الكاتب ناصر خليفة يكتب : الدين بريء والإرهاب فعل بشري

مقالات عامة
الكاتب ناصر خليفة يكتب : الدين بريء والإرهاب فعل بشري
الكاتب: 

الكاتب ناصر خليفة

كاتب حر
الأربعاء, أبريل 13, 2022 - 12

- لقد شهدَ الله وشهدت الملائكة والصالحون من بني الإنسان بأن الأديان السماوية نزلت على قلب رجال اصطفاهم ربُهم من بين البشر،  واختصهم واختارهم لأنهم كانوا أوفياء، رحماء، أمناء أتقياء، صادقين.. اختارهم  ربُهم بعد أن أعدهم إعدادا ربانيا ليكونوا جديرين بتحمل عبء ومسؤولية الرسالة السماوية بتبعاتها الثقيلة المُضنية.. فحمّل كل نبي منهم رسالة ايمان وتوحيد، رسالة رحمة ومحبة وتآخي وألفة وترابط، رسالة سلام.. فما كان عليهم جميعا إلا البلاغ المبين تنذيرا وتبشيرا.. فالأديان رسالتها واحدة مصدرها إله واحد، إله السماوات والأرض إله العدل والرحمة.. كُتبهم وألواحهم وتعاليمهم وأحاديثهم وتوجيهاتهم وسيرتهم وسلوكياتهم وأفعالهم؛ ما كانت غير وحي من السماء، فما كانوا ينطقون عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى..

-  ما جاء من بعد هؤلاء الرسل في المراحل الزمنية التي خلفتهم من بدع وفتن لا يُسألون عنها لا من بعيد ولا قريب، ولا دخل لهم فيها نهائيا، فما ارسلوا إلا لتوحيد الناس لعبادة الله الواحد الأحد، اما ما شاهدناه وعانى منه الخلق --قديما وحديثا-- من عنف وقتل فما كان إلا من "بشر" لهم أطماع في الدنيا.. فالإرهاب فعل بشري صرف.. والظلم والافتراء والجبروت هو جُرم بشر قلوبهم من حجر وأطماعهم لا حدود لها، بشر وضعوا الدنيا وغرورها ونشوة السلطة والحكم نُصب أعينهم وهدفا لعقولهم ورغبة وحيدة في قلوبهم. وهذا ما تؤكده قصص المعارك والأقتتال  والخصام والتناحر والنزاع والصراع الذي حدث في فترة ما بعد مرحلة النبوة، وما وقع من خلافات بين صحابة خاتم الأنبياء  وأهله إلا بسبب الرغبة القبلية في الخلافة والسلطة، وما أريق من الدماء في موقعة (الجمل وصفين) وبعدها (كربلاء) السوداء ! إلا لهذا السبب الدنيوي، بل انظر إلى قتل الخلفاء عمر وعثمان وعلي ! وغيرهم من كبار الصحابة وحفظة القرآن الأوائل ! أليس هذا إرهاب ! ولا يمكن - بأي حال من الأحوال- أن نسميه إرهاب ديني ! بل هو إرهاب دنيوي إرهاب "نفس بشرية" لها فجورها وتقواها فيها الخير وفيها الشر، ارهاب من أجل السياسة والحكم والنفوذ والسلطة والسيادة !.. وما حدث من الأمويين  والعباسيين هو دليل قوي آخر  على ما نقول.. فما علمنا سوى عن بشر كانوا يسعون --سرا وعلانية-- نحو السلطة والحكم بكل ما أوتوا من قوة ودهاء وقسوة وعنف --وما أشبه اليوم بالبارحة وقبل البارحة-- فلسان حال التاريخ لم يتوقف عن إخبارنا عمن دبر وتخابث وخان وظلم وتجبر، وقتل كل من وقف في طريق الوصول إلى "كرسي الخلافة" في طريق الوصول للحكم والخلافة والإمارة !.. لم يتوانوا ولم يتردد في قتل كل من وقف في طريقهم كل من عارضهم حتى من أقاربهم ،بل قتلوا إخوانهم وأخواتهم، قتلوا أبناء عمومتهم، قتلوا حملة المصاحف، قتلوا الفقهاء وعذبوهم وسجنوهم، قتلوا العامة من المسلمين من العرب ومن غير العرب، قتلوا الرجال والنساء اقتحموا الكعبة وخربوها، حرقوا المساجد ودكوها! .. كل ذلك الإرهاب كان من أجل كرسي العرش والخلافة ! من اجل السلطة والحكم والسيادة والجاه والسلطان والقصور والغنائم من خيرات الفتوحات والغزوات ! ولم يكن من أجل إعلاء كلمة الدين ! لم يكن من أجل نشر الدين وتطبيق الشرع ! فالدين والشرع منهم بريء.. 

وما كانت النهايات السوداء لسلطانهم وحكوماتهم وزوال دولهم؛  إلا لتؤكد أنها لك تكن لله بل كانت ولازالت للدنيا وللمصالح الذاتية ..
- يا سادة لا دخل للدين عندما يستعمله هؤلاء "المتشددون والمغالون المتعصبون" من أجل مصالحهم وأهوائهم ورغباتهم، لا ذنب للمصاحف التي رفعوها قديما ولا زالوا يرفعونها على أسنة رماحهم المسممة بأفكارهم الظلامية الخبيثة ! بل استطيع القول بأن "السلاح" نفسه لا ذنب له! فهو مجرد آلة صماء قد تُستخدم في الخير وهم يستخدمونها في الشر وإراقة الدماء !،  فالبارود الذي هو نتاج العلم يُستخدم في تفجير الصخور لاستخراج المعادن النفيسة لخدمة البشرية؛ هم يستخدمونه في تفجير البشر وتدمير مقدرات البشر وترويع الآمنين وإرهاب المستضعفين.. هم المجرمون بطبعهم أيا كانت لغتهم وحيلهم وأياً كانت عباءاتهم وعمائمهم  وواجهاتهم ومنصاتهم سيظلون قتلة مجرمين، وبشهادة الكتب السماوية فهم (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).. 
كيف لله ان يبعث رسولا بدين ليُعلم قومه الإرهاب ؟! وهو يقول (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) لكل العالمين للناس أجمعين ! 
- عندما يطالب البعض بإبعاد الدين فهو لم يستبعد الإرهاب بل أستبعد السلام وأبقى على البشر الذين هم الإرهاب ذاته ! 
-  صحيح الدين لم يصنع إرهابا، ولا أمر بالتشدد،، فالدين يسر ورحمة، الدين لم يجز ولم يحل قتل النفس بغير حق، الدين مُرسل من لدن إله لكل البشر  للمؤمن والمنكر للموحد وللمشرك.. فهو من قال (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) هو من قال ( إنك لن تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) هو من حرم الظلم على نفسه وحرمه على عباده هو من قال ( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا )
هذا هو  الله وهذا هو الإسلام دين السلام وليس دين الإرهاب..
-  أما عن آيات القتال التي يجتزئونها من مواضعها فهي ليست كما يفسرونها ويستعملونا ! فهي توقفت في محطة (سبب النزول) ولا علاقة لها بشريط (عموم اللفظ) الممتد .. فهي "نُسخت" بعامل الزمن والوقت والتاريخ والواقع .. 
-  فيا أيها المتضررون من الإرهاب يا شهداء العنف والتشدد والتعصب إن حقكم عند هؤلاء المجرمين وليس عند الدين.. فالإرهاب من صُنع بشر قلوبهم من حجر، ويبقى للدين الأيادي البيضاء .