تعذّر على مئات الملايين الوصول إلى "فيسبوك" و"إنستجرام" و"واتساب" على مدى أكثر من ست ساعات، الاثنين، ما سلّط الضوء على مدى اعتماد العالم على المنصات التابعة للشركة العملاقة في سيليكون فالي، لكن ما الذي تسبب بالعطل؟
يبدو أن الأزمة التي واجهت شركة فيسبوك سببها القصور الأمني لدى الشركة التي جعلها تتبنى أنظمة داخلية خاصة بها، ما تسبب في حرمان 3 مليارات مستخدم من خدمات الشركة طوال 6 ساعات.
وقال سانتوش جاناردان نائب رئيس البنية التحتية في "فيسبوك"فى مدونة لتقديم الاعتذار إن "تغييرات في الإعدادات في أجهزة التوجيه الأساسية التي تنسق حركة مرور الشبكة بين مراكز البيانات لدينا، تسببت في حدوث مشكلات أدت إلى قطع هذا الاتصال".
و ارجع خبراء في مجال الأمن السيبراني أن المشكلة تتلخص في شيء يطلق عليه “بي جي بي” أو بروتوكول التوجيه بين البوابات، وهو النظام الذي يستخدمه الإنترنت لاختيار أسرع طريق لنقل حزم المعلومات.
وقارن سامي سليم من شركة "تيليهاوس" لمراكز البيانات، "بي جي بي" بـ"مراقبة الحركة الجوية. وأوضح أنه بالطريقة نفسها التي يقوم بها مراقبو الحركة الجوية أحياناً بإجراء تغييرات على جداول الرحلات “قام فيسبوك بتحديث هذه المسارات”. لكن هذا التحديث احتوى على خطأ جوهري. ولم يتّضح بعد كيف ولماذا، لكن أجهزة التوجيه في “فيسبوك” أرسلت رسالة إلى الإنترنت تفيد بأن خوادم الشركة لم تعد موجودة.
و أشاربعض الخبراء: أن البنية التحتية الفنية لـ”فيسبوك” تعتمد بشكل غير عادي على أنظمتها الخاصة، وقد تبيّن أن ذلك أمر كارثي، الاثنين. وبعدما أرسل فيسبوك تحديث أجهزة التوجيه، أُخرج مهندسوه من النظام الذي يسمح لهم بالإبلاغ بأن التحديث كان، في الواقع، خطأ؛ لذلك لم يتمكنوا من حل المشكلة.
وقال بيار بوني من “أفنيك” وهي الجمعية التي تدير أسماء النطاقات في فرنسا: “عادة يكون من المفيد جداً عدم وضع كل البيض في سلة واحدة”. وأضاف: “لأسباب أمنية، كان على فيسبوك أن تركز بشكل كبير على بنيتها التحتية”.
وتابع: “هذا يبسط الأمور على أساس يومي، لكن لأن كل شيء موضوع في المكان نفسه، عندما تصبح هناك مشكلة في ذلك المكان، يكون مستحيلاً القيام بأي شيء”. ومن الآثار غير المباشرة للعطل، عدم قدرة بعض موظفي “فيسبوك” على دخول مبانيهم، لأن شاراتهم الأمنية لم تعد تعمل ما أدى إلى زيادة تباطؤ الاستجابة.
وقد بين “فيسبوك” و”إنستغرام” و”واتساب” و”فيسبوك ماسنجر”، “تأثر مليارات المستخدمين” بحسب “داون ديتيكتور”. وأكدت شركة “فيسبوك” التي تراجعت أسهمها بنحو خمسة في المئة بسبب انقطاع الخدمة أنه “لا يوجد دليل على أن بيانات المستخدمين تعرضت للاختراق نتيجة لهذا العطل”.
لكن على الرغم من أنه استمر ساعات قليلة، كان تأثير العطل كبيراً؛ إذ تعد خدمات “فيسبوك” حيوية للعديد من الشركات في كل أنحاء العالم، وقد اشتكى مستخدمون من انقطاعهم عن مصادر رزقهم. كذلك، تُستخدم حسابات “فيسبوك” بشكل شائع لتسجيل الدخول إلى مواقع أخرى واجهت مشكلات إضافية بسبب العطل الفني للشركة.
وفي الوقت نفسه، أفادت خدمات مراسلة فورية منافسة أنها استفادت من العطل الذي أدى إلى توقف “واتساب” و”ماسنجر”. وانتقل تطبيق “تلغرام” من المرتبة السادسة والخمسين للتطبيقات المجانية الأكثر تحميلاً في الولايات المتحدة إلى المرتبة الخامسة في غضون يوم واحد بحسب شركة “سنسر تاور” المتخصصة.
ومن التأثيرات اللافتة أيضاً، قيام العديد من شركات تسجيل أسماء النطاقات بإدراج Facebook.com على أنه متاح للشراء.
وقال براين كريبس وهو خبير في الأمن السيبراني: “لم يكن هناك أي سبب على الإطلاق للاعتقاد بأنه سيتم بيع Facebook.com نتيجة لذلك، لكن من الممتع التفكير في مليارات الدولارات التي يمكن أن تجلبها في السوق المفتوحة”.
وأدلت الموظفة السابقة في “فيسبوك” فرانسيس هوغن بشهادتها في مبنى “الكابيتول” بعدما سربت مجموعة من البحوث الداخلية إلى السلطات والصحافة توضح أن “فيسبوك” قد يكون مضراً بالصحة العقلية للمراهقين.
واتهمت هوجن، وهي مهندسة بيانات تبلغ 37 عاماً، أمام أعضاء مجلس الشيوخ، الشركة بوضع “الربح المادي قبل سلامة” مستخدمي الموقع. وحذّرت من خطر عدم إنشاء ضمانات جديدة لمنصة لا تكشف الكثير عن طريقة عملها.
وقالت: “أعتقد أن منتجات فيسبوك تضر بالأطفال، وتغذي الانقسامات وتضعف ديمقراطيتنا”. وأشارت في شهادتها إلى خطر القوة التي تملكها خدمة أصبحت منسوجة في الحياة اليومية للكثيرين. وأضافت: “مضيت قدماً لأنني أدركت حقيقة مخيفة: لا أحد خارج فيسبوك يعرف ما يحدث داخلها. تخفي قيادة الشركة المعلومات الحيوية عن الجمهور والحكومة الأميركية والمساهمين فيها والحكومات في أنحاء العالم”.
إضافة تعليق جديد