المثير الجدل أنيس منصور أديب اتفق الجميع على إبداعه

المثير الجدل أنيس منصور أديب اتفق الجميع على إبداعه
التاريخ: 
السبت, أغسطس 19, 2023 - 01

تميزت الآراء دائما حول الكثير من كتابات أنيس منصور، سواء كان في دوره كمترجم أو كمؤلف، ولكن الآراء نفسها تتفق على مهارته ككاتب ومبدع وأديب، وقدرته الفائقة المدهشة في صياغة أفكاره والتعبير عن مشاعره وما يختلج في داخله من آراء وتأملات. وهذا ما جذب ملايين القراء والمتابعين من العرب وغيرهم إليه لعدة سنوات، حيث استمر في الصدارة ونال شهرة واسعة خاصة خلال العصر الذهبي للأدب. رغم المنافسة الشديدة في تلك الفترة، إلا أن منصور لم يفقد مكانته وثباته لدى قراءه، واستمرت شعبيته على مدار سنوات حياته وحتى اليوم.

تألق أنيس منصور في مجالات متعددة من الآداب والفنون، واشتهر بكتاباته الفلسفية والفكرية. نجح في توصيل أعمق الأفكار وأكثرها تعقيدًا إلى العامة بأسلوبه السهل الممتنع. بالرغم من شغفه بالصحافة المطبوعة والمكتوبة، إلا أنه كان يعشق الأدب أكثر من ذلك، وكان يقول دائماً "أنا أديب يعمل في الصحافة".

ويعتبر  منصور واحد من رواد أدب الرحلات البارزين، بسبب حبه الشديد للسفر والتجوال. بفضل قدرته على التعبير الرائع، تمكن من كتابة هذه الرحلات والجولات بكلمات تأسر الأذهان وعبارات وصياغات تجعل القارئ يشعر كأنه يرافقه في رحلته. اشتهر بأسلوبه الوصفي الجذاب والأسلوب الفني المثير أكثر من كونه صحفياً يكتب عن المكان. نجح في جعل القراء يشعرون بأنهم جزء من رحلته، مما جعل أسلوبه في كتابة أدب الرحلات مشوقاً وشهيراً حتى اليوم.

كما أنه قدم الكثير من المؤلفات في مجال أدب الرحلات إلى المكتبة العربية، من بينها: "غريب في بلاد غريبة"، "اليمن ذلك المجهول"، "أنت في اليابان وبلاد أخرى"، "أطيب تحياتي من موسكو"، "إعجب الرحلات في التاريخ"، "لعنة الفراعنة" و "بلاد الله خلق الله". ومع ذلك، فإن أهم إسهام له هو إبداعه في كتاب "حول العالم في 200 يوم"، حيث أعلنت اليونسكو أنه يعتبر أكثر الكتب العربية انتشارًا حتى اليوم.

ومن أهم ما عرف عنه أنه كان يشتهر بطقوسه الخاصة في الكتابة، حيث يفضل الكتابة في الساعة الرابعة صباحًا ولا يقدم على الكتابة خلال النهار أو في الليل.

وهناك واحدة من العادات الغريبة له هي أنه يكتب فقط وهو يرتدي البيجامة (ملابسه المنزلية) وحافي القدمين.

ويعد كان أول صحافي يقوم بزيارة لقارة أستراليا ويكتب عنها.

وقد استطاع تحقيق إنجازٍ وأصبح أول من التقى بالدالاي لاما في منفاه في دارامسالا بالهند.

وكان أنيس منصور يعاني دائمًا من مشكلة الأرق، حيث كان يفكر باستمرار في الأفكار التي يتعبّر بها، ولم يتمكن من النوم سوى لمدة أربع ساعات فقط. وكان معروفًا عنه أنه يكره النوم ويعشق الحياة والحركة.

و عرف عن منصور، أنه مثل الفنان الراحل محمد عبد الوهاب، يتجنب بشكل دائم التعرض للبرد ويخشى الإصابة به.

وخلال إحدى رحلاته الطويلة التي لا تنتهي، زار منفى الزعيم المصري أحمد عرابي على جزيرة سرنديب في سريلانكا. وكتب مقالاً طويلاً عن الزعيم وطالب بتحويل منزله إلى متحف، وقد لاقى هذا الاقتراح استحسانًا كبيرًا وكان السبب الرئيسي وراء إنشاء متحف أحمد عرابي.

وبذلك أصبح كتاب "حول العالم في ٢٠٠ يوم" حديث الملايين في العالم العربي منذ نشره، وقد تم نقل الأخبار عنه في الصحف العالمية ووكالات الأنباء، وصف بأنه أطول وأروع رحلة في تاريخ الصحافة العربية.

وأثناء طفولته، يروي أنيس منصور قصة مؤثرة حدثت معه. طلب معلم التربية الفنية منه ومن زملائه رسم زجاجة عطر، وعندما عاد وجد أن الأطفال الآخرين قاموا برسمها عدا عنيس. عندما سأله المعلم عن السبب، بكى أنيس لأن أسرته لم تكن لديهم زجاجة عطر وكان يعرف فقط زجاجات الدواء. تأثر المعلم بهذه الحالة وطلب من أنيس أن يرسم أي زجاجة. منذ ذلك الحين، بدأ منصور في جمع أغلى أنواع الزجاجات العطرة وأبقى على نسخها الفارغة حتى بلغت عددها الخمسين زجاجة.

وفي عام 1952، بعد الثورة اليوليوية، كان وقتها يكتب في مجلة روز اليوسف عن الملك فاروق وأخباره تحت توقيع نسائي يدعى سيلفانا ماريللي. عندما انتقل للعمل في أخبار اليوم، نشر خبرًا في روز اليوسف ينعى فيه وفاة المحررة سيلفانا، خوفًا من أن ينتحل أحد شخصيتها.

وأنيس منصور (1924-2011) وُلد في محافظة المنصورة في مصر. حفظ القرآن الكريم في سن التاسعة، وتلقى تعليمه الإلزامي. حصل على ليسانس الآداب في قسم الفلسفة من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) بتقدير الشرف الأولى. تم تعيينه كأستاذ في جامعة عين شمس، وعمل في الصحافة في مختلف الصحف المصرية والعربية الكبرى. تعلم العديد من اللغات، بما في ذلك الإنجليزية والألمانية والإيطالية واللاتينية والفرنسية والروسية. أصدر أكثر من 200 كتاب وأجرى 17 دراسة عنه. طُبعت 20 طبعة من بعض كتبه ونفذت فور صدورها. تم تحويل العديد من أعماله للدراما. ترجم أكثر من 9 مسرحيات إلى عدة لغات، وتم ترجمة حوالي 5 روايات له. كما قام بتأليف حوالي 12 كتابًا لفلاسفة أوروبيين. وألّف 13 مسرحية باللغة العربية.

وفي صباح يوم الجمعة الموافق 21 أكتوبر 2011، توفي في مستشفى الصفا شخص يبلغ من العمر 87 عامًا بسبب تدهور حالته الصحية بعد إصابته بالتهاب رئوي. لقد نعته شخصيات بارزة من الأدباء والمثقفين في جميع أنحاء العالم.