في صباح ذلك اليوم لم يكن كبقيته والتي اعتاد الشعب التركي الذي توارث من أسلافهم العثمانيين وأجدادهم من السلاجقة على عادات وتقاليد شعبية أصيلة مزيجا من الماضي الأصيل المتجذر في القدم والحاضر بحداثته وتطوره على أن يصحوا بأصوات لا تسمع سوى آذان الفجر بصباحات روحانيات تعبدية و بشروق شمس على مسامع زقزقة العصافير وتغريد الطيور تليها تجمعات عائلية على وجبات شعبية وحلقات على موائد الإفطار المتنوعة كشوربة العدس والشاي مع الخبز والزيتون والسيميت التركي يملأها الود والسعادة تتخللها قصص ترحيب وضيافة الزائر ومن ثم كل واحد منهم إلى وجهته التي اعتاد عليها لقضاء أعماله ، لكن فجر الإثنين 6 فبراير 2023م لم يكن فجرا اعتياديا على الاتراك بل حمل معه يوم عصيب يوم كئيب توشح الوطن التركي بأكمله الوشاح الاسود المخيف بالصراخ والعويل ليعلن الرئيس التركي حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وانهيار أكثر من 6 ٱلاف مبنى و ٱلاف المبان متصدعة بشكل جزئي غير قابلة للسكن ليضرب 10 محافظات تركية و أشدها تضررا مناطق كهرمان ماراش ، وهاتاي واديامان وتأثر 13,5 مليون مواطن بالزلزال وسيبقى مخلدا بذكرى أكبر كارثة للأتراك مرت عليهم منذ 100 عام لتعلن حينها إدارة الكوارث والطوارئ التركية بأنه وصل تأثيره إلى مساحة تبلغ 110كم مربع ، ستبقى ذكرى كارثة مفجعة لا تقبل النسيان على الجاران التركي والسوري تشاطر على جغرافيا الأرض في المحنة والمصاب ، يوم غير الحراك اليومي النشط لتلك البلدين فجعلهما متساويان في الفقد والدمار من هول المصاب أفاقوا من نومهم على أصوات الاهتزاز والارتجاج انشقت الأرض وابتلعت على طريقها كل ما هو حي وجماد وتهاوت طوابق عالية مشكلة كومة وتلال من الاسمنت والغبار على رؤوس ساكنيها فمنهم من فارق الحياة والبعض الآخر يصارع الموت بأنفاس متقطعة بين قطع الطوب والركام تعلوها صرخات الأنين استيقظوا على أصوات الانفجارات والحطام على جنبات الطريق، يهرعوا وسط الشوارع للبحث عن ملاذا آمناً في مشهد هول ودهشة بلمعان البرق في كبد السماء ليضرب ويشق الأرض محدثا أصوات رعبا وخوف وصرخات أرامل وأطفال فقدت ومنهم من فارق الحياة بين الركام محتضنا ومتمسك بفلذات كبده واحباءه معلنا نحن لا نفترق سيجمعنا المصير المحتوم معا .
مما تسبب الزلزال في صدع أمتد طوله لما يزيد على 100 كيلومترا بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية ليطلق موجات باتجاه الشمال السوري بقوة تقدر (7'7) بمقياس ريختر ومركزه ولاية كهرمان مراش جنوبي تركيا ليضرب محافظات الجنوب الشرقي لتركيا اعتبه أكثر من 150 هزة إرتدادية متخطيا السياج و حدود الوطن متجاهلاً السيادة مخترقا ليصل ويضرب مناطق الشمال السوري ليضيف معاناة مضاعفة وجراحاً فوق جراح وتشريداً متزايداً مما زاد هو الاخر من صعوبات ومنغصات أياما ثقال لطالما حلموا بالفرج القريب من ويلات الحرب والدمار وصراعات خدمة للطبقة السياسية والتي زادت من حرمانهم العقوبات التي فرضت على ساسة البلاد ، وفور ظهور الخبر على الشاشات تتسارع الدول لتقديم التعازي والمواساة للشعبين التركي والسوري لأسر الضحايا وتقديم يد العون والمساعدة بكل السبل .
وراح ضحيته أكثر من 3 ٱلاف قتيل و أكثر من 12 ألف جريحا في تركيا وفق احصاء أعلنته إدارة الكوارث والطوارئ التركية ،وأما في سوريا بلغ عدد الضحايا إلى أكثر من 800 قتيلا و 1449 مصابا في محافظات حلب واللاذقية وحماة وريف ادلب وطرطوس في حصيلة غير نهائية للبلدين . ليتوسع بعد ذلك ممتدا الى لبنان ليستيقظ السكان من نومهم ذعراً لدى شعورهم بالزلزال حيث اهتزت المباني في البلاد لمدة تصل إلى 40 ثانية في العاصمة بيروت، ليهرع السكان من منازلهم وبقوا في الشوارع ومنهم من قادوا سياراتهم للفرار من المباني و قال المركز الأوروپي المتوسطي لرصد الزلازل شُعر بالزلزال كل من قبرص و اليونان والأردن وفلسطين وكيان الاحتلال والعراق وجورجيا وأرمينيا ومصر ورومانيا .
حفظ الله أوطانكم جميعاً من كل سوء ومكروه
إضافة تعليق جديد