الصيام فلسفة حياة

مقالات عامة
الكاتب: 

محمد ضباشة

كاتب حر وشاعر - مصر
الثلاثاء, أبريل 27, 2021 - 13

يعد صوم رمضان ركن من أركان الإسلام الخمس فرض على المسلمين فى السنة الثانية من الهجرة بعد نزول الوحى على النبى محمد صلى الله عليه وسلم  فى شهر شعبان معلنا صيام شهر رمضان بقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم  ……… ويذكر أن النبى صام رمضان لتسع سنوات متتالية حتى توفاه الله   

والصيام لغة  يراد به الإمساك عن الشيء ويقال صام فلان عن الكلام أى أمتنع عنه  أما الصيام شرعا هو الإمساك عن المفطرات وما يصل عمدا الى الجوف والاستقاءة و الجماع والإنزال والسكر  من طلوع الفجر إلى غروب الشمس  ،  أما فى معنى رمضان فيقول الإمام الواحدي سبب تسميته بهذا الاسم ما ورد قولا عن الأصمعي عن أبى عمرو أن كلمة رمضان مشتقة من الرمض وهى حجارة شديدة الحرارة تستمد حرارتها من الشمس ولذلك سمى رمضان لأنه وجب على المسلمين فى شدة حرارة الشمس  .

ويؤكد مصطفى صادق الرافعى أن فلسفة الصيام تتمثل فى الفقر الإجبارى الذى يراد به إشعار النفس الانسانية أن الحياة الصحيحة وراء الحياة لا  فيها  ،  وأنها انما تكون على أتمها حين يتساوى الناس فى الشعور لا يختلفون وحين يتعاطون بإحساس الالم الواحد لا حين يتنازعون باحساس الأهواء المتعددة ومن هنا يتناول الصوم النفس البشرية التهذيب والتأديب والتدريب ويجعل الناس فيه سواء  .

ولهذا نجد الصوم فى الشريعة الاسلامية ليس جوعا أو عطشا وليس فلسفة تؤدى الى خرق العادة ولا إلى تعذيب النفس البشرية ولا يمت بصلة الى نظرية اللذة فى الألم  ولكنه امتناع عن الطعام والشراب والجماع وحفظ اللسان والعين والجوارح مع النية بشروط منضبطة وأركان معلومة وله مقاصده العظيمة التى تعمل على بناء الفرد والاسرة والمجتمع وحثهم على قيم الرشد وتعاليم السماء ومنهج الفضيلة بعيدا عن مظاهر السرف ومفاهيم التضييق  .

ويرى الإمام الغزالى رحمة الله عليه أن آداب الصيام يرد النفس إلى القليل الكافي ويصدها على الكثير المؤذي ولعل أهم ثمرات الصوم إيتاء القدرة على الحياة مع الحرمان فى صورة ما وشريعة الصوم هى حرمان الواجد ابتغاء ما عند الله من أجر وثواب فتحمل الفرد صياح بطنه ويرجئ اجابة رغبته مدخرا أجر صبره عند ربه عملا بقول الله تعالى الصوم لي وأنا أجزي به   .

وتأسيسا على ذلك يمكن إسقاط فلسفة الصوم وأهميتها وخاصة على الوضع الراهن فى ظل جائحة وباء كورونا التي أصابت معظم دول العالم وحتما سوف يتأثر الإنسان اقتصاديا فتهذيب النفس والبعد عن الإسراف والمغالاة فى أى أمر من أمور الحياة  وتقديم يد المساعدة للضعفاء والفقراء والمحتاجين كنوع من التكافل الإجتماعى قد ينجي البشرية جمعاء من هذا الوباء القاتل، الصوم ليس فى رمضان فقط فقد يمتد أثره إذا أدركنا مقاصده الى بقية شهور العام وجعله فلسفة حياة تساهم فى بناء الفرد والمجتمع  .