المصريون القدماء برعوا فى التعبير عن الحب و أجادوا تخليده

الخميس, فبراير 11, 2021 - 17
منوعات

عفيفي عبد الحميد

المستشار الإعلامي لموقع المنصة بوست - مصر

 

المصريون القدماء عرفوا الحب وبرعوا في التعبير عنه وخلدوه على جدران المعابد، وسطروا في أوراق البردي قصصاً عن العشق على مدار التاريخ
عرف المصريون القدماء الحب وأخلصوا له وبرعوا في التعبير عنه، بل وجاشت مشاعرهم شعرا وفاضت أحساسيهم غزلا في وصف الحبيب لمحبوبته، وخلدوا على جدران المعابد والمقابر وسطروا في أوراق البردي قصصا لا أروع ولا أجمل منها أدبا عن العشق والغرام على مدار التاريخ المصري القديم.
لا حب يفوق حب الأم الكونية إيزيس لزوجها أوزيريس التي خاضت المشاق والصعوبات لإحيائه وبعثه من جديد بعد موته، فهي ربة الحب والجمال والمثل الأعلى في الإخلاص والوفاء لزوجها لجميع الزوجات في مصر القديمة.
يمتلئ الأدب المصري القديم بالعديد من قصص الحب سواء كانت قصص الملوك مثل قصة حب الملك "رمسيس الثاني" لزوجته "نفرتاري"، وقصة الملكة "حتشبسوت" مع مهندسها وحبيبها "سننموت"، وحب الملك الشاب "توت عنخ آمون" لزوجته "عنخ إسن آمون"، والملك "أمنحتب" لزوجته "تي"، أو قصص الحب والعشق بين أفراد الشعب.
قصص الحب الملكية
تسابق الملوك في التعبير عن حبهم لزوجاتهم، والتعبير عنه بتقديم الهدايا وكتابة أشعار الغزل لهم، كما تدلنا قصص الحب الملكية على مدار تاريخ مصر القديم، أشهر هذه القصص هى قصة حب "رمسيس الثاني" لزوجته "نفرتاري" المنقوشة على جدران معبد "نفرتاري" بأبوسمبل، ويصف فيها رمسيس الثاني زوجته الحبيبة بأنها ربة الفتنة والجمال وسيدة الدلتا والصعيد، فكانت هي الزوجة المفضلة لدى رمسيس الثاني، والوحيدة من زوجاته التي بنى لها معبدا يسمى معبد "حتحور" إلى جوار معبده الكبير بمدينة أبوسمبل بأسوان، وأقام تمثالين لها بنفس حجم تماثيله تقديرا لها وتعبيرا عن حبه وغرامه بها.
كما تعد قصة حب الملك "أمنحتب" لزوجته "تي"، وهي القصة التي كادت أن تتسبب في ضياع كرسي العرش من "أمنحتب" أعظم ملوك الأسرة الـ18 في عصر الدولة الحديثة، بسبب تعلق قلبه بها ورغبته في الزواج من "تي" التي لم تكن تحمل دماءً ملكية، فقد كانت من أبوين بسيطين، ولجأ إلى كهنة آمون ليتغلب على مشكلة عدم ملكية دماء محبوبته، فاقترحوا عليه إقامة معبد لآمون، وتخطى أمنحتب عقبته أمام زواج محبوبته بهذه الحيلة، وخلّد عقد زواجهما بأن أمر بنقشه على الجعران الذي يطوف حوله المئات في كل يوم داخل معابد الكرنك الشهيرة في مدينة الأقصر، وأمر بحفر بحيرة كبيرة لتتجول فيها "تي" بقاربها الملكي تحيط بها الأشجار من حولها لتقديمها هدية لزوجته المحبوبة "تي".
وعكس أغلب قصص الحب فى التاريخ التي تكتب لها النهايات السعيدة، تنتهي قصة حب الملكة الأعظم في تاريخ مصر "حتشبسوت" لأعظم مهندسي مصر القديمة "سننموت" نهاية غريبة ومفجعة، فبعد ما أحبها وبنى لها معبدها الأشهر في التاريخ المصري، وبادلته الحب فمنحته 80 لقباً ملكياً، وقد كانت شهرته ومجده سببا لانتهاء قصة الحب بينهما، فعزلته من أهم المناصب الملكية كوزير ومدير للقصر الملكي، وعينت آخرين بدلا منه".
قصص الحب الشعبية
"إنها الفريدة المحبوبة التي لا نظير لها، أجمل جميلات العالم، انظر إليها كنجمة متألقة في العام الجديد على مشارف عام طيب، تلك التي تتألق والتي تبرق بشرتها بريقًا رقيقًا، ولها عينان ذات نظرة صافية وشفتان ذات نطق رقيق"، بهذه الكلمات المدونة في إحدى المخطوطات القديمة، والتي قالها عاشق لمحبوبته تظهر الأحاسيس الرقيقة الفياضة في إظهار الحب.
أغرب علاقة حب سجلها التاريخ المصري القديم، كانت عبارة عن خطاب سجل في بردية محفوظة في متحف "ليدن" في هولندا، وهو خطاب أحد الأزواج إلى زوجته المتوفاة التي توفيت منذ 3 سنوات، يقوم فيها معاتبة زوجته ويشكوها لمجمع الآلهة.
تخبرنا البردية أن الزوج شعر بعد موت زوجته بألم شديد بسبب فراقها وعدم قدرته على نسيانها لدرجة أنه كان يرى خيالا لها، ويراها في أحلامه ما سبب له اضطرابا شديدا، وأصبحت حياته تعيسة، فاستشار الكهنة الذين نصحوه للتخلص من الخيالات التي يراها واضطراباته، أن يكتب رسالة إلى زوجته المتوفية، ويذهب إلى قبرها ويقرأ عليها الرسالة بصوت عالٍ.
كما تحكي لنا بردية "شستر بيتي" الموجودة في لندن التي ترجع 1200ق.م والتي تسمى بأشعار أو أغاني الحب، وتضم 3 أجزاء عن الحب، الجزء الأول، وقد أسماه الباحثون "شياطين الحب"، ويتكون من 7 مقاطع، 4 منها على لسان الحبيب، و3 على لسان الحبيبة، والجزء الثاني ويسمى"تعالي إلى حبيبك"، وفيها 3 مقاطع على لسان الحبيبة، والجزء الثالث عبارة عن نصائح الكاتب"نخت سوبك" للحبيب والحبيبة.
ومن نوادر قصص الحب التي سجلتها البرديات هي رسالة فتاة من منف بالجيزة لصديقتها في طيبة الأقصر حاليا تحكي لها عن حكايات لقاءاتها مع حبيبها خلف معبد بتاح في منف، وتصف لها عن علاقتهما، كما تحكي بردية من العصر القبطي موجودة الآن في مكتبة جامعة "جوليان ماكسيمانوس" بألمانيا، عن قصة حب شاب لفتاة لا تبادله مشاعره، ويقرر أن يعمل لها تعويذة سحرية تجعلها تقع في حبه.

منقول ( مجدى صادق )


Deprecated: Directive 'allow_url_include' is deprecated in Unknown on line 0