هنا تُكتَب صفحة في مجلد تاريخنا، هنا تنحني الهامات، هنا ترفع القبعات لأسرانا الستة القابضين على الجمر صبرا وصمودا في غياهب السجون وعتمه الزنازين، كما باقي رِفاقِهم.
المرابطون في ساحات العز ّةِ والمجد، الباذلون أعمارهم عطاءً و فداءً لهذه الأرض في جبهات التحدي و الصمود، أثلموا جبين الشمس بأزاميلٍ من الحقّ صُبَّتْ.
الذين كَشفوا زيفَ الإحتلال؛ أضحوكة الزمان و المكان ورفعوا راية الأمة بعلياءِ، بأحرفٍ من نور صاغوا معاني الحرية والإباء.
أنتم الرجال الرجال، وأنتم الفخر، وأنتم صرخة الحرية التي نشلتنا من سباتنا، حقاً أنتم الصوّان الذي عَزّ ثباتاً وإرادة، المُحتَدِّ كرامةً، الحادّ طيبةً، النقاط التي أُعيدت لحروفنا الثورية.
هاماتُكم لأحلامنا المُجهضَة قهراً استَنْهَضَتْ، عنفواناً وسؤدُدا فينا انتفضت، هديراً بالكرامةِ تضحياتكم دوَّتْ، لِعباب الهوان واليأس فعلاً مزلزلاً شَقّتْ.
يا مَنْ سطّرتُم للتاريخ عظيم ما يُروى، للبطولةِ والفداء غدوتم القدوة، لكل حُرٍّ وعاشقٍ لتراب الوطن مفترشا.
كوجه الصبح على العرين تُطلُّ جباهكُم، وبعبقِ الياسمين على العالم تفوحُ.
أيُعقل أن يتفوه الكَلِمُ، مهما صَخبتْ نبرته، وبلغتْ حروفه، ومَتنّ نصه، علّهُ يقارِب الفعل الملحمة، أو المعجزة !
وإن كنا سنلفظ كل التعاريف بحثاً عن أخرى جديدة وأوصافٍ لم تُهدَر، فماذا بمقدور حناجرنا عن هؤلاء الأقمار الفلسطينية " محمد ومحمود عارضة، وزكريا الزبيدي وايهم كممجي، ومناضل نفيعات ويعقوب قادري" أن تنطق.
حقاً؛ لقد أدهشتم الدهشة، وأعجزتم قواميس اللغة البليغة عن انتزاع مفرداتٍ لواقع حالكم صِيغَتْ !
حقاً؛ بالعجز أثقِلتْ أكتافنا، ولا لغةٌ لِمعجزتكم التي زاملت تخوم المستحيل نجدُ، تلك التي اجتزتموها، وورائكم قزّمتُموها، هل لنا أن نصف ملحمة تعجز كل الألوان عن تعميق وهجها !
تعالوا؛ علّنا نبتكر لغة تستوي وحروف هؤلاء الأحرار ، ومفرداتٍ تنسجم وقيّم هؤلاء الثوار ، وتعبيراتٍ توازي بلاغة هؤلاء الأبطال ! لكن كيف؛ واللغات بكلها تلهثُ انبهاراً بحرفكم !
طوبى للجبال الشامخات صبراً في الباستيلات الصهيونية، تلك المقفرة إلا من كرامتهم.
الانتصار لحريتهم واجب علينا، ولهم علينا حق الدعاء، ليكونوا دوماً حاضرين بيومنا بسقينا وحتى شهيقنا، إلى أن تكون عودتهم، إلى أن يبثوا الدفء في منازلنا وجدرانٍ بصقيع غيابهن شُرِختْ، فهذا يومٌ مهما طال فإنه حقٌ بإرادة الله نافذ، وهو يقينٌ في قلوبنا خالد، ووعدٌ لنا من الرحمن باقٍ ” إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً".
ملاحظة :
ستبقى جنين القسام أرض الشهداء الأخيار والرجال الغرّ الميامين، أرض الثوار الأحرار ، وقود الثورة ، وأهلها بالتاريخ الناصع ثبتوا، وتاج شرف يزن يشرق فوق جبين الوطن حاضراً ومستقبلاً، ومنارات مضيئة تستلهم منها الأجيال الأمل وشيم التضحية والوفاء، بطولاتهم وقصص كفاحهم، وتضحياتهم لا ينكرها إلا من ينكر ضوء الشمس في وضح النهار او جاحد أو غبي ؟
إضافة تعليق جديد