ترجمة : ريما الحاج
عُقد إجتماع غريب والأغرب من ذلك الإتفاقية التي تم التوصل إليها في واشنطن بتاريخ 4 سيبتمبر 2020. حيث إجتمع كل من ممثلي الوفد الصربي، و وفد بما تسمى دولة كوسوفو وذلك برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. إن هذا الإجتماع أثار الروح المعنوية والعواطف حول العالم بأكمله، وأثار العديد من الأصداء والخلافات حتى خارج دول البلقان. تمحور موضوع هذا الإجتماع الغريب إتفاقيات عدة، حيث تم تداول بعض البنود من خلال هذا الإجتماع التي لا علاقة لها بالمشاكل السياسية في الساحة المحلية المشتركة التي تحتاج إلى حل. فوجىء الكثيرون، وإستناداً على ردة فعل رئيس جمهورية صربيا خلال التوقيع فوجىء هو أيضاً، حيث أشارت إحدى نقاط الإتفاقية التي تم توقيعها إلى الإلتزام الذي تم التعهد به وقبوله من قبل جمهورية صربيا بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس بحلول شهر يوليو من العام القادم 2021. أثارت هذه النقطة من الإتفاقية خلافات مختلفة حول العواقب السياسية الناجمة لإتخاذ مثل هذا القرار. هنالك تكهنات حول هذا الموضوع وكيف ستنظر إلى هذا الأمر الجهات السياسية المختلفة في العالم؟ على عكس الولايات المتحدة التي تؤيد هذا القرار وبشدة، فإن دول الإتحاد الأوروبي وروسيا والصين والعديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة من السكان وكذلك الدول العربية التي تقف بحزم على أن إتخاذ مثل هذا القرارهو إنتهاك بأم عينه للقانون الدولي وقرار الأمم المتحدة رقم 478. إن الإجراء الإفتراضي في نقل السفارة الصربية إلى القدس سيُعترف به كفعل من طرف واحد أي من الجانب الإسرائيلي والتي أعلنت عام 1980 ضم القدس (والتي تم أإحتلالها في حرب 1967). من خلال إتخاذ صربيا مثل هذا القرار ستُظهر بذلك عدم إحترام للشعب الفلسطيني ودولة فلسطين، حيث أن فلسطين أصبحت عضواً دائماً في الأمم المتحدة عام 2012، حين كان يترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة صربي. إن تلميحات بعض المسؤولين الصرب بأن قرار نقل السفارة إلى القدس لا يزال غير نهائي وتعتبر فكرة مشجعة وفيها بعض من روح الإيجابية. كما ينطبق هنا المثل اللاتيني الصغار يعانون عندما لا يتفق الأقوياء إن هذا مؤسف ولكنها الحقيقة. وبصفتي مواطن من جمهورية صربيا وأنتمي للشعب الصربي، آمل بكل صدق ألا يتم نقل السفارة وتنفيذ هذا القرار. وكعضو فعال ونشط في جمعية الصداقة الصربية الفلسطينية وأستاذ للتاريخ لدي قدر عالي من التفهم والتعاطف مع معاناة السكان اليهود في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية والمحرقة التي حصلت، لكنني لا أجد أي مبرر لأفعال إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. وبهذا الأسلوب في التفكير والموقف الذي إتُخذ لا أطرح أي أسئلة عن الدلالات السياسية لمثل هذا الإجراء السياسي لنقول إنه إفتراضي بل أطرح سؤالاً أخلاقياً آخر ألا وهو .. هل لنا الحق في إتخاذ والموافقة على مثل هذا القرار و الفعل؟ كما تقول الحكمة اللاتينية "لا تلمح للآخرين ما لا تفعله بنفسك" هذا ما يراودني في مثل هذا الموقف. وكأبطال الأحفاد الصرب عبر التاريخ مثل ميشار، تشيغرا، ليوبيتشا، كومانوفا، سوفوبورا، كايماكتشالنا، كوشار وغيرهم.. تعودنا وترعرعنا عبر التاريخ والأزمنة أن نعاني من الظلم لا أن نظلم الآخرين. ولطالما إمتلكت القوى العظمى ما يكفي من الجرأة لتجاهل كلاً من القانون والعدالة لفرض سلطتها كحل وحيد لتعزيز قوتها وجبروتها فيجب أن تلتزم الدول الصغيرة والشعوب الضعيفة مثل الشعب الصربي والفلسطيني بالمبادىء والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والقواعد الأخلاقية كشرط لبقائهم في عالم ملئي بالقسوة والظلم. بغض النظر عن جميع الظروف التي يتم مواجهتها، تستمر دولة فلسطين باحترام القانون الدولي وقرار الأمم المتحدة رقم 1244، فهي لم ولن تعترف بالإنفصال المعلن لإقليم كوسوفو. بهذه الطريقة تظهر فلسطين الإحترام والصداقة تجاه دولة صربيا وشعبها. فهل من المشين أن تطالب بالإحترام المتبادل تجاهِها أيضاً؟ وهل يمكننا السماح لأنفسنا أن نُذل أمام العالم بأجمعه؟ هذه تساؤلات تجوب في خاطري.
رئيس جمعية الصداقة الصربية الفلسطينية
ميلان ييفتيتش
ترجمة ريما الحاج
إضافة تعليق جديد