« صرنا غرباء » قصة الدكتورة وفاء عبد النبي المزين

صرنا غرباء
الكاتب: 

وفاء عبد النبي المزين

باحثة الدكتوراه - مصر
الجمعة, يناير 8, 2021 - 20

كان بالنسبة لها كل شىء؛ فلم يكن فقط الأستاذ والأخ بل أيضا الحبيب.  فقد كانت تحبه فى صمت وتعشق كل تفاصيله؛ ضحكاته، وحركاته، ونظراته، وحنانه حتى غضبه فقد كان أول من كان يحنو عليها بعد فقدانها لعائلها كما أنه أول من داعب أنوثتها حينما كان يثنى على جمالها. ولكن لم تكن مشاعره على نفس الوتيرة؛ فقد كان يكرهها ولا يكن لها إلا كل مشاعر البغض والحقد، فقد كان يتعمد تحقيرها وإهانتها والتقليل من شأنها أمام الجميع ولا يرى فيها الا كل قبيح رغم أنها كانت شخصية ناجحة وخلوقة ومتميزة، كان يكره فيها قوة شخصيتها وعزة نفسها وثقتها بنفسها وعدم التقرب منه والتودد اليه ونفاقه مثل الباقيات فقد اعتاد على ذلك بحكم أنه رئيسهم فى العمل، وهى شخصية مستقلة لا تجيد فن التملق ولم يقتصر الأمر على الإهانة وهضم حقوقها وتعطيل كل أمر له علاقة بها بل وصل الأمر لأذيتها فى عملها بما يهدد مستقبلها والإساءة لها وتشويه صورتها أمام الجميع ونقلها لقسم آخر مع عدوه حتى يبعدها عن ناظريه ولا تعمل معه، كانت منهارة من تصرفاته غير المبررة وكم سامحته قبل موقفه الأخير ولكنه كان يتمادى فى ظلمه حتى وصل الأمر للتهديد بضياع مستقبلها وتخلى عنها عندما سدت كل الطرق فى وجهها ولكن أنقذتها عناية المولى فقد أراد الله أن يفترقا وتصبح تحت رئاسة غيره، ومن كرم الله ولطفه أن رئيسها الجديد كان إنسان دمث الخلق كريم فقد أنقذ مستقبلها وكان يقف بجانبها دوما ويحسن معاملتها حتى نجحت وتألقت فى عملها وحققت انجازات لم يحققها رؤساؤها ثم جمعتها الظروف بمن كان حبيبها فى أحد الاجتماعات ورأته بالصدفة وكانت نظرات الندم والحسرة بعينه وكم حاول كثيرا أن يتودد لها ويسترد علاقتها الطيبة معه وكانت نظرات الحب تملأ عينيه ولكنها لم تستطع نسيان جرحه لكرامتها وإهانتها وأذيتها وتشويه صورتها وتخليه عنها، فلم تعيره أى اهتمام وكانت تترك أى مكان تجده به، ولو تقابلا صدفة فى أى مكان تواصل طريقها وكأنها لم تراه وكان هذا يجننه ويعذبه، وكم كانت تستمتع عندما ترى ذله وعذابه فاخيرا ذاق من نفس الكأس، وفى آخر محاولة منه لاستجداء عطفها وإسترجاع مشاعرها نحوه قالت له عذرا فات الأوان؛ فقد صرنا غرباء.


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0