيا التي ندور حولها . ولكن ماذا يحدث ؟

 وإذا نظرنا لمجرتنا، مجرة درب التبانة،  كمجموعة من النجوم، فسنجد أن بعض هذه النجوم يشبه الشمس و بعضها الآخر لا يشبهها.  تستهلك الشمس الوقود؛ فتحول الهيدروجين إلى هيليوم عن طريق عملية الاندماج النووي. ويصل عمر الشمس الى حوالي خمسة مليارات عام ، و يتوقع أن تدوم لخمسة مليارات سنة أخرى قبل أن تنتفخ لتصبحَ عملاقا أحمر ،  حيث ستخسر تدريجيا طبقتها الخارجية و تنضغط لتصبح قزما أبيضَ يبدأ بالبرودة حتى تعادلَ درجة حرارته درجة حرارة الكون من حوله

و بما أن أي مجرة مثل درب التبانة هي بشكل أساسي مجموعة كبيرة من النجوم، ، إذن كيف سيكون موتها. ؟ ذلك هو السؤال . لك أن المجرات لا تتكون فقط من النجوم، و إنما من سحب مهولة من الغبار و الغاز، كميات من غاز الهيدروجين من بعد بداية الكون قبل حوالي 13.8 مليار سنة. كل النجوم في مجرتنا درب التبانة تكونت من هذا الهيدروجين البدائي، حيث تولد النجوم في مجرتنا و في المجرات المشابهه لها في الحجم بمعدل 7 نجوم جديدة سنوياً , لكنّ مجرتنا درب التبانة للأسف استهلكت حوالي 90% من مخزونها الهيدروجيني؛ لذا فإن معدّل تكون النجوم فيها بدأ بالانخفاض، ، وسيتوقف تماما بمجرد استهلاك ما تبقى من غاز الهيدروجين.

وعندما تنتهي مجرة درب التبانة من استهلاك كلَ مخزونها الهيدروجيني ، ستبدأ رحلتها المحتومة ناحية مثواها الأخير بموت كل نجومها واحدة بعد الأخرى. آخذين في الإعتبار أن العمر الكلي لنجم مثل شمسنا هو 10 مليارات سنة تقريبا ،  ينما تعيش النجوم الأصغر مثل الأقزام الحمراء الباردة حوالي عدة تريليونات من السنين. 

تلك ستكون النهاية، حين يستهلك كل الغاز في المجرة و تفنى كل نجومها. هذا هو سيناريو موت مجرتنا بافتراض أنها المجرة الوحيدة الموجودة في الكون.

وربما لحسنِ الحظ إنّ مجرتنا ليست الوحيدة في الكون، فهي محاطة بالعشرات من المجرات القزمة التي من المحتمل  تندمج مع مجرتنا. و كل عملية اندماج تعني ضخ مزيدٍ من الدم الكوني في عروق درب التبانة أي المزيد من النجوم و المزيد من غاز الهيدروجين، ومن ثَم زيادة عمرها المتوقع

ومن إحدى المجرات التي يتوقع لها أن تندمج مع مجرتنا هي جارتنا الكبيرة مجرة المرأة المسلسلة الأندروميدا المتجهة نحونا، والتي يتوقع لها ان تندمج مع مجرتنا خلال بضعة مليارات سنة قادمة. عندما يحصل هذا الاندماج سيبدأ عصر جديد تولد فيه نجوم جديدة بسبب توفر كميات إضافية من غاز الهيدروجين نتيجة لعملية الاندماج. ستستمر عملية الاندماج هذه حتى تندمج كل المجرات الموجوده في الكون و المرتبطة معا بالجاذبية؛ لتؤول الى مجرة إهليلجية عملاقة. هذا الإندماج الكوني للمجرات لن يوقف النهاية المحتومة موت المجرة و إنما سيؤجله فقط

نرى اليوم العديد من هذه المجرات الأحفورية الإهليلجية عندما ننظر للفضاء الخارجي، منها مجره M49مجرة إهليلجية ضخمة جدا، و لا أحد يدري كم مجرة حلزونية كبرى اندمجت معا لتكون هذه المجرة.  

إن المجرات الإهليلجية هي مجرات ميتة تسعى في الفضاء، فقد استهلكت كلَ مخزونها من غاز الهيدروجين الضروري لتكوين نجوم جديده، و ما تبقى منها هي نجوم في طريقها للموت.

إذن هي مسألة وقتٍ حتى تموت هذه النجوم واحدة تلو الأخرى ، وستعود ميتة بمجرد ان تصبح درجة حرارتها مساوية لدرجة حرارة الكون من حولها، عندها سيعلن في الفضاء عن موت مجرة.

وطالما أن للمجرة مخزونها الخاص من غاز الهيدروجين، أو مخزونها الجديد المضاف من هذا الغاز نتيجة لاندماجها بمجرة أو مجرات أخرى، فإن مثل هذه المجرة تعد مجرة مزدهرة قادرة على ولادة نجوم جديدة، و هذا يعني استهلاك المزيد من الهيدروجين حتى يتم استهلاك آخر مقدار من الهيدروجين المتاح لها، وعندها تبدأ النهاية


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0