الوفاء من أجمل الأخلاق

مقالات عامة
الكاتب: 

الدكتور أحمد لطفي شاهين

كاتب حر - فلسطين
الخميس, ديسمبر 3, 2020 - 08

يقال بأن صبياً أقفل دراجته بالسلاسل على شجرة، ليختبئ من ويلات الحرب العالمية الأولى في عام 1914 ميلادية، حيث أقفل الطفل دراجته ولم يعد إليها منذ ذلك الزمان!. وبعد طول غياب ما وجدت تلك الشجرة خياراً؛ إلا أن تحتضن تلك الدراجة وتنمو حولها محتفظةً بأحلام ذلك الصبي إلى الأبد.
وعاد الطفل بعد سنوات طويلة وهو شاب فوجد الشجرة احتضنت دراجته بشكل غريب

فعلّق على ذلك قائلاً: كل الأشياء حولنا نشعر بوفائها مثل الحيوانات الاليفة والنباتات، لكن للاسف ذلك الوفاء قليل لدى بعض البشر، حتى أنك تعجب من قسوة القلوب في زمن اللاوفاء الذي نعيشه وتتكشف حقائق البشر وتنزاح الأقنعة عند حدوث المواقف، وتتضح معادن الناس وتظهر على واقعها الحقيقي إن كانت التنشئة في بيئة صحية نظيفة أو بيئة عفنة مريضة!!

الوفاء خُلق عظيم لا يتصف به إلا إنسان عظيم، وقد صُنف بأنه وليد الأمانة وعنوان الصدق ودليل الشجاعة والصبر وقوّة التحمل، ومن أعظم الصفات الإنسانية السوية، والأخلاق الكريمة والحميدة والنبيلة، والوفاء ليس كلمة تقال، ولا سلوكاً يمكن القيام به بلا مقدمات وبلا استعداد وتهيؤ ذاتي ومعنوي.
إنما الوفاء هو طبيعة للنفس الزكية، والقلوب الخيرة التي تفعل المروءات، والإكرام، ورد الجميل على أصوله، والاعتراف بالفضل بكل معانيه، ومن أجمل الصفات التي قد ترقى إليها النفوس البشرية، وتتطلع إليها القلوب بفطرتها التي خلقها الله تعالى عليها
 صفة الوفاء من اجمل الصفات وقد تعلمناها من رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في وفائه لزوجته خديجه وصحابته وأقاربه ووطنه وغير ذلك..
 
إن الإسلام دين الفطرة الذي أراده الله واقعاً ومعاشاً وتعايشاً للبشرية وحقيقة يومية يعيشها الفرد في كل لحظة من لحظات حياته، وصفة الوفاء على رأس قائمة الأخلاق التي أقرها الإسلام وشجعها ودعمها وارتقى بها، وذلك لأهميتها القصوى في بناء المجتمع الإسلامي وكيان الخير، وبنيان السعادة.

إن الدنيا مسألة حسابية، اطرح منها التعب والشقاء، واجمع لها الحب والوفاء، واترك الباقي لرب السماء .... ومن فقد خُلق  الوفاء قد انسلخ من إنسانيته.. وصدق الشاعر في قوله:
وجرّبنا وجرّب أوّلونا
فلا شيء أعزّ من الوفاء

ان الوفاء مطلوب في كل الظروف.. قال تعالى: {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}، وهنا العهد يستلزم الوفاء أكثر من غيره، قال تعالى: {وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.
ويقول الله( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا )