قد يتهيأ لك أن المرأة المتحررة هي التي لا تضع الحجاب والتي تخالط الرجال والتي تقبّل أبناء عمومتها في أعياد الميلاد على الخدين وما إلى ذلك.. وقد تظن أن الرجل المتحرر هو ذاك الذي لا يمانع عدم ارتداء "نسائه" الحجاب ومخالطتهن الرجال ويقبّل بنات عمومته في أعياد الميلاد وما إلى ذلك..
لكن مهما "تحرر" الإنسان من #قيود_المجتمع أو #قيود_الدين، فلم ولن يتحرر من "قيود الفضل".
انتبه! إن أسدى أحدهم لك معروفاً فقد قيدك بفضله قيداً لا فكاك منه. فالمعروف أو الجميل أو الصنيع أو المساعدة أو حتى الإحسان عبارة عن #عقد_رسمي موثق بين الأرواح ذات العلاقة. ويتعين عليك بموجب هذا العقد أن تلتزم بكافة البنود مهما كانت مجحفة طالما وافقت عليها- سواء أدركت ذلك أم لم تدرك. والأمثلة كثيرة جدا، ومن أبسطها وأطرفها اضطرارك إلى متابعة ما ينشره شخص استدنت منه مبلغاً من المال مثلاً، والويل لك إن لم تضع له "لايكات" أو "كومنتات" تليق به.. تخيل الحال مثلا، لو كان هذا الشخص مديرك في الوظيفة والمسؤول عن ترقيتك أو مكافآتك (لطفك يارب)..
فلا تعجب إذن إن وجدت نفسك مضطراً إلى قبول تقديم تنازلات معينة أو التراجع عن مواقف معينة أو التخلي عن حقوق معينة لصالح من "أسدى إليك معروفاً". وقد قال رجل حكيم مرة: "حتى الضحكة لها مقابل" بمعنى لو أضحكك أحدهم بنكتة مثلاً فهو يريد لذلك مقابلاً.
ياله من تفكير مضني ومتعب بالفعل، لكنه واقع لا يمكن إنكاره باعتبار أن كل البشر تقريباً "يدينون" لبعضهم بأفضال ومعروفات وصنائع و و و .. حتى بولائم.. فإن دعيت إلى منزل أحدهم فرد الدعوة أصبح ديناً في رقبتك.
وهنا لابد من التدقيق في النوايا، 《النية》هي التي ستحدد طبيعة هذا العقد الرسمي الروحي وطبيعة "القيود" المنصوص عليها فيه.
ابحثوا عن أولئك الذين يقدمون "عطاء غير مشروط"، والذين عندهم من صفاء النوايا ما يجعلهم في غنى عن انتظار المقابل.
بل، لا تبحثوا عن هؤلاء فقط.. كونوا أنتم أصحاب العطاء غير المشروط، كونوا أنتم أصحاب النوايا الصافية المستغنين عن المقابل.. فليكن عطاؤكم ومعروفكم وصنيعكم وإحسانكم وحبكم #لوجه_الله تعالى خالصاً مخلصاً.. وادعوا الله أن يطهر قلوبكم وأجسامكم وعقولكم ونواياكم (ونعم، هالاتكم) من رجس "قيود الفضل" الشنيعة. فعند الله لا يضيع معروف، ومن يصنع الإحسان لن يعدم جوازيه.
ودمتم متحررين في عالم من الإحسان و الافضال و النوايا_الحسنة
إضافة تعليق جديد