الحوار بين الحضارات

مقالات عامة
الكاتب: 

محمود الجبوري

كاتب حر وشاعر
الأربعاء, يوليو 15, 2020 - 07

١ ــ المسيحية ديانة و دولة 
ولد يسوع عيسى بن مريم (ع) في بيت لحم بفلسطين في زمن هيرودس الكبير ، عاش في الناصرة ، المسيحية ديانة ابراهيمية توحيدية ، تركّزت تعاليم السيد المسيح بترك امور الجسد والأهتمام بأمور الروح وشجب مظاهر الكبرياء و التفاخر البشري ، ركّز على دور الأيمان في نيل الخلاص و على اهمّية المحبّة ، كان لديه اثني عشر تلميذ يسمّون بالحواريين ، هم الذين نشروا الديانة المسيحية من بعده ، و كان العشاء الأخير يوم 3/4/30م  ، من حواريي عيسى هو (بولص) الذي سافر الى روما 59م ثمّ اسبانيا 62م و نشر الديانة المسيحية ، في حين انّ (بطرس) اسس كنيستي انطاكيا و روما و قتل في حريق روما 64م ، (توما) توجّه الى الهند ، (مرقص) انتقل الى الأسكندرية 45م ، توفي و دفن فيها ونقل جثمانه الى البندقية في ايطاليا 828م و اقاموا له كنيسة ضخمة ، (متّى) هو مبشر المسيحية في اليمن و الحبشة في القرن الأول الميلادي ، (يوحنّا بن زبدي) استقرّ في تركيا و توفي 101م و هو آخر تلميذ ، المسيحية وصلت العراق (اربيل) 59م ،و في نهاية 100م وصلت الى ايطاليا و اليونان و الهند، و وصل عدد الكنائس 40 كنيسة ، و وصلت الى البصرة في القرن الرابع الميلادي ، اوّل مركز للمسيحية القدس و ثاني مركز القسطنطينية و الثالث هو الفاتيكان ، انقسمت المسيحية الى ثلاث طوائف كبرى  1 ــ الكاثوليكية وهي اكبر الطوائف يقع مركزها في الفاتيكان (ايطاليا) ، اوّل كنيسة بنيت فيها 326م تكريما للقدّيس بطرس المدفون هناك 2 ــ الآرثوذكسية مراكزها سورية وانطاكية و روسيا و القسطنطينية 3ــ البروتستانتية نشأت في القرن السادس عشر الميلادي على يد مارتن لوثر (1483 ـــ 1546) ، وهي ثاني مذهب من حيث العدد ،مراكزها في لندن واميريكا ، من الجدير بالذكر انّ انشقاق الكنيسة الكاثوليكية عن الكنيسة الآرثوذكسية كان 1054م ، الأمبراطور الروماني قسطنطين الأول اعترف بالمسيحية دين عام 312م وغيّر عاصمة الأمبراطورية الرومانية من روما الى القسطنطينية الذي بناها و اصبحت المسيحية ديانة الأمبراطورية الرومانية 380م ، الرومان اشادوا امبراطورية شملت غرب ايران و اصبحت مصر واليونان و آسيا الصغرى و سورية و افريقيا ولايات رومانية تدين بالمسيحية حتى 1492م ، خضعت اوربا للكنيسة اكثر من الف عام ، وتبنّت مملكة اكسوم الديانة المسيحية في اثيوبيا رسميّا 325م ، قبل ظهور الأسلام بستمائة سنة النبي عيسى (ع) حمل رسالة اطمئنان نفسي و تكليف من السماء الى قومه و هي البشارة بالفرح بنبوة محمد(ص) هذا ماجاء ذكره في القرءان الكريم آية 6من سورة الصفّ (و اذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدّقا لما بين يديّ من التوراة و مبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد فلمّا جائهم بالبيّنات قالوا هذا سحر مبين) ،بعد ظهور الأسلام في مكّة بالجزيرة العربية 598م و نزول القرءان الكريم كانت هناك سورة كاملة فيه اسمها (مريم) و هي تشريف لمريم ، كذلك ورد اسم النبي عيسى (ع) في القرءان 25 مرّة ، القرءان الكريم قبل 1426 سنة نبّه الى حقيقة و هي وجود المودّة بين المسلمين و النصارى بسبب وحدة الجوهر و الهدف ، اذ ورد في الآية 82 من سورة المائدة ( لتجدنّ اشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود و الذين اشركوا و لتجدنّ اقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا انّا نصارى ذلك بأن ّمنهم قسّيسين و رهبانا و انّهم لا يستكبرون ) ، هناك تقارب كبير بين الديانتين المسيحية و الأسلامية فكلاهما تدعوان الى التسامح و المحبّة و السلام .

2ــ الفتح العربي الأسلامي لأوربا 
الفتح العربي الأسلامي لأوربا انطلق في القرن الأول الهجري و خلال العهد الأموي ، اوّل مدينة دخلها هي القسطنطينية 48 هجرية في خلافة سليمان بن عبد الملك بقيادة سفيان بن عوف و عبد الله بن عبّاس و عبد الله بن الزبير ، ثمّ عبر طارق بن زياد مضيق جبل طارق 92 هجرية 711م الى اسبانيا منتصرا على لوذريق ملك اسبانيا ، و في السنة ذاتها وصل الفتح العربي الأسلامي الى البرتغال و العرب المسلمين هم الذين اطلقوا اسم البرتغال على شمال الأندلس و هو اسم المدينة الواقعة على مصب نهر الدويرة في المحيط الأطلسي ، الأسلام حكم البرتغال 550 سنة ، في العهد العبّاسي فتح اسد بن فرات جزيرة صقلية 212 هجرية 827م و كان العصر الذهبي لصقلية ايّام الأسرة الكلبية الموالية للفاطميين بعدها انطلق العرب المسلمين الى ايطاليا ، الأغالبة حكموا صقلية للفترة 827 ـــ 902م ،و الفاطميون حكموا صقلية الى الأحتلال النورماندي 1090م ، الخليفة العبّاسي هارون الرشيد قدّم هدية فيل الى شارلمان ملك الأفرنج 802م و كانت هناك سفارة بينه وبين بيبين ملك ايطاليا و تبادل وفود بين الرشيد و شارلمان ، في العهد العثماني فتح القائد العثماني المسلم محمد الفاتح مدينة القسطنطينية 857هجرية 1453م ، فتح الأندلس لم يكن غزو عسكري و انّما تفوق حضارة على حضارة ، فإسبانيا كان فيها عشرة ملايين نسمة و الفاتحين المسلمين تعدادهم خمسين الف ، انّ الفترة الوحيدة التي عاش فيها الأسلام و المسيحية نموذج حوار الحضارات هي الفترة الأندلسية التي عاش فيها العرب المسلمين و النصارى في غرناطة و اشبيلية و قرطبة و طليطلة ، و خلقت حضارة انسانية واحدة تنصهر فيها الثقافات المتعددة و هو ما عرف بالعصر الذهبي .

 3 ـــ تراجع الوجود العربي الأسلامي في اوربا 
هناك معركة تراجع فيها الوجود العربي الأسلامي و هي معركة بلاط الشهداء (بواتييه) 114هجرية 732م التي وقعت في فرنسا بين تور و بواتييه ، استمرت عشرة ايام و انسحب المسلمون ليلا ، حدثت بين عبد الرحمن الغافقي و شارل مارتل ، حيث هزم شارل مارتل جيش الوالي عبد الرحمن الغافقي و اصبحت معركة بواتييه اهم تاريخ في حياة فرنسا ، و في عام 1492م تنازل المسلم الشاب ملك غرناطة لفرديناند من ارغون و كانت تلك السنة نهاية الدولة المسلمة الوحيدة في اوربا ، امّا في صقلية فقد زال الحكم العربي فيها 1189م و من ايطاليا 1300م ، والصليبيون اللاتي

 


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0