غداء اليوم لحم ابيك ! --

الكاتب: 

سلمى سمك

كاتبة
الأربعاء, مارس 18, 2020 - 06

كان هناك مكان ، سكانه يعيشون في هدوء ، معروفين بالسعادة الدائمة ، متعاونين في اعمالهم ، و لكن دوام الحال من المحال..! تمر عصور ، و تذهب السعاده ، و تُنزع البركة ، و يسوء الحال .. و هل سوء الحال يجعل الانسان يصل لهذا الحد !؟ دعنا نروي القصة -- هذا المكان كان جنة الله على الارض ، كثير البركه والخير ، ولكن شاهد الكثير من الاستعمارات التي جعلت البركة تنعدم ، ظلت الاحوال تسوء وكان كل عصر يعتقد انه أسوأ من العصر الذي قبله ، حتى جاء الوقت لم يأتي مثله في الظلم والقهر والفساد إن هذا المكان "مصر" و إنه عصر الدوله الفاطميه . -- حيث يذكر التاريخ الفساد الذي حل بالدوله الفاطميه ، التدني الأخلاقي والديني و الاقتصادي و السياسي ، ولكن هذه الاحداث لم يُذكر لها مثيل ، و لم تشهد مصر ابشع من هذه الفتره في تاريخها حيث في يوما من الايام استيقظ الناس للعمل ، لم يجدوا ماء في النيل ! انعدم منسوب المياه ، لقد جف النيل! انها كارثه بالنسبه لمصر و لكن كان هناك خزائن المياه ، فلم يشعر الناس بالرهبه ، حيث كان الجهل يعم في ذلك الوقت فلم يستوعبوا حجم الكارثه التي وقعوا بها ، وكانوا يعتقدون ان هذا سيستغرق ايام قليلة ثم تذهب هذه الغمامه وتعود الحياه لطبيعتها -- اذا بهذه الغمامه تطول ، خزائن المياه اوشكت على النفاذ ! ماذا سيحدث !؟ اخذ الناس يسألون الوالي ماذا سنفعل!؟ و لكن الوالي لم يعاونهم ، لقد تركهم في محنتهم ، فهو يضمن انه لن يقع عليه الضرر مرت شهور جفت الأراضي الزراعيه ، مات الزرع و اصبح الغذاء الوحيد هو لحوم الحيوانات و شراب بولها و لكن لم يطل الامر ، لقد ماتت الحيوانات بسبب قلة الطعام والشراب فكانت هذه هي الكارثه الحقيقه ، ليس هناك طعام!! بدأ المصريين يأكلون القطط والكلاب والذئاب و الفئران في الشوارع ، و يأكلون الحيوانات الميته ، و قلت حيوانات الشارع بنسبة كبيره -- انتشرت الامراض بين الناس ، وبدأت جميع الحيوانات تنفذ ، طلبوا المساعدة و لكن لم يستجيب احد ، فأضطر المصريين لارتكاب ابشع جريمة في التاريخ من يموت يُأكل ! كلمات لا يتحملها العقل ، عش في خيالك لدقيقه واحده هذه الحياه !! من يموت فهو وجبة اليوم ! بدأوا التجارة في الجثث ، فكانوا يتسللون ليلا ويسرقون الجثث ، ثم يبيعونها اصبح امرا في غاية السعادة عندما يصبح في بيت احدهم ميت ..! ولكن لن يكتفوا ايضا ، فالاموات عددهم اقل بكثير من الاحياء لم يكفهم الجثث التي في القبور ، لم يكفهم الاموات التي لم تدخل القبور فأضطروا إلي فعل ما هو ابشع من ذلك ، وهو اكل لحوم البشر احياء ! لقد شاهدنا افلام عن آكلين لحوم البشر ، و لكن انها حدثت في مصر بالفعل ..! اصبحت الام تذبح طفلها الرضيع لتطعم الكبير ، إذا مرض احد افراد المنزل اصبح وليمة اليوم حتى و إن كان الاب او الام كانوا يخطفون الناس من الشوارع ليأكلوهم بلا رحمه ، كانوا يقطعون من لحومهم احياء كان الاب اذا شعر بالأسى اتجاه ابناءه قبل ان يقتلهم يستبدلهم مع ابناء جيرانه حتى يريح ضميره ! وكان هناك طرق شتى للصيد ، فالطريقه المعروفه هو ان يقف احد علي سطح المنزل و يسقط حديده على رأس احد الماره ثم يبدأ بالسحب فيه و كان هناك حكاية ان رجلا كان يقف على سطح منزل و اسقط الحديده على جسد مرأه وبدأ في السحب ، ظلت تصرخ حتى ينقذها احدهم ، فأخذها ذلك الرجل الي منزله وظل يقطع من لحمها بالسكين وهي مازالت تصرخ ، سمعها الجيران و اقتحموا المنزل ، وعندما رأو ذلك المنظر فعلوا ما لا يتوقعه احد لقد بدأوا في اكلها ، ثم قتلوه و تشجاروا في تقسيم جثتة!!! سمع الوالي بتلك الحادثه فأصدر امراً بمن يرتكب هذه الجريمة "اكل اللحم البشري" سيسجن ويقتل ويصلب امام الجميع ، و لكنه نسى ان من يصلب سيسعي الناس لاكله! و اصبحوا يتعدوا على الجنود فمن يعترض طريقهم يأكلوه اصبحت مصر ارض الدماء! -- و لكن لم يطل الامر مع الوالي ، فالماء عنده انتهى والطعام اوشك على النفاذ ، اذا ماذا سيفعل!؟ هل سيتذوق الظالم من ظلمه ! عندما شعر الوالي ان الضرر سيلتهمه ، فكر مسرعا ماذا سيفعل ! -- عزم الوالي كبار التجار من المناطق المجاوره على العشاء ثم امر الوالي جنوده ان يجلبوا المجرمين من السجون ، عندما اتوا له ، امر بجعلهم يرتدوا ملابس عالية الجوده و حليّ ،، ماذا فعل بعد ذلك !؟ بعدما حضر كبار التجار وجلسوا ليتناولوا الطعام اذا بالوالي امر بإدخال اول مجرم قائلاً "ادخلوا التاجر الاول" ، عندما دخل قال الوالي اين تخزن القمح!! قبل ان يرد التاجر امر الوالي بقطع رقبته ، وهكذا فعل مع الثاني ثم الثالث ثم الرابع ففزع التجار فأمر جنوده ان يحاصروهم ، فأعترف التجار مسرعين على اماكن الغله و القمح و ذهبوا ليأتوا بهم و قاموا بتوزيعهم في البلاد و اذا بالمفاجأه ان النيل يعود مره آخرى إلى ما كان عليه! بعد ان مات اكثر من اثنين مليون في فتره لا تزيد عن سبع سنوات! هذا الوالي هو المستنصر بالله ، وهي نهاية الولايه الفاطميه وكانت مصر في يوما من الايام مسكن لآكلين لحوم البشر -- ولكن لو تعاون الشعوب المجاوره مع الشعب المصري كان حدث ذلك ؟ لو كان هناك عدل وانتشر العلم بدلا من انتشار الفاحشه كانوا سيخرجون الماء من الابار والعيون ، هل كانت ستحدث تلك المأساه ؟ عندما طبق العدل في النهايه عاد النيل و عادت الحياه إلى طبيعتها وهل ستتكرر تلك المأساه مره آخرى ؟

 

 


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0