كل شيءٍ بقضاء، من ربِ الأرضِ، والسماء، ومكتُوبٌ، ومقُدر، فَبين عَشِّيَةٍ أو ضحُاها، وفَجَأةً كوميضِ البرق رحلت عن الدُنيا راحتي، وروحِي، وريحانتي، وخَرجت روحها الزكية، ونفسِها العزيزة الكريمة لدار الخلُود، والقرار، تلك الدار التي لا تعب فيها للمُومن، ولا نَصَبَ، ولا وصَبَ، فالدنيا تُّمُرَ، وتضرُ، وتغَُر؛ فَحينما رحَلت أمُي جنَتي إلى الجنة إن شاء الله مع من قال الله عز وجل فيهم: "إن المتقين في جناتٍ ونهَر في مقعدِ صدقٍ عند مَليِكٍ مقتدر"؛ غادرت روحها العاطرة السَابِقة السَباقة للخير السامِقة الباسقة الطيبة من أماَمنا سريعًا؛؛ فأظلمت برحيلها حياتنا، وأيامنا، وأوجَلتَ، وحزِنتَ ديارنا، وحَشْرَجَتْ رُوُحَنَا وأظلمت الدار؛ وأُطفأت الأنوار، وانكفأت القُدور، وتوقف الفرحُ، والسُرور، وانكسر القلب، ونَطَمَرَ، وصار دمعُنا منهمرٌ، وحُزنَنَا كالمطَر، وكل يومٍ جرحنا لا يندمِل، ولا يَنَدثِر، ويَتكَاثُر، ولما زُرناَ الأحباب في المقَابِر، وجلسنا بِجوار القبُور، ورأينا هنُاك كُل عَابرٍ، وغابرٍ، ومن كان في الحياة قادِر، وكلنا لهذا المصير صائِّر، وعلى الناس تدور الدوائِر، وليس للِموُحِد إلا أن يبقي صابر، ومُثابر، وذاكَر، وشاَكِر، رغم الألم الأليم الذى ألم بنا لما غادرتنا روح أمُي الجميلة الرقيقة الراقية الأنيقة عند الأطهار الأبرار؛ وذهبت معها عنا الأفراح، بارتقاء أجمل الأرواح، لكنها لم، ولن تذهب أدراج الرياح!؛ لأن الأبرار لفي نعيم فلقد قدمت أجمل الثمر، وتركت طيِب الأثر، وأجمل الأزهار، فكان لها كرامات، وعلامات مباركات، فكانت تري دومًا نور يَمُر من أمامها،، فأولئِك الأنفس الطيبة رجعت لربِها راضيةً مرضية، وهُم عند ربهم لا خوفٌ عليهم، ولا هم يحزنون مُكَرمُون آَمِنُونَ..؛ وهكذا هي الدُنيا لا تدوم لأحَدَ، وصدق من قال: "إن الدنيا اذا حلت أوحلت،، واذا كست أوكست،، واذا جلت أوجلت،، واذا اينعت نعت،، واذا جفت اوجفت !!!؟ وكم من قبور تبنى، وما تبنى،، وكم من مريض عدنا، وما عدنا، وكم من ملك رفعت له علامات فلما علامـــات"؛؛ وإن الدنيا إذا أقبلت بلت ، وإذا أدبرت بَرت، وإذا أطنبت نبت، وإذا أركبت كبت، وإذا حلت أوحلت، وإذا أبهجت هجت، وإذا أسعفت عفت، وإذا أينعت نعت، وإذا أكرمت رمت، وإذا عاونت، ونت، وإذا ماجت جنت، وإذا صالحت لحت، وإذا بالغت لغت، وإذا ولهت لهت، وإذا سامحت محت، وإذا واصلت صَلتَ، وإذا وفرت فرت، وإذا توهت وهت، وإذا بسطت سطت؛؛؛ ويظل الرجل طفلاً حتى تموت أمه فإذا ماتت شاخ فجأة!!؛ فالكل منا يعيش أميرًا في مملكة الأم، فإن ماتت أمهُ يعيشُ كلاجئ غريب ليس له وطن؛ وكالعطشان لا يجد من يَبِل له الريق، وكالغريق لا يجد مُنقِّذ، وكمن ظل الطريق وليس له رفيق!!؛؛ وبِموت الأمُ يحلُ الظلام، وينتهي الكلام، ويصبحُ الحلو مُراً، والمُرُ عَلقمًا، وتموت البهجة، بموت الأمُ جنة الدنيا، وريحانتها، ويصبح عندنا الليل كَالنهار سيان؛ فرحم الله أمي، وأبي، ورحم الله كل من فقد أجمل ما في دُنياه أمهُ، وأباه، وأسكنهم جميعًا فسيح جناته في العلياء..
الباحث، والكاتب الصحفي، والمفكر العربي الإسلامي، والمحلل السياسي
الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر/ محمد عبد الله أبو نحل
عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر، رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين
الأستاذ، والمحاضر الجامعي غير المتفرغ/ غزة ـــــــ فلسطين
رئيس الاتحاد العام للمثقفين، والأدباء العرب بفلسطين
إضافة تعليق جديد