فلسطين الحكاية ...الساميون والكنعانيون (3)

الكاتب: 

إسراء علي البهنساوي

كاتبة صحفية
الخميس, يونيو 10, 2021 - 15

أشرقت شمس يوم جديد على القدس الحبيبة ، وكعادة معلمنا القدير زياد في أخذ تلاميذه إلى الأجواء المجاورة ليتخلل لأنفسهم عبق التاريخ ، وليشهدوا أن تلك الأماكن شاهدة حتى اليوم على ماحدث بها وكأنها تتكلم وتقول أنا المكان والزمان ....

مروان : معلمي متى أطلق على أرضنا بلاد كنعان ؟

المعلم زياد : سأقص عليكم بداية من الساميون فانصتوا....

الساميون:

وفقا للمكتشفات الأثرية في مصر والعراق، أن الساميين هم أقدم الشعوب المعروفة على أرض فلسطين، فمنذ الألف الرابع قبل الميلاد كانوا يعيشون على شاطئ البحر المتوسط الشرقي ، وأصل الساميون هي القبائل المنحدرة من سام ابن سيدنا نوح عليه السلام الأكبر .

وهذا يا أولادي يثبت أن أصل السكان في أرض فلسطين هم من العرب ، هاجروا من جزيرة العرب إثر الجفاف الذي حل بها، فعاشوا في وطنهم الجديد "كنعان" ما يزيد على الألفي عام قبل ظهور النبي موسى وأتباعه فلم يكن لليهود أي دور في أصل الأرض ....

الكنعانيون:

ونظرا لكل ما هو موثق ، فإن الهجرة الأمورية الكنعانية الشهيرة من الجزيرة العربية قد حدثت في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، غير أن بعض الباحثين يستنتجون أن الكنعانيين كانوا منذ بداية الألف الثالث مستقرين في البلاد، مستندين إلى مكتشفات الآثار المصرية.

كما ان هناك أبحاث تشير إلى وجود الكنعانيين ما قبل سبعة آلاف سنة، وذلك من خلال تتبع الآثار في مدنهم القديمة، وأقدمها مدينة أريحا الباقية حتى اليوم التي تعتبر أقدم مدينة في العالم.

ولن نختلف يا احبابي على الفترة بدايتها إلا أنه من الثابت أن الكنعانيين هم سكان فلسطين الأصلين ، والغريب أيضا أن التوراة أيدت ان الكنعانيين هم سكان الأرض الأصليين فهم الشعب الأموري

ومن أقدم المدن الكنعانية الباقية حتى اليوم:

أريحا، أشدود (أسدود)، عكو (عكا)، غزة،المجدل، يافي (يافا)، أشكلون (عسقلان)، بيت شان (بيسان)، وهناك أيضاً العديد من المدن والقرى منها ما بقي حتى اليوم ومنها ما اندثر، وقد كانت شكيم العاصمة الطبيعية لكنعان.

واشتهر الكنعانيون بالزراعة والصناعة وبرعوا في التعدين وصناعة الخزف والزجاج والنسيج والثياب كما برعوا في فن العمارة، وتأتي الموسيقى والأدب على رأس الهرم في الحضارة الكنعانية، حيث لم يعن شعب سامي بالفن والموسيقى كما عني به الكنعانيون، فقد اقتبسوا كثيراً من عناصر موسيقاهم من شعوب مختلفة توطنت الشرق الأدنى القديم، وذلك لأن طقوس العبادة الكنعانية كانت تقتضي استخدام الغناء، وهكذا انتشرت ألحانهم وأدوات موسيقاهم في جميع بقاع المتوسط.

ليس هناك من يجادل في أن الأدب والفن هما عنوان للحضارة، فليس غريباً عندما نتتبع الكتابات الإسرائيلية أن نكتشف الجهد الكبير الذي بذله الإسرائيليون ويبذلونه لإيهام الدنيا بأنهم هم الذين كانوا بناة الحضارة العريقة، وأصحاب الأناشيد والتراتيل والغناء، وقد تمكنوا فعلاً من جعل الوهم حقيقة في عقول الكثيرين، إلا أن المؤرخين الكبار الثقات أمثال (برستد) الذي يصف المدن الكنعانية المزدهرة يوم دخلها العبريون بقوله أنها كانت مدنا فيها البيوت المترفة المريحة، وفيها الصناعة والتجارة والكتابة والمعابد وفيها الحضارة التي سرعان ما اقتبسها العبريون الرعاة البدائيون، فتركوا خيامهم وقلدوهم في بناء البيوت، كما خلعوا الجلود التي ارتدوها في الصحراء، وارتدوا الثياب الصوفية الزاهية الألوان، وبعد فترة لم يعد بالإمكان أن يفرق المرء بين الكنعانيين والعبريين بالمظهر الخارجي،وبعد دخول الفلسطينيين من جهة البحر والإسرائيليين من جهة الأردن، توزعت أرض كنعان بين الأقوام الثلاثة، ولم يعد الكنعانيون وحدهم سادة البلاد، غير أن اللغة الكنعانية بقيت هي السائدة.

 ومنذ فجر التاريخ المكتوب أي منذ خمسة آلاف سنة لم تعرف فلسطين حتى عهد الانتداب البريطاني سنة 1917 سوى لغات ثلاث:

الكنعانية أولاً، والآرامية ثانياً، -وهي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح- والعربية ثالثاً.

المعلم زياد:أحبابي الصغار سنتوقف هنا اليوم لنكمل غدا تاريخ أرضنا الحلم ....فلسطين الحكاية (4) فإلى اللقاء.


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0