عصفت التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن أزمة فيروس كورونا المستجد بمعدلات عالية بالبلدان التي تندرج ضمن شريحتي الدخل المنخفض والمتوسط وكذلك البلدان الفقيرة، وأسفرت الضوابط التي جرى توقيعها على قطاع السفر الدولي فضلاً عن الإغلاق الكامل أو الجزئي الذي تسبب في تضاؤل معدل تدفق التحويلات المالية، وانهيار حركة السياحة و هما من المصادر الهامة لتوفير فرص العمل وتوليد الدخل.
خلصت دراسة اقتصادية جديدة، إلى أن جائحة فيروس كورونا وما رافقها من إجراءات إغلاق قاسية، كلفت الاقتصاد العالمي نحو 3.8 تريليون دولار، وهو رقم مرشح للارتفاع.
وأشار باحثون إلى أن 147 مليون شخص فقدوا وظائفهم حول العالم، مما تسبب في انخفاض مدفوعات الرواتب بواقع 2.1 تريليون دولار.
وانخفض مستوى الاستهلاك العالمي بنسبة 4.2 في المئة، أي ما يعادل 3.8 تريليون دولار، وهو ما يوازي الناتج الإجمالي المحلي لدولة مثل ألمانيا.
وكان قطاع السياحة والسفر الأكثر تضررا بين القطاعات الاقتصادية، بسبب إلغاء الرحلات الجوية وإغلاق العديد من البلدان لحدودها، خاصة في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة.
ونتيجة لأوامر الإغلاق وإقفال الحدود، فقد العالم الترابط والاتصال الذي كان يتمتع به قبل الجائحة التي بدأت أواخر 2019 في مدينة ووهان الصينية، وتسبب الأمر في إحداث اضطرابات كبيرة في قطاعات اقتصادية إلى جانب السياحة، مثل التجارة والطاقة والمالية، وتعود هذه الخسائر نظرا لطبيعة الاقتصاد العالمي، الذي أصبح أكثر تداخلا وتشابكا.
وقال الباحثون إن الخسائر العالمية مرشحة إلى الارتفاع مع استمرار إجراءات الإغلاق، محذرين من رفع هذه الإجراءات، قد يؤدي إلى آثار اقتصادية أكثر قسوة ولفترة أطول.
وتأثر الاقتصاد المصري بجائحة كورونا في عدة جوانب نرصدها في الأتي:
أولا: الناتج المحلي الإجمالي
انخفض معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الثالث من العام المالي 2019/2020 ليسجل 5% مقابل 5.6% عام 2018/2019.
ثانيا: معدل البطالة
ارتفع معدل البطالة في الربع الرابع من العام المالي الماضي إلى 9.6% وذلك على النقيض خلال نفس الربع من العامين السابقين.
ترجع الدراسة هذا الارتفاع إلى الأزمة الحالية لفيروس كورونا المستجد والتي تسببت في تعليق المدارس وحركة الطيران وإغلاق المحلات جزئيًا.
ثالثا: الرقم القياسي لأسعار المنتجين والمستهلكين
شهد الرقم القياسي تدهور مستمر خلال الفترة فبراير-أبريل 2020 مسجلا معدل تراجع سنوي بلغ 18.8% في نهاية الفترة.
ويُعزى هذا التراجع إلى انخفاض أسعار أنشطة الزراعة وصيد الأسماك والتعدين واستغلال المحاجر وخدمات الغذاء والإقامة بنسب 4.5 % و67.7 % و8.1 %، على التوالي.
ويُلاحظ أن تأثير كوفيد-19 على معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين محدود إذا ما قورن بأثر الجائحة على معدل التغير السنوي لأسعار المنتجين، وفقًا للدراسة.
ومع انحسار الوباء تراجع الانخفاض في معدل التغير السنوي لأسعار المنتجين ليسجل 15.2% ارتفاعًا بمقدار 3.6 نقطة مئوية في شهر مايو 2020.
رابعا: أسعار الصرف
شهد الجنيه المصري انخفاضًا خلال الفترة من فبراير حتى مايو 2020 بلغ نحو 1.8% من قيمته، وذلك تزامنا مع تراجع التدفقات الدولارية نتيجة لعدة أسباب منها على سبيل المثال انخفاض الصادرات السلعية بمعدل 39.4% في نفس الفترة.
وذكرت الدراسة أن تفاقم الأثر السلبي على قيمة الجنيه جراء تأثر قطاع السياحة بشكل ملحوظ بانتشار الفيروس والانخفاض الكبير في أعداد السائحين والليالي السياحية مع إغلاق المطارات وتعليق الرحلات الجوية، مما ساهم في تراجع إيرادات مصر من النقد الأجنبي.
لكن مع انحسار موجة كورونا شهدت الفترة من مايو إلى أغسطس الماضي ارتفاعًا طفيفا في قيمة الجنيه بمعدل 0.2%.
خامسا: قناة السويس:
انخفضت إيرادات قناة السويس بالدولار بدءًا من أبريل الماضي مقارنة بالمستويات المناظرة في العامين السابقين 2018 و2019 نظراً لتأثر التجارة العالمية بشكل عام بالجائحة.
وذكرت الدراسة أن معدل التغير الشهري للإيرادات سجل أدنى مستوى له
(-7.5%) في شهر مايو 2020 مقارنة بنفس الشهر في العامين السابقين (4.5% و6% على التوالي).
ويمكن تحديد التأثير الحقيقي للجائحة على قطاع قناة السويس بالنظر للتغير في الحمولات الصافية وعدد السفن العابرة للقناة قبل وبعد فبراير 2020.
وقال الجهاز إن الحمولات انخفضت من 101.8 مليون طن إلى 84.2 مليون طن، وانخفضت أعداد السفن من 1731 إلى 1381 سفينة خلال الفترة أبريل-يونيو 2020.
لكن إيرادات القناة أظهرت تحسنًا إذ ارتفع معدل التغير الشهري لإيرادات قناة السويس بشكل ملحوظ في يوليو 2020 بنسبة 8.7%.
سادسا: قطاع السياحة والسكك الحديدية
لحق ضرر جسيم بقطاع السياحة من حيث أعداد السائحين حيث انخفضت من 900 ألف سائح في فبراير الماضي إلى صفر سائح في أبريل الماضي بنسبة انخفاض 100%.
أما قطاع السكك الحديدية فقد انخفضت الإيرادات الحقيقية للسكك الحديدية بنسبة 55.7% خلال الفترة من فبراير-أبريل الماضيين.
لكن قطاع السكك الحديدية شهد تحسنًا ملموسًا في قيمة الإيرادات الحقيقية بنسبة 96.9% خلال الفترة من أبريل إلى يوليو الماضيين.
سابعا: صافي الاحتياطي النقدي
انخفض صافي الاحتياطات الدولية بقيمة 9.5 مليار دولار خلال الفترة من فبراير إلى مايو الماضيين، تراجع صافي الاحتياطيات الدولية الشهري مع تفشي الجائحة في مصر حيث بلغت معدلات الانخفاض الشهرية حوالي 11.9%، 7.7% في مارس وأبريل، قبل أن ينخفض ذلك المعدل إلى 2.8% في مايو.
وقالت الدراسة إن خلال الفترة من يونيو إلى يوليو الماضيين ارتفعت معدلات التغير الشهرية لصافي الاحتياطيات الدولية بمعدل 6.1% و0.3%، على التوالي.
ثامنا: التجارة الخارجية
شهد معدل التغير السنوي للواردات السلعية غير البترولية بالدولار أقصى انخفاض له منذ يناير 2019 في أشهر فبراير وأبريل ومايو الماضيين بمعدلات تصل إلى 25.5% و35.0% و35.8% على التوالي.
وتراجع معدل التغير السنوي للصادرات السلعية غير البترولية بالدولار بمعدل 19.9% و36.0% في أبريل ومايو 2020 على التوالي.
تاسعا: البورصة المصرية
سجل مؤشر البورصة المصرية انخفاضًا حادًا في أعقاب الجائحة خاصة في شهري مارس ومايو حيث أغلق عند 9593.9 و10220.1 نقطة على التوالي، مسجلاً أعلى معدل تراجع شهري منذ يناير 2019.
ولم تشهد قيمة وحجم التداول وحجم العمليات في البورصة المصرية حتى شهر أبريل الماضي تأثرًا.
وشهد شهر أبريل تحسنًا ملحوظًا في أداء البورصة مقارنة بالشهر المناظر في عام 2019 نتيجة للحزم التحفيزية التي قدمتها الحكومة.
وذكر المؤشر أن مؤشر البورصة المصرية الرئيسي شهد تحسنًا بنسبة 5.3% في شهر يونيو الماضي.
إضافة تعليق جديد