مقامات الوجد

كتاب مقامات الوجد
الكاتب: 

عفيفي عبد الحميد

المستشار الإعلامي لموقع المنصة بوست - مصر
السبت, يوليو 18, 2020 - 15

 ديوان " مقامات الوجد " ، شعر / محمد سليم خريبة
الكتاب مودع بدار الكتب والوثائق ، برقم الإيداع : 11907/2015م     
فى ديوان "مقامات الوجد" شاعر ينتمى إلى جذوره الأولى وامتداداتها، ويصل  إلى زماننا معبرا باستقلاليته الدالة عليه هو ، بتأصيل لكون الشعر الشعر تجارب ،  تفرض على الشاعر ذاتها قضية أو حالا ، ويعبر هو عما تمليه عليه التجربة ، فلا  سلطان له إلا إبانة  ما اعتمل فيه وتحركت لأجله خلجاته ، فالشاعر هنا وفى شعر  كله ليس بصاحب ما يسمى  "مشروع قصيدة أو ديوان"، رغم أن محور هذا الديوان أخلاقى قيمى؛ فما أوجب على الشاعر ما يظنه البعض دعوة أخلاقية، إنما هو وحى  واقع متغير، جدت به أعراف تنكر للتراث ورد القدوة، فيؤكد الديوان منذ نصه الشعرى الافتتاحى على ثبات يقين الشاعر واستقلاله غير المنفصل عن أصله، حيث يقول :
أَنَا عَاشِقٌ عَرَكَتْهُ طَـارِقَةُ الْجَوَى   وَحَفِظْتُ مَابِىَ لَمْ يَزَلْ بِىَ هَهُنَا                                        أنَا بِى أَنَا يَا سَيِّدِى، أَنَا سَيِّدِى   أَرِدُ الْجَمَــــــالَ ، فَأَسْــــتَزِيدُ تَوَازُنَا                                     وَرَعُ الْهَوَى غَلَبَ الْجَوَى وَأَقَرَّ أنِّــــىَ سَــيِّدِى ، يَا سَــيِّدِى ؛ فَأَنَا أَنَا
  ثم يواصل العتاب على شباب كثيرين ؛ تنكروا لماضى أوائلهم ولمثلهم العليا، وتنمر   منهم من تنمروا بالتراث ومكارم أخلاق العرب، وتتعدد الإشارات حول ذلك فى قصائده وموشحاته، فهو يكاد أن يكون الوشاح الفريد الآن مجددا فى الموشح بناء وشكلا ، ومضمونا وغايا، تكشف عنه تجاربه الشعرية بقصائد ، منها: يا بن أم ــ يا نديمى ــ  هو ــ يا شاكيًا ــ يا أخى ــ لا تَدْمَعَنْ ــ طائر الأحلام .                                      
   ويدعوه حبه اللغة العربية، وحال كثيرين من بنيها الذين خرجوا عليها؛ تشهيا ما  عند غير العرب للتخفيف عما بها فى قصيدة" أم البيان"، وحيث يرى شرود الشباب عن آبائهم يحدث نفسه مجردا منها كيانه ويكلمه ويخفف عنه تباريحه، ب قصيدة " أنتَ، أنتَ " ، يقول بأولها عن أثر ما يرى من تراجع قيم الأبناء وحال الشيوخ :
      وحدها تمضى الخطى نحو المغيب... تتفادى الدمعَ ؛ من دَفْق الوجيبِ                 
     تتوقى ما تبقى ، قبــــــــــــــــــــــــــــل أن ... يذهب السِّـــــرُّ ابنَ نَعْيٍ أو نَحِيبِ
   وبخاتمتها :
     وَحْدَكَ انْهَضْ ، وَتَهَيَّأ ، وَاقْرَأَنْ ... وِرْدَكَ، اسْتَرْحِمْ سَنَا نُورِ الْمُجِيبِ  
     وَحْدَكَ اشْهَدْ أَنَّمَا هَـــــــــذَا السَّنَا ... لِجَمَالٍ صَـــــــــــــــــــاغَ لَحْنًا لِلْمَغِيبِ
  لكنه يعود إلى النصح ، باستدعائه آيتين من آيات الله ذى الجمال والجلال ، كى تتم     بهما الدعوة إلى مكارم الأخلاق ، معلنا عن" ليلى " رمزا لآيات الله تعالى ، فإن " ليلى "   لها تحولاتها ، فهى فى الأصل الإنسانة، ولكنها غدت رمزا للقيم الفاضلة، ومصر، وهى هنا إحدى آيات الكمال والجلال الإلهيين، وشريكة فى هداية من ناصبوا الفضيلة عداءً، فى موشح ربما يكون أطول من الموشحات جميعها، وهو المُحَمَّل بالرمزية، والصوفية ، والرومانسية ، ويعمر بالكشف عن طبائع الناس ، ويلتمس لغير المهتدين الوسائل التى   تعيدهم إلى الحق والنور فى ختام الموشح ، وإن استغرق نصه مستدعيا علم العقيدة :
     كُلُّنَا فِيــــمَا بِنَا نَتْـلُو ، نُصَلِّى  وَنُطِيلُ الذِّكْرَ بَعْــدَ الوِرْدِ ؛ حُبَّـا
     إِنْ عَلَانَا العِشْقُ آناَءَ التَّجَلِّى  صَبَّ خَمْرَ الرُّوحِ للعشَّاقِ صَبَّا
     يقْبَـلَ الإشْــرَاقُ فى زَهْـوٍ وَدَلّ  دَاعِيًا لِلسَّعْىِ ، حَيَّا الْحَىُّ ، لَبَّى
     قَالَ رَاجِى البِرِّ للبُشْـرَى أَطِلِّى  عِنْدَ لَيْــلَى يُوهَبُ الأحْبَابُ رِزْقَا

     لَيْلَ لَيْلَى ، يَا هَوَى صَادٍ صَبَا  أَنْتِ نُـورٌ طَـــــــابَ فِيهِ المُلْتَقَى     
     فَتَـجَلَّىْ ، بَيِّـنِى فِيـــنَا الصِّـــــبَا  وَزَمَـانًـــا لَـمْ يُشَـــــــــيّبْ مَفْــــــرِقَا
  ثم يؤكد على أنه عائد إلى الرحابة حين يحل الهدى فى نص " سوف آتى "، ثم يتوج    الديوان بمدح قيم" سيد الخلق "، و" رسول السلام"، ويختمه بقصيدة "مرام" أصغر أبناء    ابنته فاطمة التى صدر الديوان بإهدائه إياها بقوله:" إلى ابنتى فاطمة، فرح روحى " .


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0