لم يشهد المشهد الاستيطاني الاسرائيلي سابقة من قبل كما هي الان حيث تبتلع المستوطنات اغلب مدن الضفة الغربية وباتت تسيطر على عمق الاراضي الفلسطينية في مشهد يدلل على نوايا سلطات الاحتلال سيطرتها على الضفة الغربية بالكامل وإعادة فرض سيطرتها عليها في تحدي واضح لكل القرارات الدولية، وأن الخطط الاستيطانية الإسرائيلية الاخيرة التي اتخذتها حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية العربية المحتلة ستؤدي إلى قطع التواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وكذلك بين القدس الشرقية وبيت لحم، مما يعني تقويضاً لحل الدولتين وتوجيه ضربة قاضية ومميتة لعملية السلام .
ولعل المطلوب من قبل مجلس الامن الدولي اذا ما كان خيار السلام يعني دول العالم ضرورة العمل فورا على تنفيذ أحكام القرار 2334، والتدخل من قبل المجتمع الدولي لوقف استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة؛ بما في ذلك القدس الشرقية، حيث وبعد اعلان ما يسمى صفقة القرن الامريكية اسرعت حكومة الاحتلال اقامة وتنفيذ مخططات الضم الاسرائيلية دون الافصاح عنها على المستوى الاعلامي وان الوقائع على الارض تتحدث بان هذه المخططات لم يتم تجميدها او وقفها بل مضت بتنفيذها عمليا لتشكل واقع استيطاني كارثي في الضفة الغربية وباتت المستوطنات تبتلع اكثر من نصف مساحة الضفة الغربية .
وتشير المعطيات أن وحدات المستوطنات عام 2020 التي تم اقامتها على الاراضي الفلسطينية تفوق اعداد المستوطنات عن الاعوام السابقة فباتت المستوطنات تقبع في العمق الفلسطيني مما يعيق تقدم الحياة ويفصل المناطق الحيوية القابلة للتواصل السكاني ويفرض واقع الكنتونات على المدن والقرى الفلسطينية كونها اصبحت معزولة عن بعضها ومن المستحيل اقامة تواصل جغرافي في الدولة الفلسطينية ولا يمكن ان تكون قابلة للحياة بفعل هذه المستوطنات المخالفة لكل القوانين والتشريعات الدولية.
ووفقا للتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية فانه في الموقع الاستراتيجي (أي1) قدمت خطط لنحو 3500 وحدة بعد تأخير استمر 8 سنوات، وتنوى حكومة الاحتلال الشروع في تنفيذ هذه المخططات حيث اذا تم تنفيذ هذه الخطة فإنها ستقطع فعليا الاتصال بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وكذلك طرحت حكومة الاحتلال مناقصة لبناء 1200 وحدة لإنشاء مستوطنة جديدة في «جفعات هاماتوس»، مما «يهدد بفصل القدس الشرقية عن بيت لحم وجنوب الضفة الغربية» وهنا تكمن خطورة اقدام حكومة الاحتلال على الشروع في تنفيذ هذه المخططات كونها ستوقف عمليا اقامة الدولة الفلسطينية وستعيق تقدم عملية السلام وسيصبح حل الدولتين غير ممكن التنفيذ، وأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، باتت تشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي وإنها في حقيقة الامر ترسخ واقع الاحتلال وتقوض آفاق تحقيق حل الدولتين .
إن استمرار العدوان الهمجي الاسرائيلي وبشكل يومي وتحريض قادة الاحتلال عبر وسائل الاعلام الاسرائيلية ومواقع التواصل الاجتماعي على استمرار سياسة العنصرية والكراهية والعنف ضد الشعب العربي الفلسطيني اصبح امر لا يمكن الصمت عليه، وعمليا لا بد من توقف حكومة الاحتلال عن تنفيذ مخططات الاستيطان، ولا بد من الامم المتحدة عدم التهاون والصمت علي هذه القضايا الملحة وضرورة التدخل لإجبارها على وقف النشاط الاستيطاني على الفور بالإضافة الي ضرورة وقف سياسة هدم المنازل واستمرار عمليات الهدم والاستيلاء على المنشآت الفلسطينية خصوصاً المشاريع الإنسانية والمدارس مما يشكل ضربة للجهود الدولية القائمة .
سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com
إضافة تعليق جديد