أزمة سد النهضة ليست خلافا جغرافيا او تاريخيا بل هي خلاف سياسي قائم صنعته اثيوبيا التي تسعى الي ايجاد سيطرة افريقية وتبحث عن دور مقبل في صنع السياسية على المستوي الافريقي وباتت هذه الازمة تتمحور بعد التدخل الاسرائيلي المباشر حيث تبحث دولة الاحتلال على وضع يدها على مصادر المياه الاساسية في المنطقة على المستوي الاستراتيجي فبات من الواضح قوة التدخل الايدلوجي الاسرائيلي والجمعيات الاستيطانية التي تحمل الفكر العنصري في القلب الافريقي.
وفي المقابل سعت دولة الاحتلال منذ السنوات الأولى لتأسيسها للحصول على مياه النيل عبر مشاريع ومخطّطات متعددة مدعومة أمريكيا كما كانت المياه من أهم الأهداف التي وضعتها الاجهزة الامنية الاسرائيلية في الاعتبار الاستراتيجي خلال انفتاحها على الدول الأفريقية بعد احتلال فلسطين عام 1948، فأرادت من خلال هذا الانفتاح تضييق الحصار على مصر والسودان ومحاولة التواجد في القلب الافريقي للحفاظ على بعدها الامني وتحديد عناصر قوتها وفرض هيمنتها على المنطقة ولو على حساب مصالح الدول القائمة على الاحترام المتبادل والعلاقات التاريخية بين الشعوب كونها هي الجسم الغريب الدخيل على السياسة العربية والإفريقية وبعدها القومي والاستراتيجي.
وقيما يتعلق بإستراتيجية اثيوبيا تجاه تعاملها مع قضية سد النهضة الاثيوبي لم تكن تلك الوقائع والمعطيات التي تمر بها المنطقة بمعزل عن التدخل الاسرائيلي المباشر وإشراف اجهزة واذرع الموساد على تلك العمليات كون انه أثبتت التطورات الأخيرة بان هناك قضايا مخفية بين تفاصيل قضية سد النهضة وان عدم استجابة اثيوبيا لكل التوجهات العربية ومواعيد وخطط ملء السد توحي الي التدخل الاسرائيلي من اجل فرض الهيمنة والسيطرة على طبيعة القرار الافريقي وتسويقها لمصالح دولة الاحتلال وعلاقاتها المستقبلية القائمة على التمدد والتوسع الاستيطاني في العمق الافريقي كون ان الاهتمام الإسرائيلي بمصادر المياه عموما وبحوض النيل على وجه الخصوص تؤكده تلك الايدولوجيا الاسرائيلية العنصرية والفكر النازي المتجدد للجمعيات الاستيطانية الاسرائيلية.
مصر الدولة لم تقف مكتوفة الايدي امام تعرضها للمخاطر الناتجة عن سوء استخدام اثيوبيا للمياه وتخزينها بطرق تتعارض مع مصالح الدول بالمنطقة وليس غريبا ولا مستبعدا بأن إسرائيل لها تأثير على ملف سد النهضة لأنها تحلم أن تكون إحدى دول مصب نهر النيل وبات واضحا من خلال متابعة ملف سد النهضة بان هناك تواطؤا إثيوبيا لتحقيق أهداف إسرائيل ودعم العلاقات بينها وتعزيزها على حساب القانون الدولي والعلاقات ومصالح دول المنطقة الطبيعية القائمة بين الدول بشكلها الطبيعي.
الموقف الإثيوبي وخلال المفاوضات المتعلقة بسد النهضة الذي تشيده أديس أبابا على مجرى النيل الأزرق الرافد الأساسي لنهر النيل اتسم بالتعنت ولم يكن مريحا على الاطلاق لذلك طرحت جامعة الدول العربية خلال اجتماع غير عادي لوزراء الخارجية العرب الذي عقد مؤخرا في العاصمة القطرية الدوحة لمناقشة أزمة سد النهضة من خلال مجلس الأمن الدولي وقد أعلنت الجامعة أنها قد تتخذ «إجراءات تدريجية» لدعم موقف مصر والسودان في خلافهما مع إثيوبيا بشأن السد وعبرت كل من مصر والسودان لاحقا وخلال بيان مشترك بعد اجتماع وزراء الخارجية والري في مصر والسودان حول سد النهضة اكد فيه المسئولين في البلدين إن المفاوضات وصلت «إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي» والان الموقف مؤجل امام القمة العربية القادمة لاتخاذ موقف حول ازمة سد النهضة .
سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
infoalsbah@gmail.com
إضافة تعليق جديد