الدكتور عبد الرحمن بسيسو يكتب : الاعتراف بيهودية "إسرائيل" فتك بالإنسانية

مقالات عامة
الكاتب: 

الدكتور عبد الرحمن بسيسسو

كاتب حر - كندا
الخميس, يوليو 15, 2021 - 23

ليس لهذا الاعتراف أن يكون إلا فتكاً بجوهر الإنسانية، ولا أحسب أن الإنسانية الحقة ستأذن له أن يكون، أو أن تقبل به إن أقدم عليه متوحشو البشر وكياناتهم المستقوية بقوى صلبة متوحشة وفتاكة! 
وإن حدث وأقدم عليه أي عربي، أو فلسطيني، أو أي إنسانٍ من أي قومية، أو جنس، أو لون، أو دين، أو غير ذلك، فإنما هو يتنكر لجوهر إنسانيَّته، ويلحق نفسه بذيول ذلك الوحش البشري الاستعماري الرأسمالي الموغل في دُمِ الإنسانية!
أمَّا من وجهةٍ سياسية وقانونية، فإن في الاعتراف (المستحيل الحدوث) من قبل شعب فلسطين، أو من قبل من يمثله، بيهودية "إسرائيل" إقراراً ضمنيَّاً بالسردية الصهيونية الأسطورية الزائفة، والمؤدلجة دينياً وسياسياً، لإشباع رغبات  غرائزية غير مؤنسنة، ولتحقيق مصالح وغايات استعمارية استيطانية رأسمالية جشعة ومتوحشة، وفيه، في اللَّحظة نفسها، نفياً مطلقاً للسَّردية الفلسطينيَّة الحضاريَّة التاريخية الراسخة، والمؤصَّلة من كل منظور ووجهه، والمعززة بالأدلة المادية: الأركيولوجية الآثارية، والأركيولوحية البشرية، والأركيولوجية المعرفية، وكذا بالبراهين والمعطيات والحقائق الحياتية الوجودية الساطعة، القائمة، منذ بدء البدء الحضاري وحتى هذه اللحظة التاريخية، فوق أرض فلسطين وفي كل طبقات حضارتها الموغلة في الاعماق حتى آخر عُمْقٍ يجسد انبثاق أوَّل حضارة إنسانية عرفها الإنسان الفلسطيني وأهداها للإنسانية بأسرها.
أما نحن الفلسطينيون والعرب الإنسانيون جوهراً وهويةً، ومعنا كلُّ الإنسانيين القابضين على جذوات إنسانيتهم الجوهرية، والمستضيئين بأنوار مناراتها،  فلن نعترف بإسرائيل اليهودية/الصهيونية أبداً؛ أبداً، لأننا لن نتخلى، في البدء والمنتهي، عن جوهر إنسانيتنا، ولن نكف عن نشدان أقصى غايات وجودنا الإنساني في الحياة، وعن السَّعي اللاهب لإدراكِ جوهر هذا الوجود وتجليته صنائعَ حضاريةً وحقائق وجود.
فقط حين تتحول "إسرائيل" إلى "دولة عادية" غير يهودية، ولا تستثني غير اليهود من أن يكونوا مواطنين كاملي المرتبة والحقوق والواجبات فيها؛ أي دولة غير يهودية وغير صهيونية وغير استعمارية وغير استيطانية وغير احتلالية إحلالية وغير توسعية، وإنما دولة مسالمة بِلَا آيديولوجية ظلامية سوداء وبلا أسلحة قتل وتدمير وعدوان فتاكة؛ فإنها تكون، إنْ هي قد تحولت فناقضت بتحولها حقيقتها ودوافع إنشائها فوق أرض فلسطين، قد شرعت في تأهيل نفسها لإمكانية البقاء إلى حين، كدولة تجاور دولة فلسطين المعترف بها مِنْ قبل الأعم الأغلب من دول العالم، والمحتلة أرضها، منذُ ما قبل إعلان قيامها من قبل المجلس الوطني الفلسطيني، من قبل إسرائيل الاستعمارية؛ أي إنها ستبقى مرشحة للبقاء كذلك إلى حين تمكن فلسطين الكلية، عبر نضال شعبها المعزز بمساندة الإنسانية الحُرَّة، من استعادة وحدتها الجيوسياسية المعززة بالحقائق الحضارية التاريخية وبالحق الوجودي الطبيعي والقانوني والسياسي لشعبها بأسره، كدولة مدنية (علمانية) ديمقراطية ذات سيادة، وذات تاريخ متواصل وحضارة راسخة،  وذات مستقبل مفتوح على المستقبل، ولا اسم لها سوى: "دولة فلسطين" التي لم يشأ، ولن يشأ، شعبها الأصلي الفلسطيني أن يسميها بأي اسم سواه!