روحك العبثية ...قاسم وحياة (3) ..النهاية بقلم إسراء البهنساوي

الكاتب: 

إسراء علي البهنساوي

كاتبة صحفية
الأربعاء, مايو 19, 2021 - 02

المشهد السادس :

مكتب كارم بمقر شركته ويأتيه عاصم مهرولا خائفا لا يعرف كيف يصف كل مايدور به ، وكأن السماء اتشحت بالسواد في كل أجزائها.

عاصم مستغيث بكارم: إلحقني... إلحقني... أنا قتلت ندى ...أنا مش عارف ده حصل اذاي

كارم في حالة من التعجب كأنه لم يكن يعلم : ندى..ندى مين؟ ..قتلت ..قتلت مين ..معقول إهدى بس هنلاقي حل ...إهدى بس

(وبعد أن أسرد عاصم ماحدث لكارم الذي كان مستمعا كأنه فيلما قصيرا سرق لب أفكاره )

كارم : وريني كده الورق والظرف ده وأنا هاحاول أتصرف .

عاصم : هتتصرف إذاي ..هتعمل إيه ؟

كارم :.. متقلقش هنحل الحكاية دي .

المشهد السابع :

فيلة حياة تجلس في صالون الريسبشن ترتدي ثوبا منزليا ، وكانت لم تستفيق من نومها بعد وبجوارها يجلس قاسم يمسك بفنجان قهوته التي تجعله ينظر نظرة عميقة وكأن الدنيا قد قدمت بين يديه

نهلة : يافندم أستاذ عاصم قتل أستاذة ندى صحبتك شوفي ده المقطع من الكاميرات وأنا مش عارفة هو راح فين ..خرج بسرعه من الشركة وأنا مش عارفة أعمل إيه ؟

حياة في صدمة كبيرة : إنتي بتقولي إيه ...وأخذت منها الموبايل لترى مقطع الفيديو ومن هول الموقف ارتادتها حالة من الذهول وكان ذلك في لحظة دخول قاسم عليها قائلا : حصل إيه

نهلة شوف يافندم كده اللي حصل .....

قاسم : تمام يا نهلة ممكن إنتي تسبينا دلوقتي ومش عاوز أنبه عليكي ...إنتي ماشوفتيش حاجة وماتعرفيش حاجة.....

نهلة : طبعا يافندم ...أنا هأقفل المكتب وهأدي لكل الموظفين أجازة مفتوحة وهأستنى تعليماتك .

حياة مصدومة : هنعمل إيه في الكارثة دي... أنا مش قادرة أصدق صاحبة عمري اخويا يقتلها ...؟ وإيه اللي كان في الظرف ده؟ ..إيه اللي ندى شافته وعرفته وليه كده ؟...قاسم انا هأتجنن وانهارت من البكاء ....

والتقفها بين زراعية كما يحتضن الذئب فريسته ....قاسم : حبيبتي متقلقيش أكيد هنظبط الدنيا إهدي بس دلوقتي ...

(وأتى المساء في صحبة كلا من علي وكارم وعاصم في فيلة قاسم وبوجود حياة )

كارم : إحنا خلاص دفنا ندى ومحدش هيقدر يعرف ليها طريق ..

علي : والله دي مشكلة كبيرة جدا إيه اللي خلى ده يحصل....

حياة منفعلة : رد ياعاصم حصل ليه كل ده ...إيه اللي كان في الظرف ده (عاصم محملقا في الأرض ولا يتكلم )

قاسم : خلاص يا حياة اللي حصل حصل .

حياة في حالة هيسترية : لا أنا عاوزة أعرف إيه اللي حصل ...ويعني إيه اللي حصل حصل...

كارم ملقيا الظرف على تلك الطاولة التي امامهم: ده اللي حصل .

حياة مش ممكن انا أخويا يعمل كده إذاي ..وألقت عليه العديد من الصفعات حتى أوقفها قاسم بإعجوبه ..

قاسم خلاص يا حياة الموضع خلص إنت دلوقتي يا عاصم من بكره وكأن مفيش حاجه حصلت وتمارس حياتك عادي جدا ...وتروح شغلك عادي والموضوع علي وكارم هيخلصوه

وتوالت الأيام واحدة تلو الأخرى وشعور عاصم بالذنب لا ينتهي وكل نظرة من حياة له كأنها جمرة تشعله ..واصبحت طريقة تعامل كارم مع عاصم تختلف وتتسم بالدونيه وكل شئ يريده كارم ينفذه عاصم دون كلام ..واحتدت بينهما النقاشات ذات يوم ..حتى ساومه كارم بأن يرفع تلك الصور على السويشيل ميديا إذا لم ينفذ له مايريد وهدده قائلا :

كارم : إحنا ساعدناك كده من غير مقابل إنت أكيد بتحلم ...كل حاجه في الدنيا وليها مقابل ..وأختك هي اللي في إيديها مساعدتك ...إذا ماعملتش اللي إحنا عاوزينه ..إنت اللي هتدفع التمن ...قولها تسمع كلامنا من غير ماتعمل دور البطلة .

ذهب عاصم مسرعا لحياة إلحقيني هيفضحوني ويرفعوا الصور على الانترنت ..أنا ضعت خلاص إنتهيت ... والله ماعملتش حاجة ...لازم تساعديني .

حياة : أساعدك يعني إيه ...هاعملك إيه يعني ..علاقتي إيه بالحكاية دي .

عاصم : كارم عاوز منك خدمة مش هتكلفك كتير بس هتنقذيني بيها .

حياة : خدمة ..خدمة من نوع إيه ؟

عاصم : هترسمي ليه رسمة ..هو قالي كده بس ..وقاسم هيقولك الباقي..

حياة : قاسم هيقولي ..وإيه علاقة قاسم بالموضوع ده ؟..ورسمة إيه دي ..؟

(ظهر قاسم من العدم ..مالك ياحياة كل حاجه وليها تمن ...وإحنا لازم نساعد عاصم علشان مستقبله وحياته ماتنهرش )

حياة مستنكرة : يعني إية الكلام ده ؟

قاسم : تعالي بس.. كارم وعلي بره وهنفهمك عاوزين إيه ...وإيه هي الرسمة دي.

كارم : دي عبارة عن أصل عملة اليورو وإحنا عاوزينك ترسميها ...مش هيحصلك مشكلة أبدا وهتنقذي أخوكي من مشاكله .. وكمان هتساعدينا كلنا ولو عاوزة يكون ليكي كادو مننا ماشي

حياة اعترضت كثيرا على طلبهم بل وثارت أنا مقدرش أعمل كده ده إسمه تزوير إذاي أنا استخدم موهبة ربنا لي وأزور ده حرام

علي : حياة أخوكي بين إيديكي ومستقبلة ...وإحنا هنسيبك كام يوم تفكري وتراجعي نفسك ..ياللا بينا يا كارم خلاص احنا مهمتنا انتهت ...بقت كده مسألة عائلية مالناش علاقة بيها

حياة عجبك كده ياعاصم أنا ذنبي إيه إني أساعدهم وأعملهم كل اللي عاوزينة

قاسم : علشان تنقذي أخوكي وكمان تتبسطي ونفضل مع بعض وحياتنا تستمر

حياة : يعني إية ..حياتنا تستمر

قاسم : أيوة طبعا علشان شغلي يكبر وأستفيد وعلشان ابنك كمان لما يجي يلاقي مامته وباباه متفقين مع بعض ويعيش حياة محدش يحلم بيها

حياة : يعني إنت كنت بتخطط لده من الأول ...يعني كله كان كذب وكنت بالنسبة ليك مجرد صفقة من صفقات حياتك وكنت مراهن عليا

قاسم ممسكا يدها بقسوة: أيوة كنت مراهن وهتعملي اللي احنا عاوزينه

دخلت حياة في نوبة من البكاء ما بين تأنيب الضمير وما بين إنقاذها لأخوها وبين صدمتها في قاسم ، وابنها القادم في الطريق ذنبه إيه ...وزاد الصراع حدة بينها وبين نفسها فما وجدت نفسها بعد عدة أيام إلا ضحية ....تنفذ ما طلبه منها كارم ....

 ومن هنا ابتدت حياة فصلا جديدا في حياتها لم تضعه في حسبانها بل ولم تلقي له بالا ، فكانت تلك الأصابع التي تتراقص بينها الألوان لتبعث الحياة في بعض اللوحات ، هي ذاتها التي سترسم طريق النهاية بألوانه السوداء الحالكة ...

ومر العام مستضيفا العام الآخر وأصبحت حياة من أكثر الرسامين للعملات قوة ودقة وذكاءا ، وتعلمت تلك اللعبة التي كان معلمها الأول بها قاسم حتى تفوقت على أستاذها الساحر، وطالبت بأرباح لها من تلك العمليات ، بل دخلت عالم المضاربة واصبح لديها روادها في كافة أنواع الرسم وبالأخص العملات الورقية ... وتخطى عمر ابنها 6 سنوات حينها تعرفت حياة على خالد (وهو المنافس لقاسم في تلك اللعبة القاتلة ) وأصبحت يوما تلو الآخر تستعد للإنتقام من قاسم فعقدت صفقة عمل مع خالد .

خالد بابتسامه خبيثة: أهلا بالفنانة ملكة الساحرات .

حياة : أهلا جدا بيك ...ظبطت اللي اتفقنا عليه .

خالد : طبعا ماتقلقيش أبدا ...كله تحت السيطرة والعصفورهيقع من على الشجرة .. بس انتي جاهزة للي اتفقنا علية ..

حياة : أكيد الورقة  (الحمراء ) هتكون عندك ونسخها ذي ما اتفقنا

في صحافة يوم الأحد 15 من مايو ...القبض على رجل الأعمال المشهور كارم أحمد في مقرة الجديد بالعاصمة الإدارية ولديه قطع أثرية تعود ملكيتها لإحدى المقابر التي تم اكتشافها حديثا ...ليجد رجل الأعمال الأشهر نفسه وراء القضبان ليلقى مصيرا بالسجن فيما لا يقل عن 15 عشر عاما إلى حكما بالمؤبد

قاسم غاضبا : إيه اللي حصل ده معقول كارم لا مش ممكن ...إذاي أكيد خيانة ...اللي عمل كده مش هأرحمه من إيدي .

علي : اللي عمل كده هأقتله بإديا الإتنين

وبعد عدة أشهر ....يتم القبض على علي محمود بالمطار في لحظة خروجه خارج البلاد وبحوذتة  أكليشهات لبعض العملات بتوقيع حياة بعد ان سجلت له اتفاقه تليفونيا مع أحد التجار بالخارج فكانوا يثقون بها ثقة عمياء ، وبعثتها إلى النيابة تحت مسمى فاعل خير ...

أما نهلة فقد نسجت لها حياة رواية أخرى بأن تلقى مصرعها على يد احد العملاء من رجال الأعمال بعد أن اكتشفت زوجتة علاقتها به ...

وعن قاسم ذلك الماكر فاستطاع أن يعرف أن حياة هي تلك المدبرة فما كان منه إلا أن دمر مستقبل عاصم بنشرتلك الصورعلى الانترنت بل وارسال فيديو مقتل ندى إلى النيابة حتى يتم سجنة ..دون علم حياة

المشهد الختامي : الليلة الآخيرة

في حفل عشاء رومانسي على أضواء القمر الساحرة في بيتهما الهادئ والشاهد على أجزاء الحكاية...

قاسم : ليه عملتي كده ؟

حياة مندهشة : يتسأل ليه ؟

قاسم : كان عندك كل حاجة ، فلوس ، حياة محدش يحلم بيها ، ولد ذي القمر ، وأنا

حياة : إنت ...كنت أسوء اختيار قول أسوء عذاب...قول أسوء ما تفتتحه عيناي يوميا ...كنت بأشوف فيك النهاية والظلام ..كنت بأشوف فيك ندى اللي قتلتها ...عاصم اللي دمرته ...ليه ..كنت بأشوف فيك حياة اللي خنقتها يوم ورا التاني .

قاسم : بس أنا حبيتك

حياة : إنت مابتعرفش تحب غير نفسك وبس

قاسم : إنتي دمرتي كل حاجة كانت حلوة ...موتيني

حياة : كارم اللي عملته فيه لإنه دمر أخويا ، وعلي لإنه قتل لي صاحبة عمري وكان صاحب الفكرة لما سمعته بيتكلم مع كارم ، أما نهلة فدي كانت أقل حاجه ليها لإنها بتقتل مقاومة الناس ودفاعهم عن نفسهم

قاسم : وأنا هتموتيني ذيهم ...هتقدري

حياة : لا أنا مش هأقدر ...دي مهمة خالد ..وكان هيقضي عليك

فاستشاط قاسم غضبا وامسك بعمر النائم على أرجوحة الحديقة ، وده اللي فاضلك من الدنيا هأقتلهولك علشان تقدري تعيشي مبسوطة ...وذنبة ديما في رقبتك... فلم تدرك حياة ما تفعله حتى أتت بسكينة الفاكهة التي كانت على الطاولة... وفي لحظة دفاعها عن فتاها الصغير ...ضربته من الخلف عدة طعنات  نافذة ...فقد وضعت مخدرا له في العصيرحتى تستطيع أن تأخذ منه إعترافا بأنه من دبر لعاصم ما حدث ...ولاكن للقدر حديث آخر........

 وأخيرا فقد فارق قاسم الحياة ...واختتمتها حياة كما بدأتها برسمة قاسم ملقى على حمام السباحة سابحا في دمائة ..فإن الفن هو أداة الحياة وبريقها  ....انتهت


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0