سورية جنة الله في الأرض

مقالات عامة
الكاتب: 

محمود الجبوري

كاتب حر وشاعر
الأحد, يوليو 12, 2020 - 16

سورية بقعة مباركة حباها الله من نعمه الشيء الكثير و الق متجدد على طول الدهر و واحة فوّاحة العطر نشمّ منها عبق الماضي التليد ، و هي خلاصة تأريخ العالم ، في تل المريبط عثر على اقدم سكن بشري في العالم يعود الى الألف التاسعة قبل الميلاد ، لها ماضي ضارب في عمق التأريخ بدأ من رأس شمرا (اوغاريت) 7500 ق.م في الّلاذقية و هي اوّل ابجدية في العالم و مملكة ماري 3000 ق.م في البو كمال و ايبلا ( تل مرديخ) 3000 ق.م في ادلب ، من سورية انتشرت الّلغة الآرامية و استوطنها الآراميين ، زنّوبيا ملكة تدمر في زمن الغساسنة 150 ق.م بسطت حكمها على آسيا الصغرى و بلاد الرافدين و مصر و الشام ، عن القيمة الحضارية و التاريخية لسورية قال عالم الآثار الفرنسي اندريه بارو ( لكل انسان متحضّر وطنان وطنه الأمّ و سورية ) ، دمشق حاضر سورية وماضيها تعني الأرض المسقيّة ، وصفها الرحالة و المؤرخ ياقوت الحموي بقوله ( ما وصفت الجنّة بشيء الّا و في دمشق مثله) ، وعلى انزه مكان فيها على سفح قاسيون يرقد آمنا (محيي الدين بن عربي) ، سورية صمدت في وجه الغازي (الأسكندر المقدوني) و القياصرة (قسطنطين ) و(تبغران الكبير) ، مواقع التراث العالمي الثمانية عشر نشرت اطايبها على ثراها ، معبد (بعل شمين) و قلاع صلاح الدين الأيوبي و ابواب دمشق القديمة مازالت شامخة و صامدة بوجه الريح السوداء ، بالأمس انجبت فحول الشعراء (ابو تمّام) و( البحتري) و ارضعت الفلاسفة (ابو العلاءالمعرّي) ، خرّجت رجال اشدّاء و نساء صنعن التاريخ باتوا رموز للوطن و مشاعل في طريق المجد كشيخ المجاهدين و بطل سورية القومي السلطان باشا الأطرش (1888 ـــ 1982) الذي قاد الثورة السورية الكبرى و الثائر الشيخ (صالح العلي) و الثائرة (نازك العابد) ، الموروث الديني لها  يحدّثنا بأن انطاكية كانت مهد المجتمع المسيحي في القرن الأوّل و من دمشق بدأ بولص الرسول رحلة الأيمان و اصبحت سورية مرجعية للطائفة الآرثو ذوكسيّة المسيحية ، دعاة النهضة العربية و قادة التنوير كانوا سوريين بإمتياز منذ عبد الرحمن الكواكبي (1849ــــ 1902) المصلح والمفكر و بطرس البستاني المنفتح على الأسلام و ساطع الحصري ( 1880ـــ 19689) المفكّر و فرح انطون ،ثقافيا كانت سورية و مازالت مرضعة للثقافة و الأدب والفنّ ، باكورة منجزها الثقافي هي الصالونات الأدبية كصالون مريانا مراش (1849ـــ 1919) و صالون (اليس قندلفت) عام 1942 الذي انطلقت منه الحركات والأحزاب ، (ابو خليل القبّاني) اسس اول مسرح 1871 ، و (مارون النقّاش) افتتح مسرح صغير في بيته في وقت مبكّر ، السينما في سورية ابصرت النور 1927 و اوّل مهرجان سينمائي في الوطن العربي اقيم على ارضها 1956،  ،اليوم  نعرف بفخر (محمد الماغوط)و(ادونيس) و (بدوي الجبل) و(نزار القبّاني) ونمرّ مرّ الكرام  على  (حسني الزعيم)و(سامي الحنّاوي) و(اديب الشيشكلي ) ، تفرّدت (اسمهان) آمال فهد الأطرش(1917ـــ 1944) بصوتها الجميل و تغنّت (ميّادة الحنّاوي) بسورية و مجدها و انشدت للجواهري قصيدة (جبهة المجد)   ، الهمت الشعراء العرب الكبار كالشاعر العراقي (محمد مهدي الجواهري) الذي اشاد بسورية في ابياته التي غدت انشودة وطنية يرددها السوريين اليوم و الشاعرالعراقي (عبد الرزاق عبد الواحد) الذي كتب قصيدة  (شكرا دمشق) ، تتوجت دمشق 2008 كعاصمة الثقافة العربية ، الكرامة والصمود وجهان لعملة واحدة تمثّلت في سورية قلعة النضال و جبهة المجد و شجرة باسقة روّتها دماء الشهداء .