مما لا شك فيه أن الأزمة العالمية التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية والتداعيات المتعاظمة في كافة المجالات وخاصة امدادات الوقود والغذاء التي أدت لتداعيات عديدة على مستوى دول العالم كافة قد جعلت الرئيس الأمريكي يعيد حساباته ويوجه أنظاره للشرق الأوسط لضمان تهدئة إحدى أهم الجبهات والتي كانت وما زالت تعتبر بؤرة للصراع والصدام على مستوى العالم.
وكما كتب في مقالته في صحيفة واشنطن بوست فإن أهدافه متعددة وقد لخصها في مكافحة الصين وروسيا وتطوير العلاقات التي ما زالت سرية بين إسرائيل والسعودية لضمان توحيد جبهة متماسكة ضد إيران، وكذلك إصلاح العلاقات الثنائية مع المملكة للتأكيد على استعدادها تغطية أي نقص في إمدادات الطاقة في الأسواق العالمية لا سيما الأمريكية وقد ذكر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هذه الملفات ستكون العناوين المركزية للزيارة وهي ذات الملفات التي تحاول الاستراتيجية الإسرائيلية التعامل معها وإن كان بأدوات مختلفة بل ومبتكرة هذه المرة، فإسرائيل التي تضع على رأس سلم أولوياتها مجابهة إيران في المنطقة وتعطيل برنامجها النووي بكافة الوسائل والأساليب وهي لن تترك أي وسيلة مهما كانت إلا وستدفع بها لساحة المعركة ضد إيران. من هنا جاء الاختراع الصهيو-أمريكي لما يمثله المشروع النووي الإيراني من خطورة على المنطقة العربية ودول الخليج بالذات هذه الفزاعة التي تستخدمها إسرائيل منذ سنوات، للدخول في لساحة الفعل في الإقليم وقد نجحت فعلا في تأليب دول المنطقة على إيران، وهي تعمل منذ سنوات بوسائلها الأمنية والعسكرية والسياسية لتحقيق الهدفين معا، فهي تريد التطبيع بلا أي مقابل وبذات الوقت هي تسعى لإنشاء تحالف أمني وعسكري ضد إيران وفي سبيل ذلك تحاول إسرائيل استخدام كل براعتها في لعبة العلاقات العامة لتسهيل الطريق للرئيس بايدن، ولمساعدته في التقليل من خسائره السياسية بعدما تراجع عن وعده بعدم زيارة السعودية ومحاصرة محمد بن سلمان وعقابه على اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، وفي سبيل ذلك تحاول استرضاء الفلسطينيين بمجموعة من الإجراءات الحياتية والاقتصادية والتي لا ترقى بأي شكل من الأشكل لأي طابع سياسي قد يكون بداية لتحرك سياسي حقيقي.
من خلال ذلك تكون إسرائيل قد حققت المكسب الأهم وهو محاصرة إيران ومن خلفها حلفائها روسيا والصين كما أراد بايدن وكذلك فتحت الباب على مصراعيه لكل المترددين في الذهاب للتطبيع معها، مما يعزز من موقعها الاستراتيجي الأمني والعسكري والاقتصادي في المنطقة، بذات الوقت تكون قد أظهرت أمام الرئيس الضعيف كرمها وعطاياها للفلسطينيين الذين تركوا لوحدهم في ساحة المعركة، هي بذلك تكسب المعركة في مختلف الجبهات التي تشكل للاستراتيجية الإسرائيلية لعبة أشبه بلعبة السيرك حتى أنها تسير عليها باطمئنان ودون أي رادع أو خوف
إضافة تعليق جديد