أحمد وبدر صديقين من متحدي الإعاقة يكملان بعضهما البعض

الصداقة هي سلاح الحياة والقوة والاستمرارية , فإن كان لك صديقا مخلصا فأنت لديك جيشا لا يعرضك للهزيمة أبدا.

نتوقف هنا عند الصديقين أحمد وبدر ، وإلينا تلك الشخصيتين المجسدتان لأبرع وأنقى أنواع العلاقات الإنسانية ( الصداقة ).

ففي أزقّة دمشق القديمة، يدفع الشاب الأصم أحمد الكرسي المتحرك لصديقه المصاب بالشلل بدر، ليشكلا معاً ثنائياً فريداً من نوعه يتشاركان هموم الحياة والعمل.

فمنذ أكثر من 3 سنوات، يقضي الصديقان وقتهما معاً ولا يُمكن لأحدهما أن "يتخيّل حياته من دون الآخر"، بعدما تشاركا الكثير من تفاصيل الحياة اليومية.

وتعود الحكاية إلى :

عام 2012،  حيث انقلبت حياة بدر الهجّامي (28 عاماً) رأساً على عقب حين أصيب في دمشق بشظية قذيفة لامست نخاعه الشوكي وتسبّبت له بشلل تام في الأطراف السفلية.

 حينها، بات الكرسي المتحرك صديقه الوحيد إلى أن تعرّف في عام 2017 على أحمد موسى (24 عاماً)، شاب أصمّ فقد القدرة على النطق والسمع بعد ارتفاع مفاجئ في درجة حرارته عندما كان في الثانية من عمره.

ومنذ نحو ثلاث سنوات، صار كلّ منهما سنداً ومكملاً للآخر، وباتت أزقة دمشق تعرفهما.

وفي تصريحاتهما لوكالة "فرانس برس":

تحدث بدر قائلا "نحن فريق واحد، أحمد يُكمّلني، فصار قدمي التي أمشي عليها، وأنا أصبحت السماعة التي يسمع من خلالها، أذناي له وقدماه لي" , فنجده يبذل قُصارى جهده ليترجم لأحمد عبر لغة الإشارة التي تعلمها منه خلال ثلاث سنوات، ينقل له ما يدور من أحاديث ويتحدث بلسانه مع مدرب كرة السلة ونادل المقهى وسائق سيارة الأجرة.

أضاف بدر: "نمضي معظم وقتنا معاً، نأكل ونشرب ونلعب معاً، لا يمكن أن أتخيل الحياة من دونه".

وجديرا بالذكر إن : بدر وأحمد هما اثنان من 3.7 ملايين شخص من أصحاب الهمم في سوريا، 17% منهم يعانون إعاقة حركية بحسب دراسة أشرفت عليها الأمم المتحدة عام 2019 , ونتيجة لما خلفته الحرب على سوريا تشكل نسبة ذوي الإعاقة  27% من إجمالي السكان،

وقال أحمد بلغة الإشارة كما ينقل بدر لـ"فرانس برس": "الصم في العالم يعيشون في عالمهم المنعزل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المكفوفين والأشخاص على الكراسي المتحركة ، وكل فئة في عالم خاص ولا يوجد دمج بينها"، مضيفاً: "أحتاج لمن يساعدني، وعندما نندمج، يصبح وضعنا أفضل جميعا"

و جديرا أيضا بالذكر أن 62% من أصحاب الهمم في سوريا عاطلون عن العمل بحسب الأمم المتحدة، إلا أن بدر وأحمد تلقيا دعماً من برنامج دمج الأشخاص ذوي الإعاقة التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، وتزوّدا بكاميرتين احترافيتين، وباتا يتجولان في أزقة دمشق لالتقاط الصور.

قوتهما :

يقطنان في منطقة البرامكة وسط دمشق، يلعبان كرة السلة فيُساعد أحمد صديقه في الصعود إلى السيارة، ويتوجّهان إلى صالة  الملعب ، حيث  يُكمل الشابان تمارينهما الأسبوعية قبل أن يتوجها كعادتهما إلى مقهى وسط العاصمة حيث يلعبان ورق الشدّة مع أصدقائهما.

ورغم أصوله المغربية، تمكن بدر من حجز مقعده في المنتخب السوري لكرة السلة على الكراسي المتحركة.

يُخرج بدر هاتفه المحمول، ويظهر صورة لشخصين بالأبيض والأسود قيل إنهما عاشا في دمشق، وصارت قصتهما تُروى بين السوريين، أحدهما من قصيري القامة عانى من الشلل يُدعى سمير والآخر كفيف واسمه محمّد، وكان كلاهما يُساعد الآخر، وفي الصورة يحمل محمّد سمير على ظهره.

وقال بدر: "الصورة بحسب الأسطورة التقطت قبل أكثر من مئة عام، ونحن نجسّد نوعاً آخر من الدمج والتكامل، وأتمنى أن تصبح قصتنا نموذجاً للأشخاص ذوي الإعاقة" على غرار سمير ومحمّد، خصوصاً أن "البعض يُصاب بعد الإعاقة بنوبات كآبة".

لا تفارق الابتسامة وجه بدر، بينما تبرز عضلات يديه جراء التمارين الرياضية المكثّفة التي يخضع لها.

وقال: "زادت الحرب من الأعباء الملقاة على الأشخاص ذوي الإعاقة، وتأخر منحهم أولوية في الخدمات والبنى التحتية، إلى جانب نظرة المجتمع الدونية إلينا".

وأضاف: "قبل معرفتي بأحمد كنت وحيداً، واليوم أصبح لي الكثير من الأصدقاء بفضله، وكذلك الأمر بالنسبة إليه".