تتزين الدنيا هذه الأيام بموسم الحج ، حيث يخرج المسلمين من جميع الأسقاع إلى بيت الله الحرام في مكه وذلك لأداء فريضة الحج .....
ولكننا لم نكن على دراية بأن المصريين القدماء (الفراعنة) أيضا كانوا يعرفون الحج ، والغريب في الأمر أن هناك بعض المناسك المتشابهة للحج الذي يقوم به المسلمون الأن ، كما تظهره الجدريات الفرعونية في المعابد..
وأوضح وسيم السيسي : يقول سونيرون فى كتابه : «كهان مصر القديمة 160»: (وإلى جانب الجغرافيا العملية، كانت لقدماء المصريين جغرافيا دينية، وكان كهنة مصر يهتمون بها أكثر من غيرها، ففيها مراكز الأماكن المقدسة، ومراكز الحج).
كان أجدادنا يحجون إلى قبر أوزيريس فى جنوب سوهاج، كما كانوا يحجون إلى الكعبة!
يقول الدكتور لويس عوض فى كتابه «مقدمة فى فقه اللغة العربية» ص15: إن كلمة كعبة جاءت من كلمة مصرية قديمة وهى كابا، انتقلت إلى العربية كعبة، وإلى الإنجليزية CUBE.
كما يذكر لنا القاموس المحيط- ص 197- أن كلمة آمين (آمون) (بالمد أو القصر) اسم من أسماء الله، كما يذكر لنا د. نديم السيار أن كلمة حج مصرية قديمة: (المصريون القدماء أول الحنفاء- ص 466).
عرف السبئيون (حضارة سبأ جنوب اليمن) هذه الكلمة المقدسة (حج)، كما عرفها العرب نقلاً عن اليهود.. (جورجى زيدان، د. فؤاد حسنين على ص 294).. كما عرف اليهود هذه الكلمة نقلاً عن مصر القديمة (عباس محمود العقاد.. الله- ص72).
ما معنى كلمة حج فى اللغة المصرية القديمة؟.. معناها.. النور أو الضياء (د. بدوى وكيس- 171).
وقد ورد فى الصحيح أن النبى، صلى الله عليه وسلم، جعل الحج ضياء، بل نجد فى كتاب مرجريت مرى- ص 452: «مصر ومجدها الغابر»، أنشودة كتبها حور محب صاحب أول قانون لحقوق الإنسان.. تقول: التحية لك أيها القمر الذى يتفحص الحجيج...إلخ، وهذا يوضح لنا الارتباط الشديد بين القمر وشعيرة الحج. كانت الكعبة موجودة قبل إبراهيم عليه السلام، (ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم) (سورة إبراهيم- 37)، فإذن إبراهيم جدد البيت الذى كان مبنياً من قبل (د. عبدالحليم محمود). يقول عبدالله السيوطى: كان الأنبياء من بعد آدم إلى زمان إبراهيم.. يعظمون البيت (الكعبة) ويحجونه ويطوفون به...إلخ وطبعاً من هؤلاء الأنبياء إدريس، نوح...إلخ.
كما كان الصابئة المندائيون، وصابئة حران، وهم من مصر.. يعظمون الكعبة، ويحجون إليها (عبدالحميد جودة السحار).
أما كلمة (حج از) أى (حجاز) فهى من حج المصرية، والزاى المصرية (آز) بمعنى توجه أو ارتحل، وتوضع بجوارها علامة تفسيرية على شكل: ساقان تمشيان.. فيكون المعنى: توجه إلى، أو سعى إلى الضياء.. (المصريون القدماء أول الحنفاء 474). أما مكة فقد وصفها الله بـ(أم القرى)، (وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربياً لتنذر أم القرى) (الشورى-7)، ولكن ما أصل كلمة قرية، نجد فى اللغة المصرية القديمة «ق» معناها قمة جبل، (قر) معناها كهف أو مغارة، ويقول د. لويس عوض: ومن جذر (قر) المصرية.. جاءت قرار، استقرار، مقر، فكلمة (قر) معناها جبل.. يستقر فيه الناس، انتقلت هذه الكلمة، للسومرية (كر) بمعنى جبل أو بلد، كما انتقلت للأكادية «قر» بنفس المعنى السابق، ثم أضيفت (الياء) المصرية (ياء النسب)، (والهاء) أو التاء.. وهى تاء التأنيث.. فتصبح قرى هـ أى قرية (المصدر السابق 479، مقدمة فى فقه اللغة العربية 569).
كما يقول القفطى فى إخبار العلماء ص3: إن النبى إدريس بنى 140 مدينة خارج مصر فى رحلته إلى المشرق، وطبعاً الذى يهمنا من كل هذه المدن.. مكة.. أم القرى.. لأنها أول قرية بناها المصريون خارج بلادهم فى أرض الجزيرة. مصر القديمة أيها الأصدقاء.. حرَّمت الميتة والدم ولحم الخنزير منذ آلاف السنين، كذلك التقويم القمرى من مصر، الصيام من مصر، بناء الكعبة من مصر، تأسيس مكة من مصر، ليلة القدر من مصر، نشأة التسبيح من مصر، الختان - ختان الذكور لا الإناث- من مصر، ألفاظ.. دين، ملة، حنيف، ختان، صوم، حج، ماعون (زكاة) كعبة.. قرية.. كوراب (أصبحت براق)- (الحصان المجنح) كلها كلمات مصرية قديمة..
فقد أوضح مجدي شاكر، كبير أثريين بوزارة الآثار: "لم تنقطع فكرة الحج فى عهد المسيحيين، ففكرة الطواف والملابس والتحلل كل ذلك مارسه المصرى القديم رغم اختلاف المعتقد، حيث كان المصرى دائما البحث عن سبب وجود العالم، وعرف أن هناك قوة عظمى هى التى تدفعه وظل يبحث عنها ويحاول التقرب لها بمختلف الطرق، وإن أخطأ فى بعض الأحيان حتى أنعم الله عليه بالرسل ليدلونه على هذه القوى العظمى".
كما أوضح شاكر أنه لم تعرف الكتابة المصرية القديمة كلمة محددة تشير لمفهوم الحج، رغم أن هذه الرحلة كانت من أهم أمنيات كل مصرى وكانت تصور كمنظر أساسى فى معظم المقابر لكل الطبقات، وكانت رحلة الحج تتم لمنطقة العرابة المدفونة فى محافظة سوهاج، وذلك لوجود معبد "خنتى أمنيتى" ويقع على الطريق المؤدى لمقابر الملوك وقبر أوزوريس.
وأشار إلى أن موعد رحلة الحج كان اليوم 8 من الشهر الأول من فصل الفيضان، حيث كانت احتفالات أوزير تجرى فى الشهر الأول الفيضان، ويتواكب مع عيد أوزير الذى يستمر من الثامن من الشهر الأول الفيضان حتى يوم السادس والعشرون من نفس الشهر والليلة الكبيرة فى يوم 22 من نفس الشهر.
وأضاف"بجانب الحج لأبيدوس، كانت هناك زيارات لبوتو وسايس وهليوبوليس وكلها مدن لها قدسيتها وكانت لها مقاصير تشارك فى عيد أوزير، وبعد العودة والانتهاء من رحلة الحج كانت المراكب تعود للشاطئ الغربى، وتبدأ رحلة تشييع الجنازة بوضع التابوت على زحافة يجرها أربعة ثيران، ليجرى لها طقس فتح الفم وصب الماء أمامها، ويتخلل ذلك ولولة الزوجة وهى تحتضن مومياء زوجها، وكانت أحيانا ترافق كل هذا الراقصات والمغنيات للموكب".
وعن الملابس المستخدمة في الحج الإسلامي والفرعونى، فإن الملابس تعتبر جزءا مهما من المناسك الإسلامية، وهي ذات اللون الأبيض وهي نفس الملابس المستخدمة في مناظر الحج الفرعوني إلى منطقة أبيدوس، ومدون الكثير من هذه المناظر على جدران المقابر سواء الأفراد أو النبلاء، حيث اعتبرت مناظر رحلة الحج شيئا حرص المصري على تسجيل مناظرها على جدران مقبرته.
وأضاف أن "اللون الأبيض له الكثير من الدلالات من حيث الصفاء والتسامح والتقوى والورع والسمو والغفران من الذنوب، والأبيض فى الهروغليفية (حدج) في حين كلمة الحجاز مكونة من( حدج آذ)، وكلمة آذ تعني خطوة أو الضياء والنور، وبذلك تكون كلمة الحجاز تعني الخطوة البيضاء أو الخطوة ذات الضياء .
كما أوضح شاكر أنه في الحج الإسلامي يقوم الحجاج بتغطية الكتف اليسرى وتحتوي على القلب، وبالفعل هناك مناظر الحج الفرعونية تظهر تغطية الحجاج الكتف اليسرى دون الكتف اليمنى، وربما لما يحمله اللون الأبيض من قيم عالية، وأن الجانب اﻷيسر من الجسد الذي يغطيه الحاج يحتوي على القلب، وأن الله في هذا اليوم يريد أن يغفر للحجيج جميعا، لذلك يريد أن يراها بيضاء مثل اللون اﻷبيض الذي يغطي القلب والذي يكون منبع الغل والحقد كما هو أيضا منبع من الخير والإحسان.
وأشار "لذلك يغطي كل الحجيج الكتف اليسرى لأن الله يريد أن يرى كل القلوب بيضاء وهو غافر لما بداخلها من الشرور، واعتبر الفراعنة أن القلب هو أهم ما يزين الإنسان ويجمله، ويدخل في أسماء الملوك ويأخذ صفات من الجمال وسمى "أيب"، وكانوا يصفون شخصا بأنه طيب القلب أو ذو قلب طيب، وكلمة طيب أو طيبة هى "نفر"، وكان صغار السن في الجندية هم النفر، وتعني الجمال أو الناضجين، ولمكانة القلب كان يحنط وكان يركن له ويعتبر حجة على صاحبه أثناء محاكمة الموتى الفرعونية.
إضافة تعليق جديد