في مقال نشر عام 2018 للصحافية والكاتبة كارولاين أليكساندر، على موقع "بلومبيرغ" , تقول فيه إن السعودية، التي كانت البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من قيادة السيارة، تصدرت عناوين الصحف في أنحاء العالم، بشأن إنهاء هذا الحظر في حزيران/ يونيو 2018.
وتشير الكاتبة في مقالها، إلى أن "الرائدات قمن بالنزول إلى الشوارع، حيث تلقين التأييد ونظرات الاستغراب من الجمهور، واحتفلن بانتهاء هذه القيود على حرية المرأة".
وتستدرك أليكساندر بأن "التقدم في حقوق المرأة ليس كاملا في السعودية على أفضل أحواله، ولا في شمال أفريقيا أو الشرق الأوسط، وهي منطقة تأتي في الدرجة الأسوأ، أو ثاني أسوأ منطقة بعد الصحراء الكبرى في أفريقيا، في تقييم المساواة بين الجنسين بشكل عام، وموضوع دور النساء موضوع نقاش دائم، حيث تقاوم الحملات الداعية للمساواة من القوى المحافظة والذكورية".
لماذا سمحت السعودية للنساء بقيادة السيارة؟
وتفيد الكاتبة بأن "هذا التغيير جاء وسط حملة طموحة لتنويع مصادر الدخل في المملكة، ولفطمها عن الاعتماد على دخل النفط، وإن كان المزيد من النساء سيعملن في وظائف فهن بحاجة لقيادة السيارة للعمل، ولم يكن الموضوع يتعلق في تشجيع الحريات المدنية لم تكن هي المقصودة، وفي الواقع فإن الحكومة سجنت بعض أشهر النساء الناشطات في مجال المطالبة بحقوق النساء قبل أن ترفع القيود عن قيادة النساء للسيارات، وتم اتهامهن بالتعامل مع قوى خارجية لم تتم تسميتها".
كم كانت كبيرة هذه الخطوة للسعوديين؟
وترى أليكساندر أن "هذه كانت خطوة مهمة، من ناحية رمزية ومن ناحية الحرية التي تعطيها للمرأة للتفاعل في المجتمع بشكل أكبر، لكنها كانت خطوة صغيرة نحو المساواة، والحاجز الرئيسي يكن في متطلبات موافقة ولي الأمر، وهو ما يجعل النساء يعتمدن قانونيا على الأقارب الذكور، الأب أو الزوج أو الأخ أو العم أو الابن، فلا تستطيع المرأة الزواج أو الحصول على جواز سفر أو السفر دون إذن ولي الأمر، والتغيرات البسيطة التي حصلت في هذا المجال مؤخرا قد تشير إلى أن الحكومة تقوم بإلغاء هذه القواعد تدريجيا".
أين يتم التقدم؟
وتقول الكاتبة إن "التقدم واضح في تونس، مسقط رأس ثورات الديمقراطية التي عرفت بالربيع العربي، التي بدأت نهايات عام 2010، ويؤكد الدستور، الذي تم استكماله عام 2014، والذي يعده الناشطون مثالا يحتذى به، في المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين الذكور والإناث، الذي قال إن الحكومة ستسعى لتحقيق المساواة في المؤسسات الحكومية المنتخبة، وتتميز تونس في المنطقة أيضا لإلغائها قانونا يمنع المسلمة من الزواج من غير مسلم -وهو منع لا يزال شائعا في المنطقة- ولمقترح يساوي في الإرث بين الأبناء والبنات، وهذا بالذات مثير للجدل في منطقة تنص فيها القوانين في العادة على إعطاء الابنة نصف نصيب الابن تماشيا مع التفسيرات التقليدية للنصوص المقدسة، كما سنت تونس قوانين ضد التمييز الاقتصادي ومضايقة النساء".
ماذا حققت النساء في مناطق أخرى؟
وتلفت أليكساندر إلى أنه "منذ الربيع العربي استهدفت الإصلاحات العنف البيتي، حيث انضمت سبعة من 20 دولة ذات أغلبية مسلمة في المنطقة إلى تونس، في تجريم العنف الأسري، وتشمل هذه البلدان المغرب ولبنان والسعودية، فيما قامت ست حكومات بإلغاء قانون من عهد الاستعمار يسمح للمغتصب بأن ينجو من العقوبة إن تزوج ضحيته لحفظ (شرف) العائلة، ودخلت النساء في المجالات التي كانت سابقا حصرية على الرجال، فكانت في الإمارات أول طيارة حربية قادت أول ضربة على تنظيم الدولة في سوريا عام 2014، وأصبحت امرأة من الأردن الأولى من دولة شرق أوسطية لتصبح مصارعة محترفة، بالإضافة إلى أن واحدة من كل ثلاث شركات جديدة إما تنشؤها أو تقودها امرأة".
هل تكسب النساء نفوذا سياسيا؟
وتبين الكاتبة أن "تمثيل النساء في البرلمانات ارتفع ببطء إلى معدل 17.5 % عام 2017، من 4.3% عام 1995، في الوقت الذي كان فيه المعدل العالمي هو 23.4%، ومنذ 2010 قررت 11 دولة والسلطة الفلسطينية أن تقنن لزيادة مشاركة النساء في السياسة، بشكل رئيسي من خلال حصص تضمن نسبة دنيا كمرشحات للمناصب، حيث كانت تونس واحدة من البلدان القليلة التي تشترط عدد المرشحين من الجنسين على القوائم الانتخابية، وكانت السعودية في عام 2011 آخر بلد يوسع التصويت ليشمل النساء، فيما انتخبت الإمارات أول رئيسة برلمان في المنطقة في 2015، كما فازت عدد من النساء في انتخابات رئاسة البلدية، بما في ذلك في بغداد وتونس وبيت لحم في الضفة الغربية، وعينت تونس حديثا امرأة نائبة لمحافظ البنك المركزي".
ما هي أكبر العقبات التي الباقية؟
وتنوه أليكساندر إلى أن "هناك 15 بلدا في العالم مشاركة النساء في القوة العاملة فيها هي الأقل في العالم، بحسب تقرير المنتدى الاقتصادى حول الموضوع لعام 2017، منها 12 بلدا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويبقى الضغط الاجتماعي كبيرا، خاصة في المناطق الريفية لبقاء النساء في البيوت، ومن بين العقبات للمساواة، القوانين التي تعطي الزوج الحق في تطليق زوجته من طرف واحد، بالإضافة إلى إهمال أو التطبيق الضعيف للقوانين التي تمنع زواج القاصرات، ولا تزال النساء تدفعن الثمن عندما يقمن بالاحتجاج".
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إنه "في إيران، تم اعتقال العشرات في بداية عام 2018 بخصوص احتجاجات ضد القوانين التي تفرض على النساء لبس الحجاب في الأماكن العامة، وبعد ذلك بفترة وجيزة تم سجن امرأة في مصر لمدة ثلاثة أشهر؛ لاحتجاجها في فيديو نشرته على الإنترنت على التحرش الجنسي".
إضافة تعليق جديد