الإسلام ليس كائنًا ضعيفًا ولن يكون

مقالات عامة
الكاتب ناصر خليفة يكتب : الإسلام ليس كائنًا ضعيفًا ولن يكون
الكاتب: 

الكاتب ناصر خليفة

كاتب حر
الخميس, أبريل 6, 2023 - 05

الله واحد أحد والدين كلٌّ لا يتجزأ، والعقيدة واحدة والقرآن واحد، على رغم أنف مَن تحقق لهم مُرادهم الخبيث في جعْلها موزَّعة على عدة فِرق وطوائف ومذاهب تناقض بعضها وتعادي بعضها، بل وتحارب بعضها؛ لكي ينْفَذ المغرِضون الكارهون لهذه العقيدة من خلال منافِذ تلك الفِتن؛ ليصطادوا في الماء العكر والضباب المصطنع، بغرض تشويه الإسلام وإنقاص قدره، بعد أن نجحوا في تحويله إلى إسلام سُني، وإسلام شيعي، وإسلام صوفي، وإسلام علماني، وإسلام داعشي، وإسلام وهَّابي، وإسلام أزهري!

هذا هو الواقع وهذا هو ما أراده أعداء الإسلام لجعْلِه دينًا طائفيًّا فاشيًّا إرهابيًّا..
وفي الأخير أرادوا تغييب هذا الإسلام نهائيًّا فخرجوا علينا بمنتج ديني حديث أو بالأحرى "خلطة دينية جديدة"، بما أسموه "الدين الإبراهيمي"!

 منذ ما يقارب من ألف وأربعمائة سنة تُوفِّي نبي الإسلام محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم).

ولأنه كان خاتمًا للأنبياء وآخر رسل السماء، وبعد مرور تلك السنوات البعيدة أصبحنا بلا نبي ولا صحابة نبي ولا "حواريون ولا أسباط"؛ لذلك ظن البعض عن جهل، وربما كثير من الناس ظنوا أن الدين أصبح هو "الكائن المجرد الضعيف" كائن بلا سند وبلا عون، ولا حول له ولا قوة! وكأنه حاكم مهزوز مهزوم اجتمعت عليه الرعية ليفتكوا به ويعزلوه عن الحياة تمامًا! لكن هيهات هيهات؛ فهذا الدين الحنيف الذي أنزله الله وأقرَّه الواحد الأحد ليكون خاتمًا للأديان، ورسوله هو خاتم الرُّسل، ولأن الله موجود على رغم أنف الجميع، فهو المُتِمّ لنور دينه ولو كره كل من كفر به في السابق ومن المعاصرين واللاحقين وحتى قيام الساعة، فهو الدين الحنيف وإن الدين عند الله الإسلام.. لقد حسبوه بزعمهم دينًا هشًّا ضعيفًا متناقضًا، وحسبوا رسوله ساحرًا وقرآنه مكذوبًا! لأنهم ما قَدَرُوا الله حق قدره ولم يؤمنوا به حق الإيمان.. وها هم يصولون ويجولون يحسبونه هيِّنًا وما هو بالهيِّن، يخوضون في قرآنه وسُنَّته وشيوخه خوض البهائم في لُجج الوَحْل دون وعي ودون ضمير، لأنهم لا يريدون أن يكون هذا الدين معلِّمًا ومربِّيًا ومؤدِّبًا ومُنذِرًا ومحاسِبًا.. لا يريدون أن يكون الدين هو الحكَم بينهم، إنهم يريدون عالمًا فوضويًّا لا منهج ولا شرع ولا عقيدة ولا مبادئ ولا أخلاق ولا مُحلَّل ولا مُحرَّم، يريدون عالمًا بلا قيد سماوي وبلا شرط أخلاقي؛ ذلك لأنهم يُقدِّسون هوى النفوس المريضة و"تُراهات" العقول الخبيثة! يريدون إزالة كل ما هو سماوي لا قدسية ولا شرعية إلهية ولا أصول ولا تراث، يريدون حياة الغابات الهمجية كأن الإنسان الذي كرَّمه ربه لا وجود له، وكأن كل إنسان معاصر هو منفصل عمَّن قبله وربما لا يمتُّ بصلة لعالم الإنسان الذي خلقه الله وفضَّله على كل المخلوقات! فلقد وصل الحال ببعضهم أنهم يُنكرون وجود الله، ومن ثمَّ ينكرون كل ما هو غيبي من آخرة وجنة ونار!

حتى إنهم ينكرون قصة الخلق ويُحيلونها لدراسات بشرية لم يؤتَ أصحابها من العلم إلا قليلًا.. إنهم يُشكِّكون في القرآن، وفي أحكام الله في أرضه؛ فيفترون على ثوابت العقيدة ويجهلونها ويُهمِّشونها ويستهزئون بها، ومن ثمَّ يُجَهِّلون كلَّ من يتكلم باسم الله وباسم الدين والعقيدة وتشريعاتها! والله يقول: وما فرَّطنا في الكتاب من شيء.. وهم يقولون القرآن كتاب تاريخ ابن زمنه وزمنه انتهى! وينكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة وهاجموا التراث بصحيحه وضعيفه!
ومن يعارضهم أو يناقشهم في افتراءاتهم فهو جاهل وإرهابي وتابع للقطيع..!

وهم لا يدرون أنهم هم القطيع وأتباع القطيع، أتباع للذين يريدون إشاعة الفواحش والعُري والإباحية باسم الحرية الشخصية وباسم المدَنيَّة الحديثة! حرية الحيوانات في الغابات ومدنية المرأة المُحَرَّرة من عبودية الله إلى عبودية الشيطان الرجيم..
والله يقول لنبيه {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ}.

 يُحيلون كلَّ تخلف وكلَّ جهل في بلاد العرب إلى الدين الإسلامي! وهل كان فساد البشر وجهلهم وظلمهم بعضهم بعضًا مصدره الدين والقرآن؟! الله حكَم عدْل حرَّم الظُّلم على نفسه وحرَّمه على عباده؛ فكيف يقولون عن ظالم إنه يظلم بالقرآن ويستغل القرآن في ظلم الناس، وأن تجبُّره على الآخرين هو باسم القرآن وباسم الشرع؟!

لقد أحَّل الله للناس ما ينفعهم وحرَّم عليهم كل ما يضرهم، فهل كل المسلمين يعملون بالتحريم والتحليل كما أنزِل الكتاب؟! بالطبع لا، فكل ابن آدم خطَّاء والله يطلب منَّا الاستغفار؛ لأنه يعلم أننا نُخطئ ونُصيب ويعلم ما تُخفيه الصدور ويعلم كل شيء، فهو أعلم بنفوسنا التي قال عنها: {ونفسٌ وما سواها فألهمها فجورَها وتقواها}.. فهل من يرتكبون جرائم القتل التي نسمع عنها كل يوم بتحريض الدين والقرآن؟! بالطبع لا.. مَن يزنون.. مَن يسرقون.. مَن يظلمون.. مَن يأكلون حقوق الغير.. من يعتدون.. من يفتكون بالناس.. من يفتك بزوجته.. بأخيه.. بأبيه.. بأمه، من يأكل حق اليتيم.. من يأكل الميراث ويحرم أخواته البنات مِن حقوقهن.. مَن.. مَن.. مَن.. من؟!

هل كل هؤلاء يرتكبون معاصيهم وذنوبهم وجرائمهم باسم الدين؟ هل القرآن أوصاهم بذلك وأمرهم به؟!.. أَوَلَيْست تلك الجرائم وأكثر تُرتكَب كلَّ ساعة في مجتمعات لا تمتُّ لدين الإسلام بصلة لا من بعيد ولا من قريب؟! أم أنهم يُقلِّدون المسلمين في جرائمهم التي مصدرها الكتاب والسنة؟

 الله سبحانه لم يفرِّق في تشريعاته بين الذكر والأنثى في أي موضع من مواضع القرآن، الذي أنزله على عبده ورسوله، بل وجعل تلك التشريعات صالحة لكل زمان ومكان، خاصة في الحقوق والواجبات العامة والخاصة، وكل امرأة مؤمنة تعلم هذا تمام العلم، فلم تشعر بأي ظلم؛ فهي تدرك تمامًا أن الظلم هو من البشر وليس من الله، الظلم من البشر وليس من عند الله.. أفلا تعقلون.. أفلا تتفكرون.. أفلا تفقهون.. أم على قلوب أقفالها؟! فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ

يا سادة، اتقوا الله و ضمائركم إن كانت ضمائركم ما زالت باقية!
الله موجود بعدله في كل زمان ومكان على رغم أنوفكم وعلى رغم كفركم به..
الله الذي تتهمونه بالظلم -وحاشاه فهو العدل سبحانه منزَّه عن كل نقص وظلم وعيب- هو الذي خيَّر البشر -وهم عباده- بين الإيمان به أو الكفر! فكيف يفرض على من آمن به تشريعات ظالمة جائرة؟!
 ما أشبه الليلة بالبارحة  فقد كُذِّبت كل الرسل من قبل..  (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ) (وما نراك اتَّبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي).
لقد اتُّهِمت كلُّ الرسل وأتباعهم بالسفاهة والجهل والجنون والسحر والكذب.. 
فقل ما شئت وافعل ما شئت!
واطعن في الدين كما شئت وبما شئت فلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.. وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِ الله فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا.. تلك معيشتكم التي ارتضيتموها لأنفسكم وهي ما تستحقون.. 

والله المستعان على ما تصفون.