كلنا سوريون قصيدة بقلم الأديب عبد الكريم البعلبكي

بقلم : الأديب عبد الكريم البعلبكي 

ترقصُ الأرضُ على أرصفةِ الخطرِ، 
يهطِلُ الثَّلجُ أسرابَ أصواتٍ مهللاتٍ .. 
وأرتالُ نداءات الأطفال ،، 
ينثرون الإنشادَ إيمانًا 
تسقي اللحظةَ المنكسرةَ ملءَ وجعِ الأمّهاتِ ،، 
طوبى لهذا النَّشءِ الجديدِ،، 
أطفالٌ رضعَتْ ثديَ الكرامةِ والشّهامةِ ،، 
إستلقَتْ تحتَ الأنقاضِ في وحشةِ الضَّميرِ الميتِ،، 
أين أنتم يا بَني أُمّي 
تعالَوْا نحمل الماضي الذي يَلْبَسُنا ، 
الغارقَ في ظلمةِ ساستِنا ،
أما زالَ في قُدرتِنا أن نقهرَ الوجعَ، 
نعم كلُّنا سوريّون في هذه المِحْنَةِ .. 
إسوَدَّتْ منازِلُنا 
والوجهُ رغيفٌ 
الفمُ مزمومٌ
الشّمسُ غابرةٌ
تحملُ وجعَ العالمِ
حولي كلُّ شيءٍ غارِقٌ في الصَّمتِ الرَّهيبِ 
إلا الذّاكرة، 
وأُمّي .. 
تَصرخُ 
كلُّنا سوريّون .. 
ها هِيَ أُمّي 
تحمِلُ جرَّةَ الأُخُوَّةِ ،، 
تُحارِبُ مَنجَلَ الموتِ الجائع
تقارِعُه 
هل نحن ثمارٌ 
نعودُ إلى حضنِ الأمِّ 
حفنة من تراب .. 
نعم كلنا سوريون 
تضحك أحلامنا 
فيضحكُ الرَّدى في العَراءِ .. 
هُراء .. 
هُراء .. 
تصرخُ أمّي مِنْ جديد 
ينهمر وجع الأرض 
يسقي بساتينَ النَّخوةِ
تمضي أُمّي إلى الحقلِ 
تُحَدِّقُ في وجهِ الفاجعة 
تَنسى وَحْشةَ القَفرِ ، 
ظُلمةَ القبرِ ، 
مَشاهِدَ القهرِ ،، 
تنسى شَبَقَ الرُّعبِ ،، 
وفي فصلِ الشَّتاتِ 
ينزفُ القلبُ 
وتقولُ 
من لم يولَدوا 
سوف يولَدون 
كما أجدادِهم أبطالًا ..
كلُّنا سوريّون.. 
أُمّاه دَعي هذا النجيَّ البكرَ 
يستجدي نهاياتِ الحِصارِ ،، 
وها هنا أحقابُ موات في دربٍ واحدٍ
تحملُ ترحالَها المقهورَ،، 
عمرًا ميتًا،، 
جمّد الصَّقيعُ الصُّراخَ 
وتبقى أطفال الزلزال نبعًا من التقوى والاحترام ،
 أصواتُهم مواويلُ كرامةٍ ، 
تضن بدمعِها في إباء ،، 
دموعُها ضئيلةُ حجمِ كرامةِ بني يعرب ،، 
بردَتْ 
جاعَتْ 
وتشقى 
لكنّها لا تشتكي 
بل تشكرُ الله ،،
 سورية هي ،، 
وهو ،، 
ونحن،، 
كلنا سوريون 
في زلزال الضمير ،، 
نشكرُ اللهَ 
فهو العليم بكلِّ الصُّدورِ
بكلِّ الأمورِ 
وهي طفلةٌ تئِنُّ ..
تغفو .. 
وما من مؤاسٍ يَمُدُّ لها يد العون .. 
كلُّنا سوريون في مَصابِنا 
فهلْ مِنْ أحد،، 
أين أنت يا أمي ؟؟ 
صَدّاحٌ هو الصَّوتُ الحر 
صوتيَ العربيُّ يصرخُ،، 
سوريا أمّي وأبي 
أمُّ المجدِ يا أنبلَ الأمّهاتِ..