حرية فردية أم إتباع الهوى

مقالات عامة
الكاتب: 

الكاتب ناصر خليفة

كاتب حر
الخميس, يونيو 25, 2020 - 07

 منذ أيام قليلة كتبت على صفحتي ب"الفيسبوك" ما يلي : "الحرية الفردية" هي أداة تخدير كبرى لإغفال الحرية الاجتماعية . فإذا كان العُري والشذوذ حرية فردية فللمجتمع "حرية اجتماعية" لا تقبل أي انحرافات تحت شماعة "الحرية الفردية المُضللة"

 

لم أقصد بكلامي هذا سوى حرية المجتمع وحقه في الحفاظ على الشكل الاجتماعي الذي هو طابعه الأصيل، وبما يتطلب من الأداب العامة والأخلاق والقيم الاجتماعية التي هي طابع متأصل في أغلب المجتمعات الشرقية والعربية تحديدا. كتبت من قبل في قضية الأخلاق وتعارضها مع الظواهر الجديدة التي يريد أصحابها أن يجعلوا منها نمطا جديدا يسود مجتمعنا بحجة أنها حرية شخصية ولا تتعارض مع الشرع ولا الدين ولا القيم والمبادئ ويضربون بكل الأخلاق عرض الماضي والحاضر! .

 

في مقالاتي السابقة عن القيم والاخلاق كنت دائما احيلها لكونها قيم إنسانية واجتماعية، ولا أُعرفها من خلال منظور الدين والعقائد، رغم أن الأديان أسست قواعدها على الأخلاق والقيم الإنسانية التي لا بختلف عليها أحد، لكن بمجرد أن أُحيلها للدين فسرعان ما يهاجمني بعض الزملاء والأصدقاء، من الذين يبدو عليهم أن لديهم مشكلة مع الدين والدين الاسلامي بتراثه على وجه الخصوص . لن اسمي اشخاصا بعينها بل اوضح وجهة نظرهم وردي عليهم في هذا المقال الذي بين ايديكم . في "البوست" الذي أشرت إليه سالفا، لم اذكر الدين ولا التراث ولا تشريعات المعتقدات الدينية في الأخلاق، فقط أشرت إلى اعتراضي على إحالة العُري والاباحية والمثلية والشذوذ الجنسي إلى منصة"الحرية ! فكيف يتقبل المجتمع هذه الممارسات الفاضحة التي تثير الغرائز الرخيصة علنا فما قضايا التحرش وجرائم الاغتصاب إلا بسبب هذه التجاوزات غير الاخلاقية ! أكدت ومازلت أؤكد على أن تلك الحرية تتعارض تماما مع الحرية المجتمعية ومع حق الأغلبية في إستنكار مثل هذه الممارسات والسلوكيات . لكن هيهات أن يمر هذا الكلام بدون قذفه ثانية في وجه الدين، والدين الإسلامي فقط !.

 

بعد نشر البوست وجدت تعليقاً من أحد الزملاء -المشار إليهم في صدر المقال- وكان له تعليقا صادما لي وللآخرين، ذكر زميلي في تعليقه اسم كتاب -عنوانه يخدش الحياء تماما- كتاب منسوب للإمام السيوطي ! اراد زميلي أن يثبت أن لا أخلاق ولا قيم في الدين! اراد أن يقول هذا كتاب "جنسي" لصاحب كتب تفسير القرآن !، بالطبع ما كان علي سوى الإسراع بحذف التعليق وصورة غلاف الكتاب المذكور . تحدثت معه على "الخاص" ودار بيننا حديث كان ملخصه تمسكه الشديد بأن هذه الممارسات هي من باب الحرية الشخصية ولا تتعارض مع حرية المجتمع، ولا بأس في أن يدافع كل منا عن وجهة نظره في مفهوم الحريات سواء من منظور ديني أو منظور اجتماعي وأخلاقي .. أود أن اختم مقالي بتعريف للإمام الغزالي عن الاخلاق والقيم حيث يقول : الخُلق عبارة عن هيئة في النفس راسخة، تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فأن كانت الهيئة تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلاً وشرعاً، سُميت تلك الهيئة التي هي المصدر خُلقاً حسنا، وأن كانت صادرة عنها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي المصدر خُلقاً سيئاً إذن الخُلق هيئة النفس وصورتها الباطنة" ، ويعرف الغزالي أيضاً 'الضمير' بأنه : "صوت ينبعث من أعماق الصدور، آمراً بالخير أو ناهياً عن الشر " .


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0