اختلاس أموال إعانة البطالة للأمريكين قد يؤثر سلبا على الإقتصاد

إستعادة أجزاء كبيرة من المال المنهوب
الاثنين, نوفمبر 23, 2020 - 07
تحقيقات منوعة

نسرين حلس

رئيس التحرير

عمليات إحتيال بالملايين واختراق من أفريقيا لمعلومات المواطنين الأمريكيين

تسببت جائحة كورونا في تعرض أكثر من مليار دولار من مساعدات البطالة للتهديد من خلال الإحتيال الذي تم على نطاق واسع لإستحقاقات إعانات البطالة في جميع الولايات، مما أعاق جهود إيصال الأموال لأيدي الأشخاص الحقيقيين المتضررين في الوقت 
المحدد له. عندما قام المحتالون بسرقة خزائن إعانات البطالة. مما زاد من معاناة أولائك الذين كانوا ينتظرون الإعانات بفارغ الصبر. 

حدث ذلك عندما تأكد المحتالون بأن الأولوية في ظل الأزمة، هو إيصال النقود لأيدي الناس بأسرع وقت ممكن، بدون أخذ لبوقت  الكافي للتدقيق كثيرا في البيانات. بسب الإغلاق العام المفاجئ. وعدم الوصول للبيانات  سريعا وذلك بحسب ما ذكرته وكالة إن بي سي الأميركية 

ففي أول ثلاث أشهر أعقبت تفشي الفيروس، كان أكثر من 44 مليون أمريكي قد تقدموا للحصول على طلبات إعانة ، وهو معدل فقدان وظائف لم يسبق له مثيل. لكن أنظمة الكمبيوتر القديمة التي تستخدمها بعض الولايات ، إلى جانب الاندفاع للحصول على النقود للعاطلين عن العمل ، مع عدم وجود الوقت الكافي للتدقيق ربما جعلت برنامج إعانات البطالة عرضة للنشاط الإجرامي.

وبدأت القصة عندما  لاحظت البنوك في كل من أوكلاهوما، ماستيتبوشس وفلوريدا أعداد متزايدة من أوامر تحويل الأموال، يتضمن  بعضها مبالغ كبيرة، تحت غطاء المساعدة المالية للعاطلين عن العمل.

الأمر الذي شكك بوجود هجمات إلكترونية في ٧ ولايات على الأقل.  ووفقًا لمذكرة نشرتها الخدمة السرية مؤخرًا. بأنه كان هناك أدلة على وجود هجمات إلكترونيه في ٧ ولايات على الأقل من قبل عصابة احتيال إلكترونيه، وهم واشنطن، نورث كارولينا، ماستيتيوشس، رود آيلاند، أوكلاهوما، وايومنغ، فلوريد، كولورادوا، وأريزونا

 استغلال وجود جائحة كورونا لسرقة أموال إعانات البطالة في أميركا

وكانت الوكالة الفيدرالية المعنية بمكافحة الاحتيال المالي - إحدى أجهزة وكالة الخدمة السرية قد كشفت عن وجود شبكة احتيال دولية استطاعت سرقة البيانات الخاصة بالمواطنين الأميركيين في الولايات المتحدة الأميركية وقدمت مذكرة حصلت على نسخة منها صحيفة نيويورك تايمز و”كريبس أون سيكيوريتي“ يوم 16 مايو/أيار الجاري، جاء فيه ”نحن نفترض وجود شبكة إجرامية دولية لديها كمية هائلة من بيانات الهوية الشخصية للمواطنين الأميركيين تقوم بتقديم طلبات  مزيفة للمساعدة المالية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.  قد تكلف خزينة الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات"

وقد بين التقرير أن بعضا من مجرمي الإنترنت يتواجدون في نيجيريا. وجزءا من العمليات يتم في مدينة إبادان، جنوبي غرب نيجيريا، موطن إحدى عصابات الإنترنت الأكثر تنظيما في نيجيريا وهي: ”سكاتيرد كناري“. وبحسب شركة ”أغاري“ الأمريكية، المعنية بالأمن المعلوماتي. فإن هذه العصابة قامت بتقديم ما لا يقل عن ٢٠٠ طلب مزيف منذ 29 أبريل الماضي للحصول على مساعدة مالية في كلٍ من ولاية واشنطن وماستيتيوشس. وأن تلك العصابات تمتلك كافة المعلومات الضرورية الخاصة بضحاياهم - الأسماء والعناوين وأرقام الضمان الاجتماعي - للتقدم بطلب رسمي صحيح، يصحب برقم حساب مصرفي تابع لشريك متواطئٍ معهم في الولايات المتحدة ليقوم بعد ذلك بغسل هذه الأموال.

و تقول إيلين دود، نائبة رئيس قسم مكافحة الاحتيال في رابطة مصارف أوكلاهوما في معرض ردها على أسئلة موقع ”كريبس أون سيكيوريتي“ (Krebs On Security) المختص في جرائم الإنترنت ”الأمر المثير للدهشة في كمية الطلبات ذات الطبيعة الاحتيالية التي رصدناها،، بعد التحقق والتثبت من أنها طلبات احتيالية، هو تلك المبالغ الكبيرة التي تضمنتها في بعض الأحيان، وهذا ليس بالأمر المستغرب وبخاصةٍ في هذه الفترة التي يمر بها العالم" ”  مؤكدة أن "بعض هذه التحويلات بلغت قيمتها 30 ألف دولار"

وكانت الخدمة السرية الأميركية قد أطلقت أكثز من ٥٠٠ تحقيق في ٤٠ ولاية لحماية أموال دافعي الضرائب للتحقق من الأمر ومن كيفية حماية الأموال المرسلة لهم. والتأكد من إرسالها للأشخاص الحقيقيين المعنيين. ذلك بالتواصل مع الأشخاص المعنين بطلبات الإعانة الحقيقين للتأكد من عدم ضياع النقود، ومحاولة إيقافها وتعقبها في حال تم سرقتها من قبل المحتالين

وكانت السيدة جانيس روجرز والتي تعمل مدرسة في مدارس مدينة أدموند في ولاية أوكلاهوما سيتي قد أكدت بأنها تلقت اتصالا هاتفيا من العاملة في شئون الموظفين في مكتب إدارة المدارس العامة في مدنة أدموند للسؤال عن كونها أقدمت على إرسال طلب معونه لمكتب العمل الفيدرالي. وهي التي لم تكن أقدمت على إرسال الطلب بعد. لتكتشف أن لديها طلبا مفتوحا وهناك من يحاول إستلام إعانة مالية خاصة بها. 

 

 تأخر حصول العديد من الناس على إعاناتهم والدولة تسرع في منحهم النقود 

أما السيدة ميجن غريغ والتي تعمل في متجر هوم ديبوا  في ولاية أوكلاهوما فتقول تأخرت مستحقاتي المالية لأعانة البطالة شهرين وذلك بسبب انتحال أشخاص لإسمي ومحاولة إختراق حسابي. ولكن بعد تواصل مكتب العمل معي والشركة التي أعمل بها إستطاعوا إيقاف الدفعات وتتبع الأمر ومن ثم استلمت مستحقاتي في إعانة البطالة بعد شهرين كاملين تقريبا. ولكن الحمد الله كنت قد استلمت مبلغ ١٢٠٠ دولار وهو مبلغ مساعدة التحفيز التي أقرتها حكومة الدولة وهذا ساعدني نوعا ما.
 
وفي ذات السياق، كان مكتب العمل الأميركي والإتحاد الفيدرالي قد توقعا بأن عمليات إحتيال كبيرة سوف تحدث نسبة إلى الوضع الطارئ الذي عاشته البلاد وعاشه العالم أجمع، وأنه من الوارد جدا حدوث عمليات إختراق كبيرة خارجية للأجهزة. خاصة بعد إعلان أميركا حزمة المساعدات والتحفيز للإقتصاد ومساعدة الناس في ظل جائحة كورونا.

وكان مجلس النواب الأميركي قد أقر حزمة اقتصادية تصل لنحو ٣ تليون دولار لدعم الأفراد والشركات في مواجهة الأضرار الناجمة عن فيروس كورون. حصل فيها كل مواطن على ١٢٠٠ دولار، و٥٠٠ دولار لكل طفل بشرط عدم تخطي دخل العام الماضي مبلغ ٩٩ ألف دولار. كما وافق المجلس على زيادة إضافية تعادل ٦٠٠ دولار لتلقي إعانة البطالة أسبوعياحتى نهاية  يوليو الماضي ٢٠٢٠.- مكتب العمل الأميركي 

وكان مسؤولين في تنفيذ القانون من إدارة الوكالة الفيدرالية قد أكدوا لشبكة إن بي سي نيوز الأميركية بأنهم كانوا يتوقعون من البداية بأنه إحتيالا كبيرا لابد أن يحدث، على غرار ما يحدث في أي مكان في العالم عادة. عندما تقوم الحكومة بتوزيع مبالغ كبيرة من الأموال في حالات الكوارث. فإن هذه الأموال تجتذب العناصر الإجرامية. وأن برامج التأمين ضد البطالة نوعا ما تواجه بعض الإحتيالات على مستوى عالي. 

ففي كولورادوا استفاد مجرمو الإنترنت من نظام البطالة بقوة لمدة شهر ومن ثم تم الحكم على ٧٥٪ من الطلبات بأنها احتيالية. أما في بنسلفانيا، فقد تم تقديم آلاف الطلبات  تبين بعد ذلك أن معظمها إحتيالية، من ثم تم إيقافها والقبض على الفاعلين. في كاليفورينا القضية كانت أكبر، فيشتبه المسؤولون بأن الإحتيال كان وراء ارتفاع الطلبات ليصل لأكثر من ١٠٠،٠٠٠ مطالبة إضافية. حيث دفعت ٥٧٦ مليون دولار من المطالبات الإحتيالية التي بلغت ذروتها في مايو وذلك وفقا لتقارير قدمت من ستيت لاين. ومن ثم تم استرداد ٣٤،١ مليون دولار بعد توقفها مؤقتا عن تقديم المزايا لتحديد الإحتيال واستعادة الأموال المنهوبة.

أما ولاية واشنطن فقد كان الوضع أكثر قوة، حيث أكدت مفوضة أمن التوظيف سوزي أيفين في موتمر صحفي بأن ولاية واشنطن، كانت أول ولاية كبيرة تعرضت للضرب من قبل المحتالين وذلك في إبريل ومايو الماضيين، كونها بدأت في توزيع مزايا البطالة في وقت مبكر. وفي ولاية نيفادا، الإحتيال تسبب بتراكم للمطالبات التي أدت إلى استصدار أمر من المحكمة بتسريع الدفع للمستحقين بجانب وجود فريق عمل حكومي، يسعى للتأكد من المتضررين الحقيقين دافعي الضرائب أصحاب الطلبات الأصلية، بدون تكديس جيوب المتضررين المحتالين.

عمليات إحتيال بالملايين واختراق من أفريقيا لمعلومات المواطنين الأمريكيين

وهو الأمر الذي أكدته روزا مينديز، المتحدثة باسم وزارة التوظيف والتدريب وإعادة التأهيل لولاية نيفادا " أثناء العمل على تلبية الإحتياجات الحرجة لولاية نيفادا، سنبقى نواصل تركيزنا على وقف الإحتيال. “

فيما قالت المتحدثة باسم وزارة الأمن الإقتصادي بولاية أريزونا  ديريت بيزيو " أحتجنا أن نتحقق من مزاعم أكثر من مليون عامل في الوظائف المؤقتة والتي ربما كانت احتيالية ذلك أن الولاية حصلت على ٢،٧ مليون طلب ولديها ٣،٤ مليون عامل فقط. ولكي يتم ضمان حقوق المطالبات الشرعية. فقد دفعت الولاية ٩٠ ألف مطالبة تم تأجيلها لوقت طويل للمراجعة والتأكد أنها لم تكن مزورة مع إصدار شيكات للمراجعين المتأخرة حقوقهم.

ومنذ بداية الأزمة كان سلطات كولورادوا قد كشفت عن مخطط متقدم جدا من الناحية التكنولوجية هدد بسرقة أكثر من مليار دولار من مساعدات البطالة. وقد تم الإنتباه لذلك عندما لوحظ إرتفاعا في مساعدات البطالة على الرغم من انخفاض مطالبات البطالة المنتظمة. ولكن في أواخر أغسطس تم اكتشاف مستوى متقدم من الإحتيال يتجاوز بكثير القدرات التقنية لشخص عادي، وإنما يشتمل على عمليات احتيال واسعة النطاق في الهوية
 
ويتطابق هذا القول مع ما قاله جوباريلا، المدير التنفيذي لإدارة العمل والتوظيف في كولورادوا" هؤلاء ليسو أفرادا تصادف أنهم قدموا مطالبة واحده أو اثنتين. بل إن هذه مخططات توصلت إلى طرق الدخول للنظام وتجاوز أنظمة الأمان الموجودة به

 

وفي هذا الصدد يرى البروفيسور جون ضبيط في مادة الإقتصاد في كلية كوميونيتي في ولاية أيوا بأن برامج إعانات البطالة لها دورًا أساسيًا في الاقتصاد من خلال حماية دخل العمال بعد تسريحهم من أعمالهم ، وتحسين إنتاجية سوق العمل على المدى الطويل ، كما وتلعب دورا مهما تحفيز الاقتصاد أثناء فترات الركود. لذا كان دوما على الحكومة التحذر من دفع المبالغ السخية. التي بإمكانها تعطيل وتباطء البحث عن عمل من قبل هؤلاء العاطلين عن العمل. والتي من شأنها أن ترفع نسب البطالة وتصبح عبء على الحكومة

ويكمل مع ذلك، فإعانات البطالة لا تكفي وحدها لتحفيز الاقتصاد وإنما يتطلب الأمر من الحكومة تغيير سياساتها الاقتصادية من أجل تحريك عجلة الاقتصاد. فالإعانه بضمونها للعاطل عن العمل تضمن الحد الأدنى من الصرف، ولتحفيز الاقتصاد، زيادة صرف الفرد في المجتمع ضرورية. فماذا لو كانت تلك المستحقات تذهب لمن لا يستحقها بل وتذهب لمجرمين إذن ذلك سيحقق أزمة كبيرة وعجز في الميزانية المصروفة. 

 

 اختلاس أموال إعانة البطالة للأمريكين قد يؤثر سلبا على الإقتصاد

ويضيف  بأن الإقتصاد سيتأثر سلبا بسبب ضخ سبة كبيرة من النقود لمساعدة هؤلاء العاطلين، ما يعني انكماش في سوق العمالة وصرف أقل من قبل الشركات لوعيها بعدم استطاعة الفرد شراء الكثير وهو على المعونة. ما يؤدي بالتبعيه للإنكماش في الناتج الإجمالي للاقتصاد، ومنه انكماش الناتج الاجمالي للدولة ما يترتب عليه وجود عجز كبير في ميزانيه الدولة وهذا سيؤدي لوجود ركود إقتصادي طويل المدى ما سيترتب سلبا علي الإقتصاد.

وينهي حديثه قائلا " الحصول على معلومات الأفراد الشخصية -  الهويات وأرقام الضمان الاجتماعي والعناوين وغيرها، تمكن تلك العصابات فيما بعد التقدم بطلبات دفع أموال الإعفاءات الضريبية إلى إدارة الضرائب، أو طلبات القروض المصرفية. وهذا من شأنه إيذاء الفرد والإقتصاد المحلي لوجود قروض مسروقة لأشخاص مزيفيين