في لحظة توصف بالحاسمة المدوية ، في تاريخ المرأة السعودية بصدور مرسوم ملكي بقرار حق المرأة الأصيل في تملك السيارات والقيادة في غياب ولي أمرها أو زوجها .
ويتزامن القرار مع الذكرى الـ 97، لصدور أول رخصة قيادة لسيدة مصرية ، وهي عباسية فرغلي ، عاشقة السيارات ، ذات الشخصية القيادية منذ نعومة أظافرها ، والتي أهلتها أن تحظى بالريادة في قيادة السيارات ، بصفة رسمية متفوقة على الملايين خلال عصرها ، ولنلقي عليها لامحة من التاريخ :
فهي عباسية ابنة أحمد فرغلي أحد أكبر التجار في جنوب الوادي، وشقيقها الاكبر، محمد فرغلي باشا، صاحب شركة فرغلي، أكبر وأنجح شركات القطن فى تاريخ مصر، ما أهله لأن يُصبح ملكًا للقطن، وكانت تلك العائلة تمتلك عقلًا متفتحًا، لدرجة أنهما ساعدا إبنتهم للحصول على رخصة قيادة السيارات فى وقت كان صوت المرأة به عورة، لتصبح أول مصرية تحصل على رخصة قيادة السيارات.
فولدت في محافظة أسيوط مطلع القرن العشرين، وتحديدًا في مدينة أبو تيج، ورغم قوة وقسوة ذلك المجتمع الصعيد بالنسبة للفتيات، كان لها وضع خاص، فقد تمكنت من استكمال تعليمها بكبرى المدارس الاجنبية، ثم انتقلت إلي محافظة الأسكندرية لتعيش فيها بمفردها، لتستكمل دراستها، ومنها إلي عدد من الدول الأوروبية كإنجلترا وفرنسا.
وقد ساهمت الحالة الإجتماعية الميسورة لـ"عباسية فرغلي" في تشكيل شخصيتها في عالم قيادة السيارات ، وذلك في مطلع العقد الثاني من القرن العشرين ، حينما انبهرت تلك الطفلة الصغيرة ، بتلك الآلة التي يستخدمها والدها، في التنقل بين االحقول الخضراء ، كانت كلما خرج من المنزل تطلب منه أن يأخذها معه، لتري الحقول والناس السائرون علي شط الترعة من نافذتها، ثم افصحت عن ذلك الحُلم الذي راودها، بأن تقود بنفسها تلك الآلة ، ليُعلمها شقيقها "محمد" فن قيادة السيارات، ثم قررت فيما بعد بالإنتقال إلي محافظة أخري خارج الصعيد، لتقود سيارتها بحرية بعيدًا عن المجتمعات المنغلقة.
وفي منتصف العقد الأول من القرن الثاني، انتقلت "عباسية" إلي محافظة الإسكندرية، لتلتحق بمدرسة الجيزويت الفرنسية الابتدائية، ثم التحقت بجامعة فيكتوريا كوليج، لتسافر منها إلى انجلترا، وينتهى بها المطاف إلى الاستقرار مع شقيقها بفرنسا، وهناك حصلت علي رخصة قيادة بتاريخ 24 يوليو 1920، لتعود إلى مصر وتمارس حقها الشرعى فى القيادة بحرية، قبل أن تحصل علي رخصتها المصرية عام 1928.
وبهذا تصبح تلك المرأة المصرية التي تمكنت منذ أكثر من 98 عامًا مضت، من الحصول علي أول رخصة قيادة للسيارات لإمرأة عربية، وربما في دول العالم النامي برمته ، ويعد ذلك انتصارا لمعارك المرأة المستمرة لانتزاع حقوقها المتأصلة في انسانيتها.
إضافة تعليق جديد