ترانيم الوطن قصيدة الشاعرة نهى عمر

ترانيم الوطن قصيدة الشاعرة نهى عمر
الكاتب: 

نهى عمر

شاعرة- فلسطين
السبت, أغسطس 27, 2022 - 04

إنْ سَأَلتُم مَن أنا،
أنا الدُرُّ المُوَشَّحُ بالحِدادِ ..
على ماضٍ أَفَلْ
أنا قُدسُ الكونِ القِدّيسَةُ الفريدةُ والوحيدةُ،
فهل عَرَفتُم مَن أنا ..?!
القدسُ ليست مِن حَجر
ليست حَكايا أو صُوَر،
ولا بَقايا الدُورِ وعَظيمِ السُورِ،
أو ما تَبَقّى من أَثَر
ليست هذا فقط
أنا أصلُ الحكاية والوطن
أصلُ البِداية مِن عَدَم
أنا مَهدُها وأصلُها الحضارةُ مِن قِدَم
في كلِّ عصرٍ كان لي شأنٌ عظيمٌ مُفتَخَر
الدَلائلُ بِعُمقِ العمقِ خافِياتٌ .. شاهِداتٌ
كم كابَدْتُ مِن مِحَن
كم مرةٍ  حربٌ دارَت رَحاها ها هُنا .. جاوَزتُها،
كم غالِياً جداً كان الثَمَن
القدسُ سَبعٌ تحتها أو ما يَزيدُ منَ المُدن
غَزوٌ يُدَمِّرها، 
والأَشاوِسُ أهلها،  بالحُبِّ يُعيدون بُنيانَها، قبلَ الحجر
كل حجر فيها ناطِقٌ شاهدٌ، مَسكونٌ بالحَكايا والصُوَر
نازِفٌ يَحيا الحَزَن
صامدٌ ضِدَّ المِحَن
الشوارِعُ والمنازلُ ترصُدُ الأحداثَ تُوَثِّقُ .. تَثأَرُ
تَقوى على القُرصان والسَجّان، وكل أشكال العَفَن
فيها الجوامعُ والمآذنُ عانَقت كلّ الكنائس،
والصوامع والتكايا والزوايا،
والكتاتيب العتيقةِ والجَرس
كلهم فيها، لها حَرَس
الفرَحُ يجمعها، والحُبُّ دَيدَنها والأهلُ صُحبَتها وعُصبتها
والحزن والهَمُّ أكثَرَ وَحَّدَها
الغَزوُ الوباءُ .. يُثيرُ في أحشائها دمعَ الشَجَن
يُنطِقُها .. يُحَفِّزُها
تنفُضُ الغُبارَ عن عيونها .. عن النوافذ والقلوب، عن جُدرانها
بقلوبٍ عاشقةٍ لها ، بها ..
غَسَىلَت أدرانَ الخراب والحِراب
كَنَسَت مَتاريسَ الدِمَن
تقومُ من تحتِ الغيابِ واليَبابِ، من الجُمودِ ..
مُتَضامِنةً مُتَعافِية
الحجارةُ .. الطرقات .. الأرض .. الناس .. البيوت
الزرع .. التراب .. السماء والهواء
كلهم يسيرون كشَلّالٍ مَهيبٍ رَهيب
كأنه سيلُ العَرِم
يُرَتّلونَ تَرانيمَ الإيابِ والحقيقة ..
في كل زاويةٍ .. من كل نافذةٍ وباب
يُزيلون السَوادَ والأغراب
كي تحيا القدسُ .. كي تبقى عَفِيّةً مُعافاةً ..
فَيَحيا الوطَن .. كل الوطن ..!!