روحك العبثية ...قاسم وحياة (2)..المصيدة بقلم إسراء البهنساوي

الكاتب: 

إسراء علي البهنساوي

كاتبة صحفية
الأحد, مارس 14, 2021 - 12

المشهد الثالث :

حفل صاخب على ضفاف النيل بفيلة قاسم  في ليلة صيفية تتلألأ بها النجوم لتضفي سحرا خاصا على المكان ، وفي حديقتها توجد الكثير من الطاولات ، والتي اكتظ عليها نجوم من صفوة عالم المال والبورصة الذين لا يتكلمون إلا بالعملات وقيمتها وكأن الكلام بالملايين ماهو إلا دعابة يتناقلها المدعوين كرشفات القهوة ولاكن لكلا منها مذاقها الخاص ... وتظهر من بعيد عند البوابة العملاقة جميلتنا الفاتنة حياة مرتدية فستانا باللون الزهري وكأنه قطعة من الماس النفيس مصطحبة معها صديقتها ندى ذات العينين الساكنتين وخلفهما نبض لا يتوقف ....

قاسم : اتأخرتي جدا ...بس كنت متأكد إنك هتيجي

حياة : إنت على طول واثق كده من نفسك ومتأكد ....مش ممكن مرة يخيب ظنك

قاسم : الجواهر اللي ذيك مش ممكن أبدا أغلط فيها ،لإني بأفهم جدا في قيمة اللألأ ...عرفينا

حياة : آه... أعرفك ندى صاحبة عمري ...دكتورة طب شرعي وتشريح

قاسم : معقول اذاي الرسم والقتل ...يبقوا أصحاب

ندى : كله فن ...بس بيختلف باختلاف الحكاية وأصحابها

حياة : براحة يا ندى شوية .....إحنا لسه واصلين

قاسم : لا سبيها براحتها ...الحياة مليانه ألوان منها الفاتح والغامق ..والكل ليه وقته واستخدامه

ندى : بس لازم الواحد يستعد علشان مايكنش فريسة وسط الذئاب

قاسم : دي باين عليها فرصة كبيرة وهايلة أكيد هنعد مع بعض كتيير ...تربيزتكم هناك... علي ...علي

(علي صديق قاسم الأنتيم وشريكة )

علي : أيوه يا كينج ..أكيد دي حياة اللي قلتلي عليها ...وصفتها بالظبط وكإنك فنان

قاسم : أيوه دي حياة وندى صاحبتها حكاية فريدة وغريبة ...ممكن تاخدهم في التربيزة بتاعتهم

علي : أكيد أكيد ...اتفضلو ...

حياة: مساء الخير أهلا بيك فرصة سعيدة

علي : إحنا أكيد أسعد.... قاسم بيحكي عنك كلام كتييير... جمييل ..بس الوصف ديما أقل كتيير حتى لو دقيق من الحقيقة  

حياة : ده بس من ذوقه

ندى : إحنا هنقضي الوقت كله كلام ...في قهوة نشربها

علي : مفيش بس نلاقيها... أنتو أهم نجوم في حفلة النهاردة وطلباتكم أوامر

في تلك اللحظة صوت قاسم في ذلك المايك مصدرا صدى في كافة الأرجاء مقاطعا الحضور... وهاقدم ليكم النهاردة اكتشاف نادر.. والقدرهو اللي عملي أحلى صدفه .. وكان ده من حظي السعيد ...وتظهرلوحة قاسم المرسومه ... وسط تصفيق ما بين الذهول والإعجاب وتساؤل الجميع من يمتلك تلك الأصابع الذهبية التي تجسد الحقيقة بتلك التفاصيل ...فتألقت الأضواء على حياة في مشهد من مشاهد السينما وكأنها انتقلت إلى عالم من الخيال ...ولتتسارع الأحداث حتى يأتي يوما يحمل بين طياته حلما  حقيقيا بين يدي حياة

المشهد الرابع:

زفافا أسطوريا بخاتم من حجر الزمرد النادر بين أصابعها في نفس مكان لقاءهما الأول وكأن صديقها البحر يهمس بأذنيها ...والأغرب كأنه يحادثها فتبتسم له.. ايوه إنت عندك حق ...حصل وهأسمع كلامك...... وسط هذا الحشد الهائل وفي أجواء تلك الفرحة العارمة يتحدث على مع كارم ( مورد أوراق مالية بعملات مختلفة ومن عدة دول ، صديقهم الثالث )

علي : أخيرا الفار وقع في المصيدة

كارم : مكانش ليه لازمة خالص الفرح والتكاليف

علي : لا ...لازم علشان الدور يبقى في التمام

كارم : وهنبتدي امتى علشان أنا زهقت من صاحبك

علي :إديهم بس فرصة كد كام يوم ...لحد لما صاحبتنا تعيش في حلمها علشان هتفوق على دنيتها الجديدة

كارم : يارب ننجز قبل ما الدنيا تتغير.. وتبتدى صاحبتها تكتشف الحكاية ومنخلصش من إيديها

علي : متقلقش هانت ...

في تلك اللحظة ظهرت لهم ندى من العدم موجه كلامها ونظارتها الحادة إلى علي

ندى : إذيك يا علي... هو إيه ده اللي هانت... الظاهر إن الأجواء... دي مش دماغك

علي : لا مين قال بالعكس مفيش أحسن من كده ...أقدملك كارم صاحبنا التالت

ندى : أكيد غامض ذيكم ..شكلكم من الناس اللي بتتحكم في وقت دخول الممثلين وخروجهم وكتابة النص وبراءة المتهم وفي النهاية تطلع الضحية هي القاتل

علي : لا استني ياندى مش كده احنا مالنا ومال الكلام ده ...شغلتك أثرت عليكي خالص بقولك إيه بينادوا عليكي الظاهر خلصوا ...

ندى تمام تمام ...فهمت ..سلام

كارم : إيه دي ..مش بأقولك لازم الكينج يخلص بسرعة ...شكلها هتتعبنا أوي

علي : أكيد هيبقى ليها حكاية على قدها ولو مالقناش هنفصلها من الكتالوج .

وينتهي حفل الزفاف لتستيقظ حياة بين يدي قاسم بشرفة مطلة على برج إيفيل بباريس مدينة السحر والخيال

قاسم : أخيرا هتعيش معايا أحلى جوهرة في العالم تمتلك أصابع لا تقدر بثمن وكأنها خلقت لي وحدي

حياة : أنا حاسة إني عايشة في حلم إذاي ده حصل ...وبعدين إيه حكاية الأصابع دي

قاسم : بسبب رسمك هي دي اللي خلتنا نعيش النهاردة في الجنة ....وبكرة هتشوفي أحلى جنة

وتنظر حياة إلى السماء وكانت تحلق بها طائرة فشردت بها ...قائلة دنيا الأحلام تتحقق لتجد نفسها في سماء القاهرة ليستقبلها بالمطار كلا من ندى وعلي ليصطحباهما إلى فيلته الساحرة ليجدا بها كلا من كارم وعاصم ( أخو حياة محاسب في إحدى الشركات والتي تعطيه مرتبا لا يكمل به العشرون من الشهر ) ليجدا انسجاما بين كارم وعاصم وكأنهما إلتقيا في حديقة الأندلس ويترددون عليها بين الفنية والأخرى

عاصم : أختي الجميلة افتقدتك كثييرا ....حقيقي وحشتيني جدا

حياة : كل حاجه وحشتني ...مصر أحلى بلد في الدنيا ..إحساسك بالأمان والحنين

كارم : عاصم طلع حوار كبير جدا ...كان محتاج اكتشاف ...إحنا نشغله في الفرع الجديد بتاعنا في منطقة المال في العاصمة الإدارية الجديدة

قاسم : طبعا طبعا ....شد إنت بس حيلك ...يومين كده بس ناخد بريك من السفر ونبتدي ننفذ المشروع الكبير بتاعنا

علي : إحنا مستعدين ..وكنا مستنينك ..بس في شوية أزمات كده ظهرت

قاسم : متقلقش أخدت بالي وعندي ليها فكرة ...جديدة لانج

كارم : أيوه الكنج.... هيرجع الملاعب

ندى : حمدلله على سلامتكم ...نسبكم ترتاحوا ..يلا يا عاصم ...سلام

المشهد الخامس:

بمقر شركتهم الجديدة عاصم مدير للفرع لديه مكتب أسطوري ملئ بالهواء البلازمي المنعش ، يرتدي بدلة كلاسك رمادية اللون بقميص سماوي وكأنه فتى الشاشة وبجواره نهلة مديرة أعماله ذات الشعر الذهبي ذات الخصل التلجيه والذي يخطفك بينما ترفعه تارة واخرى يتطاير بالهواء وتأخذ معها عاصم بين السماء والأرض ....

عاصم : إيه المواعيد النهاردة يا نهلة

نهلة : عندنا معاد مع مستر احمد مدير شركة المتوكل للتصدير، وكمان عندنا عشا بليل في السراي على النيل علشان موضوع البورصة مع  مستر كارم

عاصم : تمام ..تمام ..عاوز قهوتي قبل معاد المتوكل وبعد كده عاوزالعربية تكون جاهزة...فقاطعته نهلة أكيد علشان تروح وتجهز لمعاد العشا ...السوت الكحلي بتبقى قوية جدا عليك

عاصم : وكأنه ذهب إلى الكاريبي بنظرته إلى عينيها التي أرسلت إليه رسالة تخيلية بالمكان : ..اااه... صح ..عرفتي اذاي

نهلة : حضرتك اهم حاجة في حياتي ..واهتمامي ده صميم شغلي ..غير ان حضرتك شخصيه ماجك مليانه سحر

نظر لها عاصم نظرة من لم يرى سواها من قبل : وإنتي قوية ذي السحر

نهلة : الكلام ده كتيير جدا علي ..أنا في خدمتك في أي حاجه وأي وقت ...هأبعت لحضرتك القهوة

وتركته نهلة في ذلك المكان ولاكنها لم تتركه محلقا بخياله إلى أماكنها مسلوب الإرادة

واتى موعد العشاء في السراي على النيل لتوقيع الأوراق والتي كان بين طياتها عقودا لشركة مضاربة مالية تحمل إسمه ..ولم يكن لها كيانا على أرض الواقع بالإضافة إلى توقيعه ورقة اعتراف منه بأنه يدير شبكة تهريب أطفال للإتجار بهم ...فكان سحر نهلة طاغيا على المكان بإدارة كارم حتى أوقعوا عاصم في الفخ ..وتمر الأيام تلو الأيام.... حتى تأتي رسالة على هيئة طرد لا يفتح إلا بموافقة الأستاذة ندى صديقة حياة على مكتبها بالعمل ... لتتفاجأ بصورة لهذة الأوراق وصورا مخلة لعاصم مع بعض الأطفال ..فتفاجأه ندى بمكتبة بالعاصمة الإدارية

ندى : عاصم فين ؟

نهلة : موجود جوا ...ثواني أ.ندى أقوله

ندى : مالكيش دعوة وياريت تروحي علشان أنا عاوزاه ...ومش عاوزه إزعاج

دخلت على عاصم ...إنت فين عاوزاك حالا

عاصم : خير يا ندى حياة فيها حاجة

نهلة : حاولت أقولها تستنى بس ما ادتنيش فرصة

عاصم : خلاص يا نهلة

ندى : إيه كمية السوء ده .. ماكنتش فاكرة أبدا إنك كده ..بقيت حقير ووضيع جدا

عاصم : حصل إيه مش فاهم ....ندى هتفهم حالا يا عاصم بيه

فتحت ندى الظرف قدام عاصم ....وهو في حالة من الذهول حتى فقد كيفية الكلام ...اقسم لها إنه لا يعرف أي معلومات وأكيد ده تلفيق وتركيب صدقيني معملتش الحاجات دي ..أنا عاصم يا ندى مش جديد عليكي إحنا عشرة العمر و السنين ..(ندى إتأكدت من التوقيع إنه غير مزيف ..وبالنسبة للصور كانت حرفية بشكل دقيق جدا) ...

ندى : ما كنتش أتخيل إنك تعمل ده أبدا ...أنا رايحه حالا لحياة

عاصم : استنى... اوضحلك... أشرحلك ....إسمعيني

فخرج عاصم من محيط مكتبه الخشبي ليمسك بندى حتى لا تذهب ولاكنها قاومته ولم يفلتها من يديه فدفعها حتى سقطت على ذلك التمثال في مكتبة ذات الحافة المدببة لترتطم به فتسقط أرضا ويسقط فوق رأسها التمثال بقوة كالسكين الحاد حتى فارقت الحياة ... ومن هول الموقف لم يعير عاصم انتباهه إلى تلك الكاميرات التي بالمكتب وذهب مسرعا إلى كارم ليجد له حلا ...وفي ذلك الوقت أتت نهلة لتأخذ نسخة من التسجيل لكارم .. وهكذا أصبح عاصم مجرما بين لحظة والأخرى.... ليسجل لنا لقاءنا القادم مشهد الختام ...تحياتي


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0