يوم الخميس 8 نيسان/ابريل 2021، افرج الاحتلال الصهيوني عن المعتقل الفلسطيني" منصور الشحاتيت" من بلدة دورا من مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة بعد قضاء محكوميته البالغة 17 سنة، وهو أحد ابرز ضحايا الإهمال الطبي في سجون الاحتلال الصهيوني.
فقد اعتقل منذ تاريخ 11/3/2004، وصدر بحقه حكمابالسجن لمدة 17 عاما، بتهمة طعن أحد المستوطنين في مدينة بئر السبع المحتلة، وحين اعتقاله كان شابا عنيدا مفعما بالقوة والحيوية والعناد والكبرياء ولم يكن يعاني من أي أمراض، لكنه تعرض خلال التحقيق إلى جولات تعذيب قاسية وضرب شديد، وعزل انفرادي طويل الأمرالذي أدى إلى إصابته باضطراب وعدم انتظام دقات القلب. وضيق في التنفس، وحالة من فقدان الذاكرة، بالإضافة الى امراض عضوية اصابته نتيجة قلة النوم وقلة الطعام وأهمل الاحتلال الصهيوني حالته الصحية ولم يقدم الرعاية الصحية اللازمة له ما انعكس على حالته النفسية بشكل سلبي...
وبعد محاكمته من المفروض ان يبقى في السجون مع زملائه لكن الاحتلال اراد ان يحطم روح منصور من الداخل واراد ان يكسر كبرياؤه... واريدكم ان تتخيلوا معي كيف أمضى المناضل "منصور الشحاتيت "ايام واسابيع وشهور وسنوات في زنزانة معتمة لا تزيد مساحتها عن 2 متر مربع، لا يعرف كم الساعة ولا كم اليوم ولا يتمكن من اداء الصلاة ولا دخول الحمام ولا يعرف ما هو الطعام الذي يقدم له ولا يستطيع ان يراه اصلا حتى يأكله .. زنزانة تشبه القبر لكنها تختلف عن القبر ان القبر يموت فيه الانسان ويستلقي ويرتاح بينما في الزنزانة الصهيونية لا يعرف ان يرتاح ويتعرض للضرب المبرح عدة مرات يوميا واسبوعيا من طرف سجاني وقوات القمع في السجون الصهيونية، واحيانا يتم ادخال كلب بوليسي مسعور اسود ضخم ليهاجمه ويرعبه واذا غفت عينه يتم طرق باب الزنزانة الفولاذي بمطرقة حديدية ثقيلة او عصا السجان ليقفز قلبه من مكانه.
والزنزانة فيها رطوبة لا يعرف مصدرها ورائحتها تُفقد المعتقل حاسة الشم . وفي منتصف الليل في الشتاء القارص يتقدم سجان صهيوني ليسكب دلوا كبيرا من الماء على المعتقل المحكوم منصور ويتركه مبللاً يرتجف ويصرخ وينادي بينما يتضاحك السجان الذي لا يمكن ان يحمل صفة انسان.. مرت أيام ٌواسابيع وشهور وسنوات "ومنصور" مكبل دون حركة ... وانا لا استوعب لماذا يتم تكبيله وهو داخل ذلك القبر في تلك الظلمات .... وتتوالى الانتهاكات بحق المناضل "منصور الشحاتيت" ورغم نقله مرارًا بشكل قمعي بين السجون الصهيونية : النقب ونفحة وسجن الرملة ومجدو وعوفر والمسكوبية وصرفند .. والخ من السجون المقامة على ارض فلسطينية محتلة والمسماة بأسماء مدن فلسطينية محتلة،.. الا ان الاحتلال انتهج مع "منصور" نفس الاسلوب في العزل والتعذيب في كل السجون لانه حسب توصية ادارة السجون الصهيونية ارهابي كبير .. وبمفهومنا نحن هو مناضل عنيد وشريف.
إن الاحتلال الصهيوني يهمل المعتقلين المرضى بشكل متعمد ويعذبهم بالعزل الانفرادي، وهناك الكثير من الأسرى يعانون مثل المناضل"منصور الشحاتيت. وهو ليس فقط من يتعرض لهذا الاسلوب الصهيوني الحقير في التعامل بل هناك المئات يعيشون نفس ظروفه واشهرهم ربيع أبو نواس ومحمد جبران الذين أمضيا 10 سنوات في العزل الانفرادي ويمران بوضع نفسي صعب ومحرومان من الزيارة".
وان خروج منصور الشحاتيت بهذه الحالة التي اوجعت قلوبنا هي فضيحة للاحتلال ودعوة للمجتمع الدولي الذي يدعي الحضارة للتحقيق في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد شعبنا داخل السجون وخارج السجون فهذا الاحتلال مجرم بكل المقاييس وفاق النازية في اجرامه وتصرفاته اللاأخلاقية.
لقد أمضى "منصور الشحاتيت" 17 سنة في السجون الصهيونية وعاد الى والدته ووالده الذين حاولوا كثيرا زيارته وفشلوا وعندما زاروه كان قد فقد ذاكرته فلم يعرفهم وعندما خرج من السجن لم يعرفهم ..وانا اريد منكم ان تتخيلوا شعور الام عندما ترى ابنها البطل محطما فاقدا للذاكرة ولا يعرفها .. اريد منكم ان تتخيلوا شعور الاب عندما يرى ابنه الذي اصبح شابا لكنه لا يدرك ما حوله نتيجة تلك المواقف القاسية التي قلنا لكم ان تتخيلوها في تلك الزنزانة الحقيرة..
وانني ارجو ممن لا يمكنه التخيل ان يجلس في غرفة معتمة لمدة ساعة فقط دون ان يتكلم مع احد .. هل سيستطيع ؟؟ اثق انك لن تستطيع لكن ارجو ان تحاول عسى ان تشعر بأوجاع وهواجس انسان امضى 6221 يوم وهي ايام ال 17 سنة متتالية في ظروف لا انسانية في قبر معتم وهو حي .... 6221 يوم ليست اياما كأيامنا نحن في بيوتنا وعلى الشاشات ومع احبابنا وانما ايام طويلة وليالي اطول وحيدا صامتا في ظلمات بعضها فوق بعض .. ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور.
لقدعاد " منصور الشحاتيت " هزيلاً مريضاً، ولكن قال بكلمات بسيطة استفزتنا جميعاً،" كانوا يضربوني . وسكت وقال أنا أحب فلسطين وأحب وطني وصبرت وصمدت من أجل الوطن"... أرأيتم ؟؟ رغم كل شيء فإن حب الوطن لا يموت داخل الانسان الفلسطيني صاحب الحق وصاحب الارض والقضية العادلة .. لقد صمتت كل الكلمات أمام هذا المشهد الانساني، ومنعه احد اقربائه من ان يكمل بكاؤه فالرجل لا ينهار ولا يبكي امام الجموع رغم ان الدموع ملأت عيون من كان موجوداً من الاقارب وبعض من رفاق المعتقل الذين يتذكرون هذا الأسد عندما كان يعاند المحتل من داخل الزنزانة في بدايات اعتقاله، وشاهدوا الآن كيف عاد من داخل زنازين الموت محطما فاقدا للذاكرة. لكنه "منصور" وسيكون له نصيب من اسمه وسينصره الله وسيتعافى وسيعود له عقله بعدما يتنسم عبق الحرية وبعد ان تهب الرياح الشرقية القادمة من جهة القدس ويتنسمها .. سيعود منصور الشحاتيت منصورا منتصرا وسيكون له اولاد وذرية تقارع الاحتلال الى يوم القيامة ..ومنذ خروج منصور اطلق اكثر من 18 مواطن فلسطيني رزقهم الله بأطفال .. اطلقوا اسم"منصور" على اطفالهم تقديرا لنضالات منصور الشحاتيت وتحديا للمحتل فكلنا"منصور الشحاتيت" مهما حاول الاحتلال الصهيوني ارهابنا.
قد يكون "منصور الشحاتيت" هو المعتقل الوحيد الذي ظهر امام الاعلام وبقي حيا وفقد عقله ولكن هناك غيره الكثيرين الذين استشهدوا في نفس الظروف امام صمت العالم المتحضر بينما تستمر انتهاكات الاحتلال للمعتقلين الفلسطينيين داخل السجون ومن ضمنها سياسة الاهمال الطبيّ المتعمّد، والعزل الانفرادي وسواها من الممارسات، تدخل في إطار السياسات الصهيونية الممنهجة ، وللتذكير فإن عدد المعتقلين الفلسطينيين بلغ خلال العام 2021 م اكثر من 6450 معتقل، بينهم 38 فتاة وسيدة، و270 طفلاً اقل من 18، واكثر من 800 معتقل إداري بلا محاكمة، و1300 حالة مرضيّة، منهم 80 حالة حرجة بحاجةٍ ماسة لكشوفات طبيّة عاجلة، إضافة إلى17 معتقلاً يرقدون بشكلٍ دائم في عيادات السجون، ويُمارس بحقهم كافة الأساليب الإجراميّة التي تخالف ابسط مبادئ حقوق الإنسان، وعدد كبير جدا منهم يعيش في زنازين انفرادية
تبا للعالم المتحضر وتبا للقانون الدولي الاعوج مزدوج المعايير وتبا لمنظمات حقوق الانسان الصامتة وتبا لكل من يدعي انه يحافظ على حقوق الانسان وتبا لكل من يدعو للتمسك بالشرعية الدولية الظالمة التي تقف مع المحتل وتتجاهل حقوق اصحاب الارضالمحتلة تحت ضغط الصهيونية العالمية ربيبة الماسونية العالمية وتبا لكل المطبعين مع الاحتلال المتصهينين الذين باعوا انفسهم للاحتلال بثمن بخس وتبا لكل من يهاجم نضال شعبنا او يطعن في تاريخنا وفلسطيني تمثلني غصب عنكم