الأهداف الجيوسياسية للصين وأمريكا

مقالات عامة
الكاتب محسن الحاتمي يكتب : الأهداف الجيوسياسية للصين وأمريكا
الكاتب: 

الكاتب محسن الحاتمي

كاتب حر - سلطنة عمان
الثلاثاء, فبراير 28, 2023 - 05

عند النظر والتمعن إلى الصراعات الدائرة الحالية سواءاً كانت على المستوى السياسي أوالإقتصادي أو غيره من المستويات الأكثر حساسية فهما الجانبان الفاعلان والمؤثران في كل نزال لقرع طبول التهديد و الوعيد والضغط على زر العقوبات ليبقى خياراً حاضراَ في كل مرة على طاولة المفاوضات و قنوات الاتصالات لكي يحصر لنفسه صاحب السلطة والقرار والسيطرة على بقية الأقطاب وخصوصاً عندما تتوفر مقومات موقع الجغرافيا على الأرض ولإشباع الشهية المفرطة للمصالح الحيوية المترتبة وراء ذلك من ممرات بحرية وجوية ومد جسورا برية وعليه يكون الصراع الدولي على النفوذ، والتأثير في العلاقات الدولية، ومبدأ عقيدة دفاع الدول عن مصالحها الحيوية، ومحاولة فرض الدول هيمنتها على دول أخرى، وما شابه ذلك من أعمال، تكون من الحالة الجيوسياسية ، مع الإحتفاظ التام ببعض الدول بالإكتفاء الذاتي وإنهاء تبيعتها للدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية . نراه يحشد جمعاً من التحالفات ويستقطب المزيد من الرؤساء المؤيدين له والمروجين لأفكاره في سبيل جعل الطرف الآخر يتراجع عن مخططاته وكبح جماح تحركاته والثنيعن اتخاذ قراراته، بينما في المقابل هناك دول توسعت اقتصاديا وعسكريا وأصبحت لها حساباتها الفاعلة على الأرض وخصم لا يستهان به ، وقد نرى بعض الأقطاب تنأى بنفسها بعيداً عن التدخل السافر الغير المباشر وتظهر بطابع المحايد حتى لا تظهر تأييدا ولا اعتراضا لأي حدث ما ويعتريها التناقض احياناً لما له تداعيات كثيرة مستقبلاً على الوضع الاقتصادي بالمرتبة الأولى وقد يكون حساب التقييم جس نبض الردود
والانعكاسات لها و الاكتفاء بالحد الأدنى بالمشاركة إعلاميا بالتنديد او الشجب. وعندما نتحدث هنا عن الصراع السياسي الحالي بين روسيا و أوكرانيا وما ترتب عليه من عقوبات إقتصادية من الدول الغربية والولايات المتحدة على

روسيا قد أبقت الأخيرة إعتمادها على الصين والأسواق الشرقية في التبادل التجاري والإتفاقيات كإتفاقية الغاز الطبيعي مع الصين وبسعر محدد وهو اكبر مكسب للصين في ظل ارتفاع قيمة الغاز الطبيعي حالياً في الأسواق الأوروبية والجانب الإيجابي أيضاً للصين خفض التكلفة للإنتاج الصناعي وزيادة الطلب على السلع الصينية وتدفق المزيد من صادرات بكين إلى الأسواق العالمية .ولها جانب سلبي أيضاً فهي في نفس الوقت الفرص تتضاءل جداً أمام الصين في المشاركة في تطوير المشاريع التحتية بسبب كسب مزيداً من السياسيين الغربين الذين يقفون حجر عثرة أمام التوسع الصيني في المنطقة . و الاكتفاء بالمراقبة عن كثب ماهي المكاسب الروسية التي سوف تحققها على الأراضي الأوكرانية . وأيضاً على الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو بذل مزيد من المجالات لتقليل التبعيات الاستراتيجية أبعد من إعتمادها على الوقود الروسي الذي استغنى عنه إلى حد كبير. مما أدى للحرب ( الروسية – الأوكرانية ) نوع من التقارب لجانبي المحيط الأطلسي وإعادة شحن الناتو وإحياءه من جديد من بعد ما فقد دوره وقيمته في صراعات داخلية بين أركان أعضاءه وكذلك الإتحاد الأوروبي ظهر في تشكيلات الدفاع المشترك والسياسة الخارجية إلى مستوى دون المطلوب وهذا يمكن أن ينظر له بعين الإعتبار و من هنا نستنتج أن بوتين كسب واقعاً جيوسياسياً لا مثيل له .
 

ويبقى التحدي الأكبر لواشنطن هو سعي الصين الجاد إلى إعادة رسم منطقتي المحيطين الهادئ والهندي، وكذلك النظام الدولي بما يناسب مصالحها وتفضيلاتها، ولهذا تسعى بكين دوماً إلى إفشال تحالفات أميركا و شراكتها الأمنية في شرق آسيا، في وقت تعتبر الولايات المتحدة أن الصين هي المنافس الوحيد في العالم الذي تتوافر لديه الرغبة في إعادة تشكيل النظام الدولي

وتمتلك في الوقت ذاته القدرة التكنولوجية والعسكرية والدبلوماسية والاقتصادية لكي تصبح هي القوة العالمية الرائدة. وبالإضافة مخاوف واشنطن من الشراكة ( الروسية - الصينية ) في المجالات الاستراتيجية في الطاقة والاقتصاد والتكنولوجيا التي من الممكن أن تسهم في بناء قوة عسكرية لتحقيق ميزة حال اندلاع صراع إقليمي، كما أن النمو الاقتصادي المتسارع والقوة التجارية والاستثمارات الأجنبية جعلت الصين
بالتوازي مع "مبادرة الحزام والطريق" متحدياً جاداً لأميركا أكثر من روسيا. وهناك مكسب جيوسياسي آخر ثمين ومهم للصين قد تقوم بخطوة على غرار روسيا للقيام بإستعادة تايوان لأحضانها وعلى سيادتها في حالة الدب الروسي حقق نتائجه وأهدافه على الأراضي الأوكرانية .