فلسطين الحكاية (6)...الأوقاف المسيحية

الكاتب: 

إسراء علي البهنساوي

كاتبة صحفية
الاثنين, يوليو 5, 2021 - 17

في حديث معلمنا زياد عن قطعة القدس وفلسطين الحبيبة ، سرد في لقاءه السابق بداية العهد المسيحي بالقدس ونجده ليستكمل لنا بين طيات حكاياته قائلا .....

أتعلمون يا صغاري قصة  الأوقاف (الأملاك ) المسيحية ....فشرد الصغار قائلين : لا معلمنا العزيز ...فما هي تلك الحكاية عن أملاك الكنيسة الأرثوذكسية ؟

فقال المعلم زياد: تمتلك الكنيسة الأرثوذكسية ربع القدس القديمة البالغة قرابة كليومتر مربع، كما تمتلك أراضي شاسعة، وأديرة، ومقابر، خارج البلدة القديمة في القدس، فضلاً عن عقارات في مدن فلسطينية كبرى، لكن قسماً لا بأس به من هذه الأملاك سُرّبت إلى اليهود المحتلين، عن طريق البيع أو الإيجار طويل الأمد لمدة 99 سنة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، باعت الكنيسة الأرثوذكسية مقبرتها، وأراضي دير مارسابا في بيت لحم، وباعت أيضاً أراضي جبل أبو غنيم في القدس، التي تحولت إلى مستوطنة صهيونية كبيرة، باسم "هارحوما" تكمل فصل القدس عن بيت لحم، وباعت أو أجّرت لأجل طويل أكبر مأوى لحجاج القدس من "المسكوب" أو أهل موسكو، وعليه يقوم اليوم معتقل المكسوبية سيء الذكر، وأراضي جبل أبي طور، وأخيراً ساحة عمر بن الخطاب في البلدة القديمة في القدس.

ويقول بعض المؤرخين إنها كانت ممتلكات أوقفها العرب المسيحيون في فلسطين حتى يستفاد منها لمصلحة الكنيسة خلال حقبة الإمبراطورية العثمانية، خوفاً من مصادرة هذه الأراضي واعتبارها أراضي دولة من قبل العثمانيين، ووفقاً لسجلات الكنيسة فإنها تمتلك نحو 18% من مساحة غربي القدس و17% من مساحة القسم الشرقي من المدينة، أي 35% من المساحة العامة للقدس بشطريها. المسيحيون كانوا يوقفون الأملاك للكنيسة في القدس بكثرة، بعد فقدان البطريركية لأملاكها الموقوفة في رومانيا بعدما ضمتها روسيا عام 1812 بموجب معاهدة بوخارست، وقد تكاثرت الأوقاف بشدة بعد هذا التاريخ، ولا يزال باب الوقف مفتوحاً إلى اليوم.

وتوقف قائلا : دعوني الآن أسرد لكم صفقة باب الخليل الشهيرة ................................

في 18 مارس 2005، كشفت صحيفة معاريف العبرية النقاب عن صفقة سرية بين الكنيسة الأرثوذكسية ومجموعتين يهوديتين استيطانيتين تخلت الكنيسة بموجبها عن الأراضي التي يقوم عليها فندق إمبريال وفندق البتراء و27 محلاًّ تجاريًّا تملكها البطريركية الأرثوذكسية في ساحة عمر بن الخطاب بمنطقة باب الخليل في البلدة القديمة بالقدس. وقد نشرت الصحيفة نفسها بتاريخ 29 أبريل 2005 الوثائق الأصلية للصفقة والتي أظهرت أن بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية إرينيوس الأول أجَّر أراضي تابعة للكنيسة في القدس المحتلة لجهات يهودية في 16 أغسطس 2004 لمدة 198 سنة. بعد ذلك بأيام، وتحديدًا في 15 مايو 2005 ظهرت تفاصيل جديدة تبين أن الشخص الذي سُربت إليه أملاك الكنيسة الأرثوذكسية يُدعى متتياهو دان، وهو ناشط في منظمة عطيرت كوهانيم اليهودية، وقد نشط في السنوات الأخيرة بشراء بيوت فلسطينية في الحيين الإسلامي والمسيحي، وفي الأحياء الفلسطينية الأخرى في البلدة القديمة في القدس.

مع تفاقم الفضيحة أصدر البطريرك قرارًا يلغي بموجبه جميع الوكالات الصادرة عنه أو عن البطريركية لأي شخص للتصرف في أملاك الكنيسة، وبالوقت نفسه يسعى لإسكات الناطق باسم الكنيسة المطران عطا الله حنا المعارض له، بالترهيب والتهديد بالإقالة، لكن محاولات البطريرك لم تجد نفعاً إذ تصاعدت موجة الغضب ضده، وقد شكّل المسيحيون المقدسيون عمادها، وفي 5 مايو 2006 عزل المجمع المقدس البطريرك إيرينيوس الأول، وفي محاولة أخيرة طعن البطريرك بقرار عزله أمام المحاكم الأردنية، لكنه خسر الدعوى لاحقاً مع صدور قرار رد الدعوى عن محكمة العدل الأردنية العليا بتاريخ 20 أكتوبر 2005. 

وسأحدثكم أحبائي في لقاءنا القادم عن الإنجيل وكتاباته وقصة الحواريين.....فإلى لقاء مع حكايتنا رقم (7)


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0