سورية ارث لسبعة آلاف سنة من التاريخ و الحضارة و بلد تلاقحت فيه الثقافات و الأديان و هي لا تقلّ شأنا عن مصر و العراق إذ انجبت عدد من روّاد النهضة العربية نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين منهم :
1 ــ عبد الرحمن الكواكبي (1849 ــ 1902)
مفكر اسلامي عروبي ، ربط النهضة الأسلامية بدور قيادي للعرب من خلال انتزاع الحكم من العثمانيين و اسقاط الأساس الفكري الذي اقاموا عليه الحكم ، تأثّر بالمفكر الأيطالي فيتر الفيري (1749 ـــ 1803) الذي نشر كتاب بعنوان (الأستبداد) و نقل فقرات منه و اورد اسم (الفيري) في كتابه (طبائع الأستبداد) ، الكواكبي يقصد بكلمة الأستبداد هو الأستبداد السياسي و الديني بقوله (ان لم يكن هناك توليد فهما اخوان و ابوهما التغلّب و الرياسة او هما صنوان قويّان بينهما رابطة الحاجة على التعاون لتذليل الأنسان ) ، يرى انّ العرب هم انسب الأقوام لأن يكونوا مرجعا في الدين و قدوة للمسلمين و انّ العرب وحدهم من بين جميع المسلمين هم القادرون على تحقيق الأزهار الديني (الوحدة الروحيّة للمسلمين ) ، الكواكبي اعتمد مبدأ الدفاع عن القيم التاريخية و الدينية و القومية للأمة العربية ، الأسباب التي ادّت الى تبلور شخصية الكواكبي هي 1ـ الأضطهاد و الأستبداد و الظلم من قبل العثمانيين 2ــ انتحالهم صفة الخلفاء على العالم الأسلامي و العربي 3ــ تتريك الواقع العربي 4ــ تبنّي سياسة التمييز العنصري بين الأتراك و العرب 5ــ الهيمنة على نظام الحكم ، في كتابه (طبائع الأستبداد و مصارع الأستعباد ) بيّن هدف الحاكم المستبدّ مصادرة الحريّة و الكرامة و ليس بأستطاعتهم الرفض و المعارضة و الكفاح ،و يرى بأنّه قد يكون الأستبداد ديني عندما يتحوّل الدين الى غلّ و قيد ، حلل منطوق العلم وعلاقته بالأستبداد مثلا العلم الذي لا يهزّ عروش المستبدّين فهو علم الغيب ، يرى انّ الناس يصطبغون بأخلاق السلاطين و الرؤساء و الملوك ، مات مسموم على ايدي احد الجواسيس العثمانيين الذي لاحظ انّ الكواكبي يبلل اصبعه من لسانه ليتمكّن من قلب صفحات الكتاب الذي يقرأه بسهولة فأهداه كتاب وضع على اطراف صفحاته سمّا ، فقال داهية الباب العالي (ابو الهدى الصيّادي) معلّقا على نبأ وفاة الكواكبي (بالقراءة اتعبنا و بالقراءة قتلناه) .
2 ــ السيد محسن الأمين العاملي (1865 ــ 1952)
لبناني الأصل ، ولد في قرية شقراء(بنت جبيل) ، درس في لبنان عند الشيخ (موسى شرارة ) 1890 ، بعدها هاجر الى مدينة النجف الأشرف بالعراق 1891 و درس على يد مجموعة من المراجع حتّى نال درجة الأجتهاد ومن هؤلاء المراجع 1ــ محمد طه نجف 2ـ كاظم الخراساني 3ــ محمد آل بحر العلوم الطباطبائي 4ــ عبد الله المازندراني ، عاصر مجموعة من العلماء في مدينة النجف وهم 1ــ حسين مغنية 2ــ كاظم اليزدي 3ــ حبيب الله الرشتي 4ـ شيخ الشريعة ، بقي في النجف عشر سنوات و الهدف من هجرته اليها هو احياء و نشر المعارف الدينية و اصلاح السنن التي كان يضنّها مخالفة للشرع و العقل ، خرج من النجف 1901 مغادرا الى دمشق بطلب من اهل الشام تقدّموا به الى مراجع الدين في النجف ، استقرّ في دمشق و سكن في دخلة الشرفاء في المحلّة التي عرفت بأسمه حاليا (حي الأمين) ، نادى بالتعليم و التنوير و محاربة البدع والأنحرافات ، و عندما سكن حيّ الخراب بدمشق (حي الأمين)اليوم تعامل من منطلق الأخوّة في الأنسانية ، عمل على ترسيخ حالة الوحدة بين المسلمين ،دعم الثوّار السوريين 1925 و دعى الشيعة للوقوف الى جانب الثورة السورية ، دعى الى اضراب شامل في سورية ضد السلطات الفرنسية حتّى الأستقلال ، يعتبر من قادة الثورة السورية الكبرى و الحركة الوطنية، وقف بقوة الى جانب علماء دمشق ضد قانون الطوائف الذي وضعه الأنتداب الفرنسي ، رفض منصب رئيس لعلماء الشيعة في سورية و لبنان من قبل المندوب السامي الفرنسي حفاظا على وحدة المسلمين ، انشأ المدرسة المحسنية العصرية بالشام ، انشأ المدرسة اليوسفية في الشام ، التحق بالمجمع العلمي بدمشق 1942 ، لديه 66 مؤلف ، اهم مؤلفاته كتاب (اعيان الشيعة ) من عشرة اجزاء و هو موسوعة ترجم فيه ل 11733 شخصية ، لقّب بالمجتهد الأكبر و المجدد ، توفي في بيروت 30/3/1952 و دفن في صحن السيدة زينب (ع) بدمشق .
3 ـــ ساطع الحصري (1879 ــ 1968)
مفكر سوري ، شغل منصب وزير التعليم في سورية 1919 ،وضع مناهج تعليم العربية ، عيّنه الملك (فيصل الأول) معاون لوزير المعارف عام 1920 ، في العراق عيّنه الملك (فيصل الأول) مدير دار المعلمين العالية ببغداد 1923 ، و بقي مسؤول التعليم في العراق عام 1941 ، نفاه الأنكليز الى حلب ، عاد الى دمشق 1944 و عمل مستشار لصياغة النظام التربوي و التعليمي في سورية ، له عشرين مؤلف ، قال لعميد الأدب العربي طه حسين ( اظمنوا لي وحدة الثقافة و انا اظمن لكم كل ما بقي من ضروب الوحدة ) ، يجد التنويرانجع اداة لتكوين ثقافة عربية معاصرة ، يعتبر وحدة الثقافة مقدّمة هامّة و اساسية للوحدة السياسية ، اصدر مجلة (التربية و التعليم ) في سورية 1920 ، تأثّر بالفيلسوف الألماني نيتشه ، عيّن مدير لمعهد البحوث و الدراسات العربية في القاهرة 1953
إضافة تعليق جديد