الشتات الحلقة الثامنة "على طريق الشتات"

الكاتب: 

الدكتور محمد ربيع

كاتب وشاعرومفكر - واشنطن دي سي
الثلاثاء, أغسطس 3, 2021 - 16

بعد سقوط يازور وخروج المناضلين منها بأمر من قوات فوزي القاوقجي، انضم الوالد إلينا في بيت نبالا، حيث وصل في اليوم التالي حاملا بندقيته على كتفه ومُمسكا بدراجته في يده... جاء عبر عدة قرى فلسطينية والعشرات من بيارات البرتقال وكروم العنب والتين التي كان يعرفها جيداً ويعرف طريقه فيها. كانت قوات القاوقجي التي تشكلت من متطوعين عرب قد جاءت إلى يازور بدعوة حمايتها من العصابات اليهودية، لكنها أنهت مهمتها بتسليم تلك القرية وغيرها من قرى مجاورة للمعتدين بحجة أن سقوط يافا حرمها من إمكانية الدفاع عن تلك القرى.

 سكنا في قرية بيت نبالا حتى سقوطها في يد قوات العدو الإسرائيلي في يوم 14 يوليو  تموز1948، وهو اليوم التالي لسقوط مدينتي اللد والرمله. كان من الواضح أن الحرب تُلاحقنا، وأن القتل والدمار يقترب منا يوما بعد يوم، وأن عمليات التطهير العرقي تزداد شراسة مع تتابع الساعات. وفي صباح اليوم الذي سبق تهجيرنا للمرة الثانية من بيت نبالا، بدأت القوات اليهودية بقصف سلسلة القرى الجبلية المحاذية والقريبة من بيت نبالا بالمدفعية الثقيلة بشكل متقطع، خاصة قرية دير طريف. مرة ثانية، طلب العبد أبو ربيع من أخيه جمعة أن يذهب إلى قرية نعلين يستطلع الأمر... عاد جمعة في صباح اليوم التالي يقود سيارة نقل صغيرة نوعاً ما تعود ملكيتها للسيد حسن الخياط، أحد أبناء يافا من أصدقاء العائلة. وما كاد محرك السيارة يتوقف حتى بدأ أصدقاؤنا من أبناء بيت نبالا الذين استضافونا في بيوتهم في تحميل بعض الأشياء في السيارة استعداداً للهروب، كان أهمها كيساً من الطحين وآخر من السكر وكميات من زيت الزيتون وبعض البطانيات. وقبل تحميل السيارة بالكامل، استوقفهم العبد أبو ربيع قائلاً، إن علينا أن نضمن ترحيل النساء والأطفال أولاً، على أن يبقى الرجال في القرية حتى تعود السيارة من نعلين، وعندها يمكن ترحيل ما يمكن ترحيله من ممتلكات شخصية في الرحلة التالية. 
وهنا أمرني والدي أن أذهب بسرعة إلى البيت الذي كنا نقيم فيه، وأن اطلب من أمي وإخوتي وأخواتي الحضور فوراً... لم يكن هناك من يخالف أوامر الوالد أو يجادل فيها. حضروا جميعاً في الحال، من دون أن يغير أحدهم ملابسه أو يلبس بعضهم حذاءه. وفيما كان الأولاد والنساء يتسلقون ظهر السيارة الواحد تلو الآخر، التفت العبد أبو ربيع إلى أخيه جمعة وطلب منه أن يذهب إلى بيته ويحضر زوجته وأولاده أيضاً. إلا أن عمي رفض طلب أخيه قائلاً إن الرحلة لن تستغرق سوى ساعتين على الأكثر، وأنه يفضل أن تبقى زوجته وأولاده في بيتهم حتى يعود إليهم. وفي الواقع، لم يكن قد بقي هناك متسع لشيء آخر أو لشخص إضافي بعد صعود أكثر من عشرين شخص من النساء والأطفال إلى ظهر السيارة. وقبل أن تتحرك السيارة في اتجاه قرية نعلين، بدأت قنابل الغزاة تتساقط بغزارة على أطراف قرية بيت نبالا، وتهدد أهلها بالقتل وبيوتها بالدمار، ما دفعنا إلى الإسراع في مغادرة القرية. وفي حوالي الواحدة بعد ظهر يوم 13 يوليوتموز 1948، انطلقت السيارة يقودها عمي في اتجاه نعلين، فيما كنت أقف إلى جانب الوالد. وقبل أن تتسارع عجلات السيارة تماماً، نظر لي والدي وأمرني باللحاق بالسيارة قائلاً أركض، وصفر صفارته المعهودة مشيراً إلى من كان على ظهرها بالتوقف... كنت في الواقع أسرع من السيارة التي كانت تئن من ثقل ما كان على ظهرها من بشر. 

وصلنا بعد أقل من ساعة إلى مشارف قرية قبية القريبة من نعلين، توقفت السيارة بنا هناك لنفاد الوقود، احترنا وبدأنا نجهش بالبكاء. كان المهجرون يمرون علينا مشياً على الأقدام، وجوههم متعبة يعلوها الغبار، ثيابهم ممزقة، أرجلهم دامية، وعلى ظهورهم أطفالهم وبعض الطحين والزيت والقليل من الماء. وفي الاتجاه المعاكس، كانت مدرعات الجيش الأردني تسير في اتجاه بيت نبالا، وتجعل المرور في الطريق صعباً والسير بطيئاً للغاية بسبب ضيق الطريق ووعورة الجبال من حولها، وكلما مرت عنا مدرعة كان جنودها يحاولون طمأنتنا قائلين: لا تبكون... لا تبكون. إلا أن قافلة المدرعات سرعان ما توقفت، وحين سأل عمي ضابط الدبابة التي توقفت أمامنا مباشرة عن سبب توقفهم، أخبرنا بأن قرية بيت نبالا سقطت في أيدي اليهود، كما سقطت مدينتا اللد والرمله وعشرات القرى الأخرى، وأنهم لا يستطيعون التقدم بعد ذلك. كان من الواضح أن الجنود الإسرائيليين اقتحموا بيت نبالا خلال دقائق من مغادرتنا أرضها. انفجر عمي باكياً، يصيح كمن فقد عقله فجأة، مردداً اسم زوجته وأسماء أولاده الواحد بعد الآخر. نزل من السيارة فوراً، سار في اتجاه بيت نبالا كرجل معتوه يتبع ظله، وتركنا جالسين فوق ظهر السيارة نبكي وحدنا في حالة يرثى لها... عاد جمعة أبو ربيع هائما على وجهه يبحث عما كان له من أسرة لم يعد يعرف لها مصيرا. لم تمضِ دقائق حتى شاهدنا مدافع العدو الإسرائيلي تقصف السيارات المدنية المتوقفة بالقرب منا على جانبي الطريق والمتحركة عليها كالسلحفاة، ما أدى إلى تدمير إحداها وقتل وجرح من كان على متنها من رجال ونساء، شيوخ وأطفال. نزلنا من السيارة بسرعة، نرتجف خوفاً وهلعاً، سرنا في اتجاه نعلين مشياً على الأقدام، مررنا على قرية قبية، ثم واصلنا السير تقودنا زوجة السيد حسن خليل، حتى وصلنا نعلين مع غروب الشمس، ذهبنا إلى جامع القرية وجلسنا هناك في انتظار المجهول.

بعد الوصول إلى نعلين، قامت زوجة المختار حسن خليل بعجن الطحين بالماء وخبزه وتوفير الطعام لكافة الأطفال. وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية، كانت تعجن الطحين وتخبز الخبز وتوزعه علينا، وتحتفظ بحصة لكل من غاب منا عن وجبة الطعام. كانت جموع الهاربين والمشتتين قد اختارت، ومن دون وعي أو تخطيط مسبق، ساحة جامع نعلين مكاناً للتجمع والبحث عن الأهل والأقارب والأصدقاء الضائعين. وقبل أن يتقادم الليل كثيراً، كان والدي وعمي وأسرته وجدتي قد التحقوا بنا تباعاً، إذ وصل الوالد والجدة أولاً، ثم العم وأسرته. كانت جدتي قد رفضت مغادرة القرية معنا حين ركبنا سيارة النقل، إذ أصرت على الانتظار حتى يغادر أولادها لتغادر معهم. وصل والدي متعباً جداً، يجر دراجته، ويحمل بندقيته وحقيبة ملابس صغيرة تخص عمي، ويمسك بيد أمه. كنتُ خلال فترة الانتظار أقوم كل نصف ساعة تقريباً بالسير في اتجاه قرية قبية لمدة نصف ساعة أو أكثر قليلاً، استكشف الطريق، أسأل القادمين عن الأوضاع وعن الأهل، ثم أعود لأخبر أمي بما شاهدت وسمعت، كررت الشيء نفسه مرتين قبل أن يدركني التعب وأشعر بالإرهاق، وضعت رأسي بعدها على فخذ أمي، وغفوت بجانب سور الجامع، ولم استيقظ إلا في الصباح على صوت أبي. وما أن فتحت عيني حتى لاحظت أن مئات الأشخاص الذين تجمعوا في مساء اليوم السابق حول الجامع، تضاعف عددهم خلال الليل عشرين مرة على الأقل ليصبحوا بضعة آلاف، جاء معظمهم من مدينتي اللد والرملة.

بعد أن اشتد القصف المدفعي على بيت نبالا، ووصلت شظايا القنابل إلى بيت عمي وعمتي، وتعالى صراخ أطفالها من الخوف، قامت العمة "رحمة" بأخذ أطفالها والهرب من البيت... هربت تحت وابل القنابل من دون أن يكون لها رفيق، ومن دون أن تعرف أين الطريق. وحين وصل والدي إلى بيت أخيه بحثاً عن ابنة عمه وأولاد أخيه لم يجد أحداً منهم هناك، إلا أنه وجد حقيبة ملابس صغيرة جاهزة للسفر، كان عمي قد وضع فيها بعض ملابسه استعداداً للرحيل، حملها والدي على دراجته، وسار ممسكا بدراجته بيده اليمنى ووالدته بيده اليسرى، وعلى كتفه بندقيته. أما رحمة، وبسبب صعوبة السير وحدها برفقة خمسة أطفال بحاجة لعناية، فقد اضطرت لرمي ابنتها "منتهى" وابنها "محمد خير" في عربة يجرها بغل كانت تسير في اتجاه الشرق بعيداً عن بيت نبالا. لقد ائتمنت رحمة العربة التي داست على قدمها وأدمت رجلها على حياة ابنها وابنتها لأنه لم يكن لديها خيار آخر... كانت منتهى أصغر من أن تواصل السير على قدميها مسافات طويلة، وأكثر وزناً من أن تُحمل على ظهر أمها، فيما كان محمد خير طفلاً بحاجة لمن يحمله... كان على الأم أن تحمل طفلها الرضيع نبيل، وتسير باكية العينين إلى المجهول، متعثرة الخطى، وعينيها على ابنتها نجاح وابنها بسام. 

سار عمي جمعة بعد أن تركنا على مشارف قبية حوالي ساعتين قبل ان يعثر على زوجته وأولاده، وحين رآهم عن بعد، كانت زوجته تقف في وسط الطريق في ذلك اليوم البائس الحار، تلبس فستاناً قصيراً ممزقاً، تتساقط الدموع من عينيها بغزارة، يسيل الدم من ساقها وقدميها، تضم طفلها الرضيع إلى صدرها، فيما يقف طفلاها بسام ونجاح على جانبيها، يمسك كل منهما بأحد أطراف ثوبها الممزق، ويبكون بصمت. ركض جمعة أبو ربيع في اتجاه زوجته وأولاده، احتضنهم، وأخذ يجهش بالبكاء. وفي الحال لاحظ عدم وجود منتهى ومحمد خير، لكنه قبل أن يسأل عنهما أخبرته زوجته بما فعلت ولماذا، ما جعله يعود إلى البكاء والنحيب ثانية، لكن لم يكن أمامه سوى الإسراع في السير نحو نعلين بحثاً عنهما وعن بقية العائلة. حمل عمي نبيل على صدره، أمسكت رحمة بسام بيد ونجاح باليد الأخرى وساروا مع المئات من المشردين في اتجاه قرية نعلين التي تواعدنا أن نلتقي فيها.

لم يكن بإمكاننا مواصلة السير بعيداً عن نعلين في اتجاه رام الله أو غيرها من المدن الفلسطينية قبل العثور على منتهى ومحمد خير. بعد يومين، وكانت غالبية المهجرين والمشردين قد غادروا المكان، عثرنا على منتهى وأخيها بعد أن سمعنا رجلاً يصيح بأعلى صوته قائلاً: "مين إلو أطفال ضائعين... مين بدور على أطفال ضائعين". تبعنا الرجل عشرات الأمتار، وهناك تحت شجرة زيتون معمرة وجدنا منتهى ومحمد خير مع حوالي عشرة أطفال آخرين... كانوا جميعاً في وضع مزر، يعانون الجوع والعطش والبؤس والخوف. إن قسوة التجربة أضعفت جسم محمد خير وروحه على الرغم من صغر سنه، ما جعله يفقد الرغبة في الحياة والقدرة على العيش. وفيما عاشت منتهى لتصبح أماً وجدة لعدد كبير من الأحفاد، توفي محمد خير بعد أشهر في مخيم عقبة جبر ودفن فيه. 

قضينا يوماً آخراً في نعلين قبل الرحيل، حيث كنا نقضي الليل في أحد الكهوف الواقعة في أطراف قرية دير قديس القريبة من نعلين، ونعود في النهار لمواصلة عملية البحث عن الأطفال. وأثناء انشغالنا في البحث عن منتهى ومحمد خير، عاودت السير في الاتجاه المعاكس والقيام بعمليات الاستكشاف التي مارستها في اليوم الأول. وهناك أسهمت في مساعدة بعض الشيوخ والأطفال الذين كانوا يتقاطرون كسيل جار بعد أن شردهم الإرهاب الصهيوني من بيوتهم في مدينتي اللد والرملة والقرى المجاورة. كنت أقوم مع العديد من الشباب والصبيان مثلي بملء أباريق ماء الوضوء المتواجدة بكثرة في جامع نعلين، وحملها والسير في الاتجاه الذي كان يأتي منه ضحايا التطهير العرقي لمساعدتهم. 

وعلى طول الطريق الجبلية المؤدية من مدينة اللد إلى نعلين، قمنا بتقديم الماء للمئات من الأطفال والنساء والشيوخ الذين كانوا على وشك الموت جوعاً وعطشاً، يقطعون المسافات الطويلة في حر يوليو (تموز) الشديد مشياً على الأقدام عبر سلسلة من الجبال الوعرة. وهناك شاهدت العديد من الجثث التي لم استطع الاقتراب منها، ولكن سمحت لنفسي بمشاهدة عمليات دفنها، حيث قام الشباب الأكبر سناً بأداء مراسيم الدفن. في اليوم الثاني لم نعد نصادف شيوخاً أو أطفالاً يعانون الجوع والعطش أو بحاجة لمساعدة إلا نادراً، كان كل من تبقى من ضحايا التطهير العرقي على طول الطريق جثثاً في طريقها إلى التعفن. سلمت إبريق الماء الذي لازمني طوال اليوم السابق لأحد الصبية، وعدت إلى الأهل الذين كانوا يتواجدون طوال ساعات النهار بالقرب من حرم الجامع يقضون الوقت بحثاً عن الأطفال المفقودين. مئات الشيوخ والأطفال والنساء الحوامل والرجال المرضى لقوا حتفهم على الطريق، البعض وجد من يدفنه ويستر جثته بالتراب ويحميها من الحيوانات الجائعة، والبعض الآخر تعفنت جثثهم ونسي العالم "المتحضر" قصتهم، ورفض حتى اليوم الاعتراف بجرائم من تسبب في موتهم بتلك الطريقة الهمجية التي تتنافى مع إنسانية الإنسان وعدل السماء.  

في اليوم الثالث عشر من شهر أب "يوليو" 1948، وبعد أيام من القصف المدفعي المركز، هاجمت قوات الجيش الإسرائيلي بقيادة إسحاق رابين مدينتي اللد والرملة. جمع الجنرال رابين، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، سكان المدينتين الذين كان أغلبهم يحتمون في المساجد والكنائس في مكان واحد، وأمر قواته بارتكاب مجزرة راح ضحيتها عدد كبير من شباب وأطفال ورجال ونساء فلسطين. لقد اعترف رابين في مذكراته بارتكاب تلك المجزرة وأبدى بعض الأسف، لكنه لم ينل ما يستحقه من عقاب، بل أنعم عليه العالم "المتحضر" بجائزة نوبل للسلام. قام جنود رابين بسلب ما وجدوا لدى ضحاياهم من الأموات والأحياء من مجوهرات وأشياء شخصية ثمينة، وقادوهم في اليوم التالي إلى خارج المدينتين وأمروهم بالسير إلى الأمام، وهددوهم بالقتل إذا تجرؤوا والتفتوا إلى الخلف. وحين التفت البعض بطريقة لا إرادية للخلف في محاولة لإلقاء نظرة أخيرة على بيوتهم ومدينتهم، أطلق الجنود النار عليهم وقتلوهم في الحال. ويقدر عدد من تم طردهم في ذلك اليوم بحوالي ستين ألف شخص، إذ لم يبقَ من سكان المدينتين إلا من اختبأ في قبو معتم، أو التجأ إلى بيت مهجور تغطيه الأعشاب، ولم يخرج منه إلا بعد أن تمت عملية التطهير العرقي بأيام.

سار أهالي مدينتي الرملة واللد في اتجاه القرى الفلسطينية الجبلية القريبة من مدنهم والتي كان البعض يعرف طريقه إليها جيداً، مثل قرى بيت نبالا ودير طريف والحديثة ونعلين ليجدوا أن معظمها كان قد وقع تحت سيطرة قوات العدو الإسرائيلي، ما اضطرهم للالتفاف حول تلك القرى، وإتباع طرق أخرى ملتوية أكثر صعوبة... كانوا يسيرون على الأقدام من دون طعام أو شراب. بعد ساعات من السير الحثيث، وصل الشباب الذين ساروا في اتجاه نعلين مباشرة على طول الطريق الجبلية الوعرة ولم يضلوا طريقهم. أما بقية المهجرين الذين ذهبوا أولاً إلى القرى المحتلة فقد بدأوا في الوصول إلى نعلين في اليوم التالي، ولم يصل آخر من بقي منهم حياً إلا في صباح اليوم الثالث. تبعد قرية نعلين عن مدينتي اللد والرملة حوالي 30 كيلومتراً، ويمكن الوصول إليها عبر أكثر من طريق، أقصرها الطريق الوعرة التي تمر عبر سلسلة من الجبال والوديان التي تتجمع فيها المياه في فصل الشتاء.


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0