انهضي يا مدينة الصمود ..فأنت بيروت العروبة ويكفيك

مقالات عامة
الكاتب: 

عمارة بن عبدالله

كاتب حر - الجزائر
الأربعاء, أغسطس 12, 2020 - 05

في بيروت وقلب ضاحيتها من ذلك الوطن الجريح، كلنا شاهد تلك الجموع الغاضبة بمشانق افتراضية، مشانق ترفع ممن ظهروا في عام 2011 يدعمون ما يسمى بثورات الربيع العربي، بل قالوا وقتها أن عروش الطغاة ستسقط أمام ضربات الشعوب الثائرة، تصديقا للقول أن ليس هناك في هذه الدنيا أعدل من الزمن عندما يـدور، وأن للحساب فاتورة مؤجلة...؟

  فعلا رأينا من بين هؤلاء أمين عام حزب الله سماحة السيد، الذي أيد الفوضى في ليبيا وحرب الناتو عليها ، وأعتبر الرباعي " الناتو الصليبي والصهيوني ليفي وفلول الإرهابيين وشهود عيان الجزيرة " ثورة شعبية وربيع عربي ، وكيف لوزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال آنذاك "علي الشامي" طلب من مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة ، الدعوة لعقد اجتماع طارئ للمجموعة العربية في نيويورك ، لاعتماد قرار فرض حظر جوي على ليبيا ، وكيف للمندوب " نواف سلام " قاد الجهد العربي لفرض الحظر على ليبيا وحملة التدخل الغربي، ومع ذلك قناة الميادين تريد إقناعنا بمواقف لبنان القومية و النضالية ، وها قد دارت الدائرة سقط نصر الله في الاختبار ، كاشفا أنه شخص يحركه الحقد الأعمى والطائفية المقيتة ، جاهلا أن سقوط طرابلس ستكون تداعياته زلزال في غزة والقدس ودمشق وبيروت والضاحية الجنوبية ، وأن من وصفهم الثوار في ليبيا المدججين بأسلحة فرنسا ومقاتلات بريطانيا ودعم أمريكا ، سيجدهم في مواجهته في درعا والغوطة، وجسر الشغور و جرود عرسال ورأس بعلبك....

هذا على حد قول الكاتب العربي علي شندب " الذي أبى واستكبر ، وفوت الفرصة عليه، وأصر أن يبقى راعيا ومغطيا لطغمة الفساد وكان من الظالمين، وسيكون من النادمين وسيكرر مقولته الخالدة لو كنت أعلم.."، فعلا هو كذلك وبالتالي لم يعي أن مشروع الصهيوني برنارد ليفي في بنغازي سيسرق القدس ويضيع أدلب وينهي الجولان ويهدد الضفة ويزعزع مزارع شبعا ، وأن خذلان قيادة الأمة ومشروعها في سرت ، سيعيد الحلم العثماني من الموصل إلى حلب ، وينعش الحلم الصهيوني من الفرات إلى النيل ، ويوسع المشروع الأمريكي الأمبريالي في حواضر العرب ، ويغري المشروع الفارسي من الضاحية حتى صنعاء ، ولأنه كذلك ..؟ لكونه لم يفهم أن تأييد تجميد عضوية الجماهيرية في الجامعة العربية، سيقذف بسوريا خارجها، ويجعل بيروت لقمة سائغة على طاولة الصراع الإقليمي، ورئيس حكومتها يحتجز ويجبر على الاستقالة من قصور الرياض، ويجعل الضفة الغربية صفقة للبيع بكعب إيفانك، ومن ثم فإن دعم قرار الحظر على ليبيا في مجلس الأمن، ووضعها تحت الفصل السابع، سيجعل دمشق وصنعاء وبيروت تحت قرارات ومؤامرات وأساطيل الناتو والصهاينة، وتجعل نتنياهو يجتمع بحكومته فوق هضبة الجولان.

تألمت كثيرا ..بل وتراجعت مشاعر حزني وتعاطفي مع مدينة الصمود وأهلها الشعب اللبناني الشقيق، وأنا أتابع بداخلي غضب وإحساس بالخزي من سلوك ووقاحة الرئيس الفرنسي وهو يعبث بسيادة لبنان رئيسا وحكومة، وبطبقتها السياسية الساقطة، التي سمحت له بالتحرك بكل حرية في أكثر من اتجاه، وكأنَّه الرئيس الفعلي لدولة لبنان، يجوب الأرض المنكوبة، ويتفقَّد أحوال “الرعية”، ثم يستدعي صفوة الصفوة من رؤساء الأحزاب من المعارضة والموالاة، ويضرب عرض الحائط بجميع الأعراف الدبلوماسية، بخطاب فيه كثيرٌ من الاستعلاء على شعب مستضعَف منكوب، كانت قد أنهكته أزماته التقليدية، وبات مهددا بالمجاعة حتى قبل الخراب الذي لحق بعاصمته.

 مع كل آسف تبقى الأمَّة العربية تحصد الآن نتائج سلبيّات العقود الماضية، وأخطر هذه السلبيّات هو تصاعد دور الطائفيين والمذهبيين والمتطرّفين العاملين على تقطيع أوصال كل بلد عربي لصالح مشاريع أجنبية وصهيونية، سلامتك يا وطن العروبة ..!!