سيناريو وحصار قصة قصيرة  بقلم ناصر خليفة  (الجزء الثاني)

الكاتب ناصر خليفة
الكاتب: 

الكاتب ناصر خليفة

كاتب حر
الاثنين, نوفمبر 22, 2021 - 05

 كان الحاج مظلوم  يتكلم والدموع تنهمر من عينيه وقلبه يحترق حزنا وقهرا  .  يقول : الحرامي فضل كاتم على انفاسنا ولم يكتف بنفسه..! بل بعت وجاب أهله وناسه وملته من كل مكان ! ولما ضاق المكان عليهم بدأ الخسيس يساومني على غرفة تاني مرة بالكلام المعسول الخبيث، ومرة بالعراك والمناوشات، ومرات وبكل برود يحاول مصالحتي وارضائي بأنه يسيب لي حتة من الغرفة توصلني لأي منفذ مقابل إنه ياخد جزء جديد من البيت ! وكل ما اولادي يشتموه و يحتكوا به ردا على سفالته ووقاحته يجري على الشرطة ويشتكي ويستغيث مني ومن اولادي ! ويقول الحقوني اغيثوني من الراجل الارهابي هو واولاده !يعني ضربني وبكا وسبقني واشتكى ! هو ده حاله معانا من يوم ما احتل الغرفة يا بيه ! وكل مرة  تستدعيني الشرطة وبدل ما ينصفوني ويعاقبوه ويرجعولي حقي ؛ يقولولي ملكش دعوة انت مستقوي عليه ليه دا راجل غلبان وصاحب عيال وعاوز يعيش ويتعايشي معاك في سلام !! وبعد كده ياخدوا عليا اقرار بعدم التعرض ! اقول حاضر وامشي من قسم الشرطة  وارجع البيت الاقيه اولاده عملوا حجات مؤذية واحنا في القسم ! لقيتهم بانيين حيط بيني وبينهم وسايبين فيها فتحة علشان يبص علي ويراقبني اعمل ايه؟! افتكر الاقرار و اسكت .. 

واستطرد الحاج مظلوم وقال بصوت متحشرج ومقهور وحزين : كل شوية يبعت حد يقوللي : انت ظالم الراجل ده دا بيحبك وبيقول انه مش حرامي وإنه صاحب حق وإن الغرفة دي حقه وميراثه من جدكم ابراهيم الكبير وأنا كنت واخدها ظلم ! طيب فيه ظلم اكتر من كده يا بيه !؟ يعني يسرقني ويتهمني بالسرقة ؟! أراد مظلوم أن يكمل معاناته فقاطعه المذيع ممتعضا يقول: طيب طلباتك ايه يا حاج مظلوم ! وباختصار لو سمحت علشان وقت البرنامج أوشك على النهاية ! والحلقة كلها خلصت في حكايتك !؟ 

--الحاج مظلوم : اعمل ايه وأنا عايش حزين مقهور والغيظ واكل قلبي يا بيه؟!  وأغلب أولاد عمي  تركوني وبيروحوا من ورايا يسلموا عليه بيدخلوا عنده من شباك الغرفة من الخلف من غير ما اشوفهم .. باعوني للحرامي واتصالحوا معاه وعملوا معاه شغل كمان ومصالح ! اشترى ذممهم وضمايرهم اشترى منهم كلمة الحق وداس عليها وعطاهم كلمة الباطل علشان يتشروها ظلم وافترا ! وبدل ما يحاربوا الحرامي  بيحاربوني أنا ومتهميني بالتشدد والجهل والرعونة وعدم المرونة ! كان الحاج مظلوم يحكي باكيا ! 

قاطعه المذيع غاضبا يقول : طيب يا حاج مظلوم  أنا عاوز اقولك ان الشيخ خراش ترك الاستوديو ومشي الظاهر معجبهوش كلامك ! لكن انا هقولك تعمل ايه .. 

--مظلوم: قول انت يا بيه .. يمكن الشيخ قريب الحرامي ! قالها مظلوم ساخرا ثم تمتم بصوت خافت : القرايب عقارب ! 
-- قاطعه المذيع وقال: شوف طالما غيرك من ولاد عمك تصالح وبيروح وبيجي على الحرامي ليل ونهار  والدنيا حلوة .. تصالح انت كمان وظبط معاه وعيشوا سوى في سلام !؟
--الحاج مظلوم : طيب اعمل زيهم واتصالح معاه إزاي وهو سارقني  وقتل اولادي قبل كده ؟! طيب ازاي ازاي اتعايش مع عدو مغتصب .. ثم استطرد مظلوم : صحيح اللي ايده في المية مش زي اللي ايده في النار  !
-- المذيع بكل ضجر وغيظ : طيب يا مظلوم رسالتك وصلت بس عاوز اقولك حاجة .. 

-- قول يا بيه ..
-- المذيع بكل استهجان وتهكم : انت كنت معانا في برنامج خاص اللي بيموله هو الشخص اللي انت بتقول عليه حرامي ! اهلا بيك يا مظلوم في محطة(أولاد العم) برنامج (فتاوى على هوانا)
-- بُهت الحاج مظلوم وتكدر وثار وانفعل ثم أخذ يشتم ويسب : الله يحرقك انت والبرنامج والحرامي معاكم يا اولاد الخنازير .. انا كان قلبي حاسس من أول ماضحكت يا كلب يا خسيس يا خاين .. ظل الحاج مظلوم يتكلم بكل غصة وقهر ، لكن لا حياة لمن ينادي فقد انقطع الخط قبل نصف قرن ! . 

 •• قرأت القصة فكنت حزينا غاضبا ثم أعدت الهاتف لصديقي أحمد الذي قال : هل رأيت كم عانينا ولازلنا نعاني يا صديقي بل والأمر من ظلمنا أننا أصبحنا نحن الجناة وبعد أن كنا أصحاب حق اصبحنا لصوص وإرهابيين  ! ولا زال أعوان الحرامي ومؤيدوه والمنافقون يحاولون إخفاء تاريخ الأفعى السام ولا يُظهرون منها غير نعومة جسدها الظاهر، كما اخفوا تمساح الشر والوحشية وأظهروا دموعه .يخفون شراستهم وتوحشهم وعداءهم ويظهرون الضعف والخوف  . وها هم من جديد يضعون عصابة فوق وجوه أحفاد جدي الحاج مظلوم حتى لا يرون التاريخ  الأسود لهؤلاء اللصوص المجرمين.. إنهم يغرون شبابنا بأموالهم من جهة ثم يلوحون لهم بأسلحة القوة من جهة أخرى لإرهابهم وتخويفهم ! بعد أن عمل هذا اللص وأعوانه طيلة السنوات الماضية على إضعاف قوة عائلتنا وشتتوا كلمته، وفرقوا بينه وبين أبناء عمومته . ظل هؤلاء اللصوص كالحرباء تتلون كل لحظة لونا مختلفا وكالحية الرقماء بكل خبث ولؤم ومكر،،، والآن يقول هذا اللص الخبيث :  كلنا أبناء عمومة لجد واحد اسمه ابراهيم ! فماذا لو سألوا ابراهيم هل سيرضيه ما فعله -ولا زال يفعله- المجرمون ؟!  
ربت على كتفه متعاطفا ومؤيدا لعدالة قضيته وقلت له : انتم أصحاب حق ومهما طالت الأيام سوف يعود الحق لأصحابه .. ثم حاولت اضفاء الابتسامة على وجهه فقلت : يا عم انتم عيلة المظلومين فلكم من اسمكم نصيب .. فضحك ضحكة ممزوجة بالأسى وضحكت معه ثم ناديت عامل الكافية وطلبت منه تغييرالحجر لصديقي المظلوم  فضحك العامل وهو  يقول كلنا مظلومين يا باشا . 
كانت الساعة تقترب من  الواحدة بعد منتصف  ليلة شتوية شديدة البرودة .. افترقنا على وعد بلقاء آخر قبل أن يغادر صديقي القاهرة حاضنة المظلومين . 
 -- تمت هنا --


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0