كانت امريكا وسكانها قبل حصولها على الإستقلال بعد انتصارها على الإنجليز وطردهم من ارضها ، من المهاجرين واغلبيتهم من الباحثون على الثروة ، وجزء منهم من المضطهدين دينيا والمغضوب عليهم في بلادهم ، وجزء من هؤلاء المهاجرين الى امريكا بعد الاستقلال كان من الفارون من وجه العداله والمجرمين والجناة .
كل تلك الفئات كانت تكرة السلطة وتبحث عن الحرية واثرت مبدأ ( اقل تدخل ممكن من الحكومة في حياة الامة والافراد ) .
وظل ذلك المبدأ سائدا واقر على كافة اوجة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد .
وبدأت ارهاصات التغيير على يد روزفلت بعد انتخابة رئيسا للولايات المتحدة الامريكية في مستهل القرن العشرين بالتدخل بحذر في الشؤون الداخلية للأمريكان واعلن عن سياستة المسماة " عدالة المعاملة " اي تدخل الحكومة لحماية صغار المنتجين من كبار المحتكرين .
وعندما فشل في تطبيق تلك السياسة بدأ يعطي اهتماما اكبر بالحرية الإجتماعية .
وفي عام ١٩١٢ انتخب دودر ولسون رئيسا للجمهورية وكان ولسون له رأي في النظام الراسمالي وزيادة الاهتمام في برامج الحرية الاجتماعية ويعود ذلك الى تقدم الفكر الإشتراكي في أوروبا الغربية .
وعندما دخلت امريكا الحرب العالمية الأولى قبل نهايتها بسبب خوفها من خسارة ودائعها في بنوك انجلترا وفرنسا ، وراسمالها المستثمر في اوروبا الغربية ، ثم الديون التي اقرضتها للحلفاء كي يتمكنوا من مواصلة الحرب ، فبادرت لدخول الحرب معلنة انها تدافع عن الحرية الإجتماعية والديمقراطية .
وانتهت الحرب بإنتصار الحلفاء واعلن الرئيس الامريكي ولسون مبادئة الخاصة بإنفتاح امريكا على اوروبا الغربية على الاسس الديمقراطية التي يجب ان يقوم عليها عالم ما بعد الحرب .
واكتشف ولسون ان ارائه التي كان ينادي بها لم تسكن اذان صاغية عند المنتصرين في اوروبا وانسكبوا على توزيع اراضي العالم على انفسهم دون اعطاء اي حصة للأمريكان ، فشعر بالخيبة والكسوف وخلص الى العزلة هو وامريكا .
كانت الحرب العالمية الاولى بين دول راسمالية وانتصر بعضها على البعض الاخر مما ساهم في قيام دول شيوعية في العالم بعد قيام الثورة الشيوعية في روسيا سنة ١٩١٧ وافلحت تلك الثورة على الاستيلاء على السلطة مما افزع العالم الرأسمالي .
وحاولت الدول الرأسمالية الهجوم على روسيا لغزوها غير ان الهجوم فشل واخذت الشيوعية تثبت اقدامها في روسيا .
وقد اتت الحكومة الامريكية في مجال الحرية الاجتماعية في تمويل المؤسسات الاجتماعية في العالم وبدأت في التوسع في تقديم الخدمات .
وتضاربت الجهود الأهلية والحكومية لتحقيق تلك الأهتمامات ، وخلصت فيما بعد سياسة الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت المناخ الملائم للتخطيط ، فتكونت بعض المؤسسات الإجتماعية المهمة بالمجتمع والإهتمام بالحرية الإجتماعية .
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حدثت تغيرات كثيرة في العالم حيث امتدت الشيوعية والافكار الإشتراكية من الإتحاد السوفيتي الى اوروبا الشرقية والصين .
وكان امام امريكا مواجة المد الشيوعي ، وانتشرت حركات التحرر الإجتماعي في كل دول اسيا وافريقيا وامريكا الاتينية .
ويمكن تلخيص جذور الحرية الإجتماعية تاريخيا بعد تلك المقدمة ، ان الاعتراف بطريقة تنظيم المجتمع وزيادة الإهتمام بالدولة وتدخلها في نشاطات اجتماعية ، اصبحت الحرية الإجتماعية في تكوين فلسفة خاصة بها على اساس الإيمان بكرامة الإنسان بغض النظر عن ديانتة او لونة او جنسيتة او قوميتة او ثقافتة .
واصبحت الحرية الإجتماعية مدخل للتغير والتقدم في المجتمع وفق مبادئ الوحدة الإنسانية والموضوعية التي ساهمت في مساعدة الافراد والجماعات في بروز حركات التحرر الوطني ، وبروز وعي وطني وقومي لقضايا الحقوق الشعبية
إضافة تعليق جديد