المنصة بوست - وكالات
كتب كبير الاقتصاديين في دول مجلس التعاون الخليجي الدكتور إسماعيل رضوان ، عن تأثير التضخم على الأسر الخليجية ، حيث عبر بأنه منذ شروع فيروس كورونا، لقد تحول التضخم ليصبح مشكلة كبيرة على مستوى العالم. وعلى الرغم من التقارير الاقتصادية، فإنه لا يعلم أحد بالضبط ما هية أسباب التضخم. يتوافق معظم الاقتصاديين على أن سياسات الدعم السخية المفعلة خلال الجائحة من أجل مساعدة المواطنين والمشاريع التجارية بمعالجة الضرر لها دور في تفاقم الطلب على السلع، و في نفس الوقت يكون هناك عجز في تلبية هذه الطلبات بسبب عرقلة سلاسل الإمداد، وذلك لأنه تم إيقاف الأنشطة التجارية الصينية.
ويستمر الجدل حول مصير التضخم، وهل سيظل أمرا عابرا، أم سيظل جاثما على الصدور، مع تبني الخبراء ذائعي الصيت لكلتا الفكرتين. وأحد الأسباب التي كثيرا ما يسوقها الاقتصاديون لتبرير استمرار التضخم تشير إلى توقعات الناس؛ وبمعنى أوضح، فإنه إذا توقع الناس بقاء التضخم، فإنهم سيواصلون المساومة والتفاوض بشدة من أجل زيادة الأجور، بما يضاهي أو يفوق معدلات التضخم، ومن ثم يتسببون في الدخول في دائرة مفرغة.
وعلى الجانب الآخر، فإن الذين يتوقعون زوال التضخم سريعا، قد باؤوا بخيبة أمل، فبمجرد انحسار الجائحة، بدأت الحرب في أوكرانيا، لتتصدر المشهد كمحرك للتضخم، مما أدى إلى ارتفاع سريع في أسعار الغذاء والوقود.
ويبرز تقرير المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الصادر عن البنك الدولي، في أبريل/نيسان 2023، مخاطر السقوط في المعركة ضد التضخم. ومع اتجاه البنوك المركزية إلى رفع معدلات الفائدة لكبح التضخم، يتسبب تشديد الشروط المالية في إبطاء الاقتصاد العالمي. ويذهب هذا التقرير إلى أنه إذا كان الارتفاع الحاد في معدلات التضخم قصير الأجل، فلا يزال من الوارد أن يؤدي إلى تحديات إنمائية طويلة الأجل، تتطلب من صانعي السياسات الاقدام على اتخاذ تدابير على الأمدين القصير والطويل.
فسيكون الفقراء هم الأشد تضررا، من ارتفاع أسعار الغذاء على وجه الخصوص، إذ أنهم ينفقون الجانب الأكبر من دخلهم على الغذاء. وإذا كان من الممكن أن يؤدي انعدام الأمن الغذائي في البلدان الفقيرة إلى مجاعة، فإن الزيادة المؤقتة في أسعار الغذاء، في البلدان متوسطة الدخل، يمكن أن تتسبب في أضرار طويلة الأجل لا مناص منها، خاصة على الأطفال، بسبب سوء التغذية والتقزم. ولذا ينبغي على واضعي السياسات وضع برامج مؤقتة لحماية الأسر الضعيفة.
وفي هذا السياق، قرر المركز السعودي لاستطلاعات الرأي، إجراء استبيان حول إذا ما كان القلق يساور السعوديين إزاء التضخم. وكشف الاستطلاع أنه على الرغم من أن معدل التضخم لا يتجاوز 3% (حيث ثبتت الحكومة أسعار الوقود والعديد من السلع الرئيسية)، وبلغ نمو الاقتصاد 9%، إلا أن القلق لايزال يساور السعوديين.
وأظهر الاستطلاع أن تسعة من بين كل عشرة أشخاص، لاحظوا الزيادة في أسعار الغذاء، إلا أن نصفهم لم يشعروا بأي زيادة كبيرة في أسعار كل من الخدمات الطبية، والعقاقير، والتأمين، وخدمات الاتصالات والإنترنت. بيد أن هذا التصور يجافي الواقع. لماذا؟ ربما لأنهم يدخلون أيديهم في جيوبهم كل يوم لشراء الطعام، بينما قلما يشترون أشياء أو خدمات مثل التأمين.
كما يدرك السعوديون أيضا أن بلادهم ليست من الدول الرئيسية المنتجة للسلع الغذائية، وأنها تستورد نحو 85% من غذائها الذي بدأت أسعاره ترتفع بالفعل أثناء الجائحة، وأصبحت أكثر ارتفاعا لاحقا.
وحينما سئل من استطلعت آراؤهم عن أسباب التضخم، أشاروا إلى العديد منها؛ مثل الظروف الدولية، والتجار والوسطاء والضريبة المضافة، وجائحة كورونا، باعتبارها الأسباب الرئيسية ، الأمر الذي يعني ضمنيا أن السعوديين لا يعتقدون أن التضخم يمكن أن يقوم بلد واحد بضبطه ، بما في ذلك المملكة، وأنه سيحتاج إلى التعاون بين أطراف المجتمع الدولي. وليس ثمة دليل يشير إلى أن التجار يحصلون على هامش ربح كبير، أو على أن هذا هو السبب في التضخم، إلا أن هذه التصورات شائعة في العديد من البلدان، وهو ما يمكن أن يؤدي بدوره إلى عرقلة تنمية القطاع الخاص.
وعموما، لم ينجم عن التضخم تغيير النمط الاستهلاكي لدى الغالبية العظمى من السعوديين؛ فقد أكد 62% ممن شملهم الاستطلاع أنهم لم يتوقفوا عن شراء منتج أو الحصول على خدمة، بسبب ارتفاع السعر. ومع هذا، يضطر بعض السعوديين إلى ترشيد الإنفاق لتغطية نفقاتهم. وتعد الرفاهيات هي أول ما يتم التخلي عنه، إذ أوضح 15% ممن شملهم الاستطلاع بأنهم قلصوا الخروج لتناول الطعام في المطاعم والمقاهي. وكما هو الحال في العديد من البلدان، فقد بدأ السعوديون في البحث عن مصادر إضافية للدخل، حسبما ذكر 6% منهم، بينما أشار 5% إلى أنهم أصبحوا يشترون العلامات التجارية الأرخص، ويتسوقون في منافذ البيع الرئيسية لتغطية نفقاتهم.
وعندما يتعلق الأمر بالتوقعات المستقبلية، كشف الاستطلاع أن المجتمع السعودي لايري في التضخم مشكلة دائمة أو عصية على الحل. ويعتقد نصف من شملهم الاستطلاع، أن التضخم سيعود إلى طبيعته في غضون ثلاث سنوات، فيما يتوقع 60% أن الأيام القادمة ستكون أفضل. ومن منظور هذه النتائج، يمكن للمرء أن يستنتج بسهولة، أن التضخم هو أحد مباعث القلق الأولى لدى المجتمع السعودي، لكن السعوديين لا يفزعون ولا يقلقون كثيرا بشأنه. وهذه النتائج تبعث رسالة طمأنينة إلى من يعتقدون أن التوقعات تقود التضخم، حيث
إضافة تعليق جديد