ما أن تبدأ الحوار معه حتى تراه ينطلق بالإجابة متسلحا بأسهم الكلمات الجميلة المتأنقة...فهو شخصية مثقفة تهوى القراءة بشغف إلى حد أن لا شئ يفصله عنها إلا النوم تنقل بين العديد من المواقع الإلكترونية والصحف الورقية متدرجا في منصبه من محرر ميداني إلى مسؤول تحرير ومن ثم مدير تحرير حتى وصل اليوم إلى مكانته المرموقه كصحفي من الدرجة الأولى وكاتب من الدرجة الرفيعة في صحيفة الجزيرة السعوديه بجانب عمله وانتسابه للعمل المجتمعي لإيمانه بأهميته، وكونه يؤمن بقيمة الإنسان والحياة التي سخر لها كل كتاباته فقد انضم مؤخر كعضو للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية وقد ساهمت كفاءته في اختياره مستشارا إعلاميا وصحفيا لجامعة ماليزيا ومدرب في مجال الإعلام والصحافة ومدرب ببرنامج الأمان الأسري ومستشارا نفسيا وسولكيا في بعض المراكز الخاصة….وسفيرا إعلاميا لأكاديمية التدريب الشامل….إنه الإعلامي السعودي عبده الأسمري الذي كان للنا معه في المنصة بوست هذا الحوار
الكتابة في هموم الناس وقضاياهم من أولاوياتي
تنقلت بين العديد من الصحف وأخيرا استقر بك المطاف في صحيفة الجزيرة، ما الذي تختلف به صحيفة الجزيرة عن غيرها؟
تنقلت بين عدة صحف وعملت وصعدت السلم خطوة بخطوة لاني تيقنت في أول يوم أدخل فيه بلاط صحبة الجلالة أن أحترام المهنة هو أساس أول لبلوغ المراد فعملت وترقيت ووصلت ولله الحمد الى مناصب عدة. استقريت في الجزيرة منذ اكثر من عامين لأنها الاكثر استقرارا حاليا في ظل تراجع ايرادات الصحف وإرتفاع مصروفاتها إضافة الى إتاحة استاذي "رئيس رؤساء التحرير بالسعودية " رئيس تحرير الجزيرة الأستاذ خالد المالك الفرصة لمساحتين أسبوعية لمقال بروفايل الذي اشتهرت به ومقال الرأي في زاويتي الاسبوعية حياد لذا وجدت الاستقرار والتقدير والاحترافية المهنية التي تعمل بها الجزيرة كبيئة خصبة للعمل والممارسة الصحفية الأصيلة التي تهتم بالانتاج والمنتج وايضا وجود ثبات مهني في الزوايا والصفحات وهو الذي لا تثبت عليه صحف أخرى نظير التغييرات في الأقسام وتبدل الرؤى وتداخل المهام . اضافة الى تمكني من العمل كصحافي وكاتب في صحيفة لها اسمها في ظل انفرادها بكفة ميزان راجحة فيما يخص الكتاب والمقالات التي لا تزال اعمدة راسية تراهن على ثبات واصالة الصحف الورقية
بعد البحث والمتابعة لمجمل ما تكتب من مقالات وكتب، نرى أن هناك بعد إنسانيا بحتا في كل ما تكتب، فهي تتنوع ما بين الفكر والثقافة والأدب والحياة والدين مع بعدها عن السياسة ، أو على الأقل السياسة الصريحة، فهل أتى ذلك بناء على قناعة فكرية نتا ج أيمان الكاتب عبده الأسمري بوجوب التخصص ، أم الكتابة في السياسة من المحرمات التي تمارسها على ذاتك؟
حقيقة، أنا اتنقل بين قنوات الفكر والثقافة والادب والحياة وارى في مقالاتي أن تكون صالحة لاكبر شريحة فيما يخص همومهم وقضاياهم مانحة لاغلب القراء آمالا وأمنيات من عمق الأنسان نحو أفق الكيان في شتى مناحي الحياة. أما السياسة فأكتب عنها أحيانا ولكني أظل بعيدا في الأغلب لأن الساحة مكتظة بالمقالات الكثيرة ولأن لدي قناعة أن السياسة تحتاج التحليل ومساحات الحوار الصحفي وطاولات النقاش الفضائي أكثر من كتابة المقال لذا كانت كتابتي عن السياسة فيما خطه قلمي في أرشيفي من أبعاد وطنية وإنسانية ,وحتى تخصصية ..أكتب في السياسة عن وطني والفخر بانجازاته وأيضا قامته واستقامته على خارطة العالم وكذلك سياسته "الفريدة " وديبلوماستيه "المجيدة " في ظل تعاطيه وتعامله مع قضايا العالم وعلى العكس فالكتابة في السياسة من المباحات اذا ما ارتبطت بالصدق والمنطق
النقد الموضوعي يوصل الكاتب لطريق مفروش الورود والنقد الذاتي يضعه أمام حوار مشوش بالصدود
أنت تعلم بأنه طالما هناك كتابة فلابد من وجود نقد ونقاد ، هل تؤثر قسوة النقد على الكاتب عبده الأسمري؟
أستقبل بشكل يومي العديد من الرسائل والاتصالات التي تثني على المقالات والعديد يستقطع عبارات مختلفة ليقتبس منها تحت "اسمي " ودائما ما أطلب من القراء النقد وايضا أنتظر الانتقاد من أي جهة وهي دوما "محل اهتمام " "ومجال عناية" وتمثل لي مجال "الحظوة" اكثر من "القسوة" لان النقد أما أن يكون "موضوعيا " أو ذاتيا فالأول ستصل معه الى طريق مفروش بالورود والثاني ستقف معا أمام حوار مشوش بالصدود ..وفي كلتا الحالتين ستكتشف على الأقل اتجاهات الاخرين نحو ما يطرح حتى أن الكاتب الحصيف سيجد في انتقاد "الحساد" مجالا واسعا لمقالات متنوعة في المستقبل لتنتقل من النقد الشخصي الى المد الابداعي
في اعتقادك وأنت اليوم كاتب وإعلامي له وزنه الصحفي، الصحافة تندرج تحت أي مسمى وظيفة أم هواية أم موهبة؟
الكتابة خليط بين الثلاث فالبعض يراها وظيفة وهذاالنوع سيظل كاتبا ثابتا على مستوى غير متطور ومن اتبعها كهواية سيبدع ولكنه سيظل في مجالات الهواية وقد يتشابه مع آخرين ما لم يطور نفسه ولكن هنالك من جمع الموهبة والهواية وهنا ستكون أمام "كاتب مختلف" وهو ما يطلبه الناس حتى تكون "مقالاته "و"أفكاره" بشكل جاذب ومشوق ..الكتابة أسلوب حياة وسلوك فكر وإستجابة موهبة وسطوة مهارة
من بين كل مقالاتك وكتبك التي كتبتها أيهم الأقرب إلى ذاتك وتشعر بالزهو والتفرد كلما قرأته؟
حميع مقالات البروفايل التي كتبتها اعتبرها "منتج فريد " لا يشبه أي انتاج اخر وهذه بشهادة الجميع فلغتي مختلفة أما المقالات الأخرى فالاقرب منها الي تلك أشعر انها باتت منهجا يقرأه الناس بل ويحتفظ به العديد بين أوراقهم ويعتمدون عليه في حياتهم لمواجهة الصراعات والمتاعب وكذلك يلجأون اليه في حالة البحث عن المفردة والتلذذ بالمعنى لاني في أي موضوع أكتبه لا بد أن أضع "الكلمة " و"العبارة " كزينة تسر القارئين وسرور يفرح المتابعين . كتابيالأقرب هو "كلمات من الذات" الذي اختصرت فيه الكثير من المقالات التي امتلأ بها عقلي وفاض بها وجداني نحو الحياة والانسان
كتبت عن الكاتب والشاعر الكبير الراحل غازي القصيبي والمعروف عنه بأنه كان كاتبا وشاعرا وروائيا بكل مافي الكلمة من معنى وهناك من اعتبره مدرسة نظرا لفكره المنفتح، هل تأثر الكاتب عبده الأسمري بكتابات الراحل غازي القصيبي، وما علاقتك به هل ألتقيته؟
كتبت عنه بروفايل أعتز به جدا ومنذ أن كنت صغيرا كنت أقص عدد من أشعاره ومقالاته وحوارته لأضعها بين "كتبي " الدراسية ووسط حقيبتي الخاصة فكبرت أانا معجبا بشدو هذا الوزير الشاعر المثقف الكاتب الروائي الذي كان منظومة متنقلة من الثقافة والفكر في شخص واحد. تأثرت بشخصيته وكتابته وفكره وعمله. أما علاقتي به فكانت علاقة تلميذ يتلقي مناهج المعرفة من بعد منهج علمي بشري اسمه "غازي القصيبي". شخصيا لم التقيه ولكني تلاقيت وتقاطعت مع أفكارة وعلمه وأستفدت من سيرته التي لا تشبه الاخرين فقد كان مثالا للكفاح والنجاح ونموذجا للفكر والابتكار
تقول " لا يفصلني عن الكتابة إلا النوم" فهل أنت تؤمن بوجود الوحي الفكري الذي ينزل على الإنسان في ساعة ما وعليه أن يستغلها كي يخرج كل بنات أفكاره على الورق فيكون الإبداع ، أم أن الإبداع في الكتابة هو حصيلة إجتهاد في القراءة وممارسة الكتابة؟
الكتابة بالنسبة لي حياة وسلوك مستديم فيها أشكل هموم الأخرين وأرسم لوحات الأخرين بقلمي أرى أن الإبداع في الكتابة مرتبط بالموهبة أولا ثم المهارة وأخيرا القراءة وممارسة الكتابة. الكتابة سلوك وردة فعل نحو مثيرات مجتمعية. وهذا السلوك يتباين مع جودته وإجادته وفق المواهب والمهارات والخبرات والممارسة. ومن تمكن من رسم هويته وروحه الخاصة وانفراده في نصوصه سيظل " لغزا محيرا" أمام المتابعين والمراقبين إلا أن الإجابة بكل اختصار هي "الإنتصار" للذات في عشقها للإبداع والإمتاع
مقالاتي لوحة تشكيلية متكاملة "الفكر" عنوانها المستديم و"النفع" تفاصيلها الثابته
في جميع كتاباتك سواء الكتب أو المقالات وجدت بأن الحديث دوما ذاتيا فتظهر خلجات نفس الكاتب واضحة جليه وكأنك تتعمق في تحليل النفس البشرية وقراءة أفكارها واستخراج مكنوناتها ما مدى تأثير دراستك علم النفس على كتاباتك، أم أنها ميول نفسية لطريقة كتابة معينه؟
انا اكتب اذن انا موجود ..الكتابة لدي ليست مقالا مؤقتا قد يضيع بين مئات المقالات اليومية بل اني حريص جدا أن يكون "منهجا " حتى اراهن أن يكون صالحا للقراءة بعد نشره بأشهر وبذلك فأنا اعزف على وتر الديمومة في الاستفادة والنفع للقارىء سواء كان مشمولا بتوجيهات نص الكتابة ام مستمتعا ولاهثا وراء جودة المفردات والتلذذ بها. علم النفس أكاديمية متكاملة تخرج منها أجمل أارقى الفنون والمهارات والإبداعات نعم أميل للتحليل وأستعين دوما بالمهارات التخصصية في ربطها بهموم الناس وأحتياجاتهم وكذلك ادمج الثقافة بالسلوك والأدب بالمعني والعبارة بالمهارة والمداد بالحصاد لذا فان مقالاتي لوحة تشكيلية متكاملة تعتمد على "الفكر " كعنوان أول و"النفع المستديم " كتفاصيل ثابتة سواء في التوجيه المعرفي او التحليل النفسي او التركيب اللغوي او التذوق الادبي او الذوق الثقافي
أنت من كتب بأن أناقة الكتابة هي" سمو أدبي" يظهر على الكاتب في إختيار مفرداته اللغوية ومعاني كلماته وترتيبها ومن ثم تقديمها للقارئ ليقرأها ليعرف ما المراد منها وما الذي تحمله من معاني ؟
نعم الكتابة سمو أدبي ورقي معرفي ..وعلى الكاتب أن يكون "أنيقا " في مفرداته "متأنقا" في عباراته حتى يظهر للقارىء ما يشبع غروره في ظل كم هائل من المقالات التي تعتمر أجهزة الهاتف وتعلو صفحات الجرائد وشاشات التلفزة عليه أن يكون ذكيا وحصيفا وبارعا في المنتج حتى يصل الى إرضاء نفسة والأخرين .يجب على الكاتب أن يخضع نفسه للنقد الذاتي والإنتقاد الشخصي حتى يبدع ويكون له وقع الخاص في منظومة "الكتابة
تتميز مقالتك " رسائل بين النفس والحباة" بالحنكة الأدبية والبراعة في توظيفك للكلمات والمفردات الأدبية ما يجعل فيها سموا أدبيا من خلال إسقاطها بذكاء على الواقعين الاجتماعي والسياسي، ألا ترى معي أن الواقع السياسي الأليم الذي يعيشه عالمنا العربي اليوم لعب دورا كبيرا في تفكيك الشعوب وجعل الدول العربيه في حالة تفكك و تربص لبعضها البعض حتى وإن كان لبعض الدول أياد بيضاء كثيرة في كل مكان وتعمل سرا وجهار في الخير ولها مكانتها المميزة؟
مقالتي كانت عن "الأنسان " وحول "البشر " وبين أروقة الحياة ووسط ردهات "العيش " وداخل نتوءات "السلوك " الواقع السياسي الأليم نتيجة الانظمة السياسية التي تعمل وفق أجندات مصالحها الخاصة وكذلك توظيف وتوجيه الاجندات الخارجية من مثيري الفتن ومستغلي أوضاع الشعوب لإدخال السطوة السياسية والوصاية على الشؤون الداخلية في ظل انصياع بعض الحكومات لهذه الفتن ورضوخ بعض الانظمة للاملاءات الخارجية والتشويش الخارجي وتنفيذ مآرب الباحثون عن تدمير الشعوب واختراق حدود "الشرعية " وانتهاك حصانة الدول والشعوب لذا كان التفكك سائدا في ظل انظمة سياسية تمارس الحكم وفق منظور الأخرين ممن ينتمون لأنظمة "الفتن والتأليب والحقد
تم اختيارك من قبل الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في العام 2015 كي تكون عضواً بها هل تتفق معي بأن الأوضاع السياسية في المنطقة ضيعت الحقوق الإنسانيه لبعض الشعوب وأصبح هناك ظالم ومظلوم؟
أخترت ولله الحمد جمعية وطنية لها أعمالها وجهودها المميزة، اما فيما يخص الأوضاع السياسية في البلدان المضطربة بالشرق الأوسط وأكثر الامثلة حاليا اليمن وايران ولبنان وسوريا وتونس وليبيا والعراق إضافة الى الأنظمة المتسلطة في بعض بلدان أوروبا وأسيا فقد أوجدت ساحات من الظلم للانسان ومساحات مفتوحه وضعت بعض الانظمة السياسية في تلك البلدان أن تمارس الظلم والقهر معا ولا ننسى استغلال الجماعات الفوضوية مثل القاعدة وداعش وجماعات الاخوان المسلمين وحزب الله والجماعات المشبوهه ايضا في تضييع ومصادرة حقوق الشعوب حتى تعيش بأمان في ظل ممارستها القتل والتدمير
كلمات من الذات وصفات لمواجهة الألم ومواصفات لتحقيق الأهداف بدون إستسلام
في كتابك الأخير " كلمات من الذات" طرحت فيه نظرتك للحياة في ظل الظروف والمتغيرات التي تضع إنسان هذا العصر وجها لوجه مع الواقع الذي يعيشه بطريقة إيجابيه ومنفتحة الأمر الذي يو بالأمل ويزرع التفاؤل فتحدثت عن العلاقة بين الخالق وعبده وأعطيته سر الصمود والكفاح ومنحت العاجز في كلمات كيف له بإحساسه أن يتفوق على العجز والفشل الذي يشعر به .لكنك في الحقيقة لم تقدم حلول للنهوض بل كلها جرعات أمل وتفاؤل وصبر وحكمه للترويح عن النفس ؟
في كتابي وضعت نظرتي للحياة متواءمه مع أسرار الحياة وجرعات للأمل والتفاؤل والصبر وتطرقت الى العديد من الأساليب السلوكية ومن المهارات النفسية للتعامل مع صدمات الحياة. ما تطرقت اليه كان تركيزا على مهارات النفس وأيضا توجيه "النفس " إلى وصفات لمواجهة الالم ومواصفات لتحقيق الأهداف مما يجعل النهوض متاحا متى ما ارتهن الى الاستفادة من التجارب وتحويل المتغيرات اإى تغييرات تنهض بالانسان وتنتشله من غيابت"الاستسلام " الى مسارات النجاة . لذا كان الكتاب مشكلا منوعا يشمل المعاناة والحلول وكذلك توصيف السلوكيات السلبية ووصف الطاقات الإيجابية وتذليل الصعاب وفق الحلول النفسية البشرية التي يستطيع الانسان أن يتدرب عليها وأن يطبقها في الحياة حتى يصل الى أهدافه وأماله وأمنياته في الدنيا والاخرة