"مصر .. وإدارة الأزمات"

مقالات عامة
الكاتب: 

الدكتور علاء عزت

كاتب حر
الجمعة, يوليو 17, 2020 - 17

 

متابعاً لأحداث إنفجار خط أنبوب إمداد المازوت بطريق مصر الإسماعيلية .. ومُسترجِعا ما مرت به مصر مؤخرا من أزمات .. وما نحن بصدده من تآمرات وتحديات .. وُجِد أن هناك عوامل مشتركة فى ما سبق وما قد يلحق من أزمات في مصرنا المحروسة حفظها الله من كل سؤ .. فقد كان التناول الأحادي لأي أزمة او حادث او مشكلة هو العامل المشترك بل وقصور الرؤيا الخططية والإستراتيجية في علاج الحدث  -  تدني الإستعداد الإستباقي لما قد نواجهة من اي طارىء بمختلف المجالات – غياب ثقافة الخططية المستقبلية بناءاً على الإمكانات الفعلية المتاحة بالقطاعات – إتباع سياسة رد الفعل دائماً وابداً بما نواجهه من أزمات - تمكن سياسة إرضاء المرؤسين للرؤساء في تناول الازمات بعيدا عن المفروض والمطلوب والصواب -  تفشي الإهتراء الوظيفي بكافة المجالات والوزارات مم أستدعى دائما الإلتجاء لتدخل القوات المسلحة لتقديم ناجز العلاج بعد تفاقم الأزمات – إنتهاج سياسة كبش الفداء لإلهاء الرأي العام وتوجيه القصور الى شخص وليس لكشف ومن ثم علاج أوجه القصور المزمنة بالمجالات - إنعدام التفعيل العملي لغرف الأزمات بكافة المرافق وإن وجدت فوجودها شكلي – القصور في معلوماتية حقيقة الأزمات وما يتبع ذلك من خطط تصحيحية علاجية لمنع التكرار – إختفاء التسيق بين الجهات المختلفة والوزارات المعنية في تناول اي قضية ثم الاعتماد على عامل الزمن ومتغيرات الحياة اليومية وضعف الذاكرة البشرية في علاج التداعيات النفسية لكافة الأزمات القومية ..

إن علاج اى  مشكلة او أزمة أوكارثة يبدا قبل حدوثها .. بدراسة كافة المعطيات والأبجديات التى يتناولها أي قطاع من القطاعات او إدارة من الإدارات أو مؤسسة أو هيئة تجارية أو صناعية أو خدمية أو سياسية .. فالدراسة المستفيضة  لطبيعة عمل القطاع ومدخلاته ومخرجاته وأوجة القوة وأوجة الضعف وكيفية تأمين سبل الدعم الللوجيستى والتغلب على أي محاولات داخلية او خارجية للتأثير على عمل ذلك القطاع .. ودراسة المتغيرات السوقية والسياسية الإقليمية والدولية وتأثيرها على ذلك القطاع والمعرفة المستقبلية بالمتغيرات المتوقعه ( إقتصادية – سياسية – عسكرية – مناخية ) كل ذلك يوفر قاعدة بيانية لبناء خطط مواجهه لما قد يحدث او يواجه هذا االقطاع أو المؤسسة من مخاطر او كوارث مستقبلاً أثناء التشغيل او أحداثاً للتخريب مع إعداد قاعدة تنشيط لتفعيل خطط المواجهة ليتم تفعيلها فور حدوث أي مؤشر مُنذر لبدايات أي أزمة او كارثة دون الإنتظار أو التفاجؤ بوقوعها فعلياً ..

وبالتالي فصحة المعلومات ودقتها والدراسة الصحيحة والجادة والعصريه لتحليلها وبناء سياسة وخطط العلاج للمشكلات أو الأزمات المستقبلية هي الأساس في نجاح خطط علاج الكوارث وذلك تجنباً للمثل الانجليزى الشهير : اذا فشلت في التخططيط فقد خططت للفشل .. 
إذاً فدقة المعلوماتية وقاعدة البيانات للتخطيط لإدارة الأزمات سيكشف أوجه الضعف والقصور والقوة ايضاً في القطاع أو المؤسسة أو حتى الإدارة .. مما سيؤدى منطقياً وفوراً ( وهو ما نتأمله في مصرنا المحروسة ) إلى تقوية الإيجابيات وتحسينها وعلاج القصور والضعف والسلبيات وتجنبها .. كما وأن التدريب على مواجهة الأزمات أو الكوارث في محاكاة للمستقبليات المتوقعة سيؤدي إلى تعظيم الإستعداد وتنمية روح التحدي في مواجهة الصعاب وتقوية الإنتماء وترسيخ قوة الإعتزاز والثقة بالنفس في لحظة المواجهة الفجائية الحاسمة وهو ما ننتقصة بمختلف القطاعات .. 

إن وجود غرف إدارة أزمات في كل وزارة وبكل مديرية تابعة وبالإدارة التابعة بكل مدينة في كافة الوزارات والقطاعات أصبح ضرورة  بل والتنسيق بين كافة الوزارات وكافة القطاعات والمؤسسات بكافة أنواعها بالدولة من خلال غرفة إدارة أزمات على مستوى المدينة وغرفة على مستوى المحافظة وغرفة قومية على مستوى الجمهورية ليترائس تلك الغرف رئيس مجلس المدينة ومحافظ الاقليم ورئيس مجلس الوزراء تِباعاً .. وهذه الرؤية والمنظومة تمثل درعاً لأمننا القومي وليس ترفاً أو كمالية شكلية أو إدارية إذا كنا ننتوي لمصرنا الأمن والنجاة في عالم تتلاطمه المتغيرات والكوارث الطبيعية والمفتعلة والمؤامرات الداخلية والخارجية بكل ثانية ..

وبطبيعة الحال فإن أبجديات وأساسيات إدارة الكوارث والأزمات معروفة وراسخة ويتم تحديثها دورياً بل وتكاد تكون يومياً تبعا للمستجدات والخبرات المكتسبة والمكتشفة نتاج حدوث وعلاج ونتائج بل خبرات مواجهة الكوارث والأزمات اليومية والحياتية على مستوى العالم بل وينعقد الكثير من المؤتمرات وحلقات النقاش الدولية بصفة منتظمة لتبادل الخبرات والخروج بالتوصيات الدولية لصالح البشرية..

 وبدراسة سابق أحداثنا التراكمية .. فإن إنشاء وزارة إدارة الأزمات لم يعد رفاهية او كمالية او شيئا إختياريا بل أصبح ضرورة حياتية حتمية قبل أن يكون أساساً إدارياً .. وهّمَّاً وأماناً قومياً يستدعي أخذ القرار للتصدي والعمل لإرساء أساسيات ذلك المفهوم والسبيل التنفيذي الإداري كضرورة قومية وبديهية وفورية لتفعيل المنظومة وترسيخ الفكر العلمي والعملي بكافة الإدارات بجميع الوزارات والهيئات والقطاعات العامة بل والخاصة في كل أوجه العمل بالدولة في مواجهة الأزمات والكوارث المستقبلية توقعاً وإحترازاً وإستباقاً .. إستعداداً .. حفظ الله مصر والمصريين ..

.