دور الانتهاكات الإسرائيلية في تعزيز سياسة تهويد القدس

مقالات عامة
الكاتب: 

تمارا حداد

كاتبة حرة - فلسطين
الأربعاء, يونيو 23, 2021 - 03

مر مدينة القدس بمرحلة خطيرة وحاسمة في تاريخها كمدينة عربية فلسطينية، حيث يقوم الاحتلال الصهيوني بتنفيذ خطة تهويد شاملة للمدينة ويساعدها في ذلك أن التفاوض حول القدس تم تأجيله إلى نهاية مسيرة التفاوض مما سيُمكن الاحتلال من إكمال عملية التهويد، وبخاصة في ظل العقبات المتواصلة التي تضعها اسرائيل للفلسطينيين.
فالوضع الرسمي للقدس في السياسة الاسرائيلية لم يتغير بل ازداد تأكيدا وتثبيتاً مع مرور السنين، حيث ادركت سلطات الاحتلال أن السيطرة السياسية على المدينة مرتبطة بالسيطرة الديمغرافية، لذلك عمل الاحتلال على تغيير الوضع السكاني للمدينة من خلال السيطرة الديمغرافية التي أدت إلى تقليص الخيارات السياسية الممكنة في أية تسوية سلمية، ولذلك ما تقوم به اسرائيل من انتهاكات بحق المدينة المقدسية هو لفرض الأمر الواقع في التسوية السياسية.
والخط الاستراتيجي الأساسي بالنسبة للقدس من قبل اسرائيل وهي إبقاء القدس كاملة عاصمة اسرائيل الخالدة هي مدينة واحدة تحت سيادة اسرائيل وغير قابلة للتقسيم، وستحبط الحكومة كل محاولة للمساس بوحدة القدس، وستمنع كل نشاط مطلق لا ينسجم مع السيادة المطلقة لاسرائيل على المدينة، وستضع الحكومة تحت تصرف بلدية القدس مصادر معتبرة لحث البناء وترسيخ المكانة الاقتصادية والاجتماعية للقدس الواسعة، وقد بدأت اسرائيل مواصلة السياسة السابقة لاستكمال تهويد المدينة وطمس هويتها العربية الاسلامية من خلال الدمج بين شرق المدينة وغربها وإنجاز تطويق القدس بالحزام الاستيطاني وقطع التواصل الجغرافي بين المدن .
والقدس هي مركز التطلعات الدينية والقومية واليهودية وإحدى البؤر المركزية للوعي الديني اليهودي والارتباط اليهودي ليس بالأماكن المقدسة ولكن ارتباط بالقدس كلها، وشهدت مدينة القدس العديد من الانتهاكات الاسرائيلية بحقها التي ساهمت في تهويد القدس وأبرز تلك الانتهاكات في القدس:
•    مصادرة حق الإقامة وسحب الهويات، تسعى اسرائيل إلى سحب الهويات من قبل المقدسيين لإفقاد حقهم في الإقامة في المدينة المقدسية مما يضطر المقدسيين لمغادرتها والاقامة في الضفة الغربية، حيث أن استكمالا لمحاولات طمس الهوية الإسلامية والأحقية الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة أقدمت سلطات الاحتلال على خطوة تستهدف تفريغ القدس من أهلها.
•    هدم المنازل وتشريد الأسر، تسعى اسرائيل إلى هدم المنازل في القدس المحتلة بحجة عدم الترخيص، ناهيك عن الغرامات الباهظة بحق المقدسيين في القدس من اجل تركيعهم واخراجهم بطريقة ممنهجة مدروسة.
•    مصادرة الاراضي، إن سياسة التهويد الواضحة للقاصي والداني في القدس الشرقية وما حولها تتجلى في مصادرة كثيفة للأراضي في القدس وبناء المستوطنات وحارات وتجمعات يهودية.
•    ارتفاع البطالة بحق المقدسيين لعدم استجابة الاحتلال في توظيفهم نتيجة استخدام سياسة التمييز بين المقدسي والاسرائيلي الأمر الذي يؤدي إلى زيادة البطالة بين المقدسيين وارتفاع نسبة العاطلين من العمال.
•    التهديدات المستمرة من قبل المستوطنيين في القدس بحق المقدسيين وبالتحديد في الأماكن المقدسة لمنع المصليين من الصلاة في أماكنها.
•    وهناك سياسة الحفريات الآثرية اليهودية في القدس التي لها علاقة في تهويد القدس بافتراض أن المسجد الاقصى أسس على أنقاض الهيكل المزعوم ويسعى الصهاينة إلى هدم الأقصى من خلال عمليات الاعتداء والعدوان عليه، فعمليات التنقيب المستمرة تؤدي إلى تقويض المسجد الأقصى واسقاطه، فالحقيقة أن عملية الحفريات لها علاقة بتهويد القدس ففي العقلية الصهيونية لا يكتمل التهويد إلا بهدم الأقصى.
سبل مواجهة تهويد القدس:
•    احياء وعي العالم الاسلامي والمسيحي والعربي ببيت المقدس، الهدف من هذا الإحياء تجديد وعي المسلمين بقدسية بيت القدس وتحقيق كونها ثالث الأماكن المقدسة في الاسلام من خلال تشجيع العرب على زيارة القدس والصلاة فيها، وتحديد يوم سنوي في تذكير المسلمين بالقدس من خلال الندوات والاحتفالات الدينية على المستويات الشعبية والرسمية، ونشر الثقافة الخاصة ببيت المقدس في مدارس والجامعات وعمل الدعاية المركزة عن آثار القدس والمقدسات، واحياء العادات والتقاليد المرتبطة بالقدس، وإحياء الاسماء العربية للأماكن المقدسة، ودعوة الجمعيات والمؤسسات بدعم صمود المقدسين واستغلال التقدم التكنولوجي ومواقع التواصل الاجتماعي في دعم ورفع صوت القدس.
•    الجهود السياسية، من المهم تعزيز الجبهة الفلسطينية الموحدة لحماية القدس وعدم الاستسلام للدعاوي والأكاذيب بأن القدس يهودية خالصة، وطرح قضية القدس في كل المحافل الدولية والعربية والاقليمية، وتعزيز التضامن العربي مع الشعب الفلسطيني والمقدسيين، وضرورة تعزيز القدرات العربية في المستقبل لمواجهة التهويد وسياسات الاستيطان، من خلال البدء في تنفيذ اتفاقيات تعاون واندماج اقتصادي لرفع الاقتصاد المقدسي، وتكوين جبهة اسلامية ومسيحية لإنقاذ القدس من التهويد.
•    أما الجهود القانونية كون الوضع الخاص للقدس بأنها منفصلة عن الكيان الصهيوني حسب القرارات الدولية يجب استغلال ذلك لحماية القدس من التهويد، من خلال إدارة خطة عمل عربية محلية واسلامية من التركيز على الوضع القانوني الدولي للقدس، والاحتكام إلى قواعد القانون للحصول على التأييد الدولي لمنع اجراءات التهويد في القدس، وصياغة وثيقة الدفاع القانوني عن القدس ومخاطبة المنظمات الدولية والرأي العام العالمي لتحريك قضية القدس على المستوى الدولي.
•    الجهود الاعلامية لإنقاذ القدس، يلعب الإعلام دوراً هاماً في حماية القدس من التهويد من خلال الحملات الاعلامية الاسلامية والمسيحية لتشكيل رأي عالمي ضاغط لحماية القدس.
•    وكذلك الجهود الشعبية هامة لانقاذ القدس من خلال تقوية الوجود الفلسطيني في القدس وتنشيط المؤسسات الفلسطينية في القدس ودعم المؤتمرات الخاصة بالقدس وحث الاتحادات المهنية والنقابات على وضع القدس ضمن برامجها وانشطتها السنوية، تنشيط لجان القدس الشعبية، وتنظيم حملة شعبية سنوية للدفاع عن القدس، الحث على الدعم العملي لمدينة القدس والتخفيف من المعاناة وهموم سكانها العرب.
•    الجهود العلمية مثل التركيز على الدراسات التي تحمي القدس مثل الدراسات التأصيلية للأماكن المقدسة كحماية الآثار الاسلامية والعربية والمسيحية في القدس وعقد المؤتمرات العلمية المتواصلة لحماية القدس، وإعداد فريق من الباحثين في الدراسات التاريخية والدينية والآثرية الخاصة ببيت المقدس، وتشجيع البحوث والاعمال الفنية التي تجسد الحياة العربية والاسلامية في القدس خاصة في المستوى الشعبي.

خلاصة: تقوم اسرائيل على استمرار التغيير الديمغرافي للمدينة المقدسة لتهويد القدس وطمس الهوية العربية عن سكانها الاصليين، الأمر الذي بحاجة الى حماية المقدسيين بكل الوسائل والطرق