المايسترو نبيل عزام : "ميستو" عبرت عن التقارب الحضاري بين الشعوب بموسيقييها وموسيقاها

لم تكن هي المرة الأولى التي نلتقي بها مع الدكتور المايسترو نبيل عزام وفرقته الموسيقية " ميستو".فقد كان لنا لقاءات سابقة، ولكنها حتما المرأة الأولى التي نلتقي بها على صفحات المنصة بوست. وعبرالتشات الإلكتروني إلتقينا صوت وصورة، بعدما تعذر علينا اللقاء بسبب فيروس كورنا. وكعادة كل لقاء، لم يكن الحوار عاديا. فهو شخصية غير اعتيادية، يجمع بين جدية العمل والمثابرة وخفة الروح والظل في الحديث. فلابد أن يتخلل الحديث إختلاق القفشات التي تجعل للحوار متعة خاصة يمر معها الوقت بدون ملل

عشرون عاما من النجاح 
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي نلتقي بها وفي كل مرة نلتقي نرى أن هناك الجديد والمثمر في ميستو ، لذلك نرى أن ميستو دوما في حالة تطور هل لك أن تحدثنا عن ميستو بعد مرور ١٠ سنوات على لقائنا الأول ما الذي بقى وما الذي تغير أو لنقل ما الذي تطور؟
يصمت … يفكر…...هذا العام نحتفل بمرور عشرين عاما على تأسيس الاوركسترا العالمية ميستو وهذا بحد ذاته انجاز كبير يعرف قدره الموسيقيون العاملون في نطاق الأوركسترات. أما وأنك تسألين عن نشاطاتنا في العشر سنوات الاخيرة فكانت امتدادا طبيعيا للمسيرة العامة لهذه الاوركسترا ميستو. فنحن استطعنا في العشر سنين الاخيرة ان نكون فعالين على المستويين المحلي والعالمي اذ ان الاوركسترا ظهرت على مسرح الاوبرا السلطانية العمانية في مسقط في 2012 حيث قدمنا حفلا مميزا في الموسم الأول لتشييد وافتتاح دار الأوبرا الفخمة وظهرت في هذا الكونسيرت المطربة الفلسطينية اللامعة والموهوبة د. دلال ابو امنه. بعدها, وحين لمست وتعاملت مع المهنية العالية التي تضاهي أوبرات العالم الكبير أحببت أن نعيد الكرة هناك. العقبة كانت في ان مسؤولي الاوبرا يحبون التنوع وإعطاء المجال للفرق الموسيقية العديدة في الظهور هناك وطبعا هذا حقهم رغم ان أحد المستشارين الكبار هناك البروفسور الدكتور عصام الملاح هو صديقي الشخصي انما هو الاخر ملتزم بقرارات الهيئات الإدارية. وبما اني لا "ألقي سلاحي" بهذه السهولة اقترحت عليهم ان احضر معي محمد عساف الفنان الكبير اللامع والمعروف في كل الشرق الأوسط فقبلت الفكرة وكان لنا في عام 2016 حفلتان كبيرتان ناجحتان هناك.

لميستو أهداف وهي نشر الموسيقى بين الشعوب ومزجها، فهل هذا المزج الموسيقى يساهم ولو قليلا في تعريف الحضارات وتقاربها؟
 بالتأكيد, كما ذكرت حضرتك باننا منذ تأسيس الأوركسترا كانت لنا صولات وجولات في هذا المضمار. مثلا في حفلاتنا قدمنا الموسيقى اليونانية والإيرانية والبلغارية والكلاسيكة الأوروبية والأمثلة كثيرة. في كونسيرت على مسرح جامعة كاليفورنيا 2018 قدمنا برنامجا كاملا من روائع الموسيقى العربية والموسيقى اللاتينية واللافت اننا قدمنا مغنية الأوبرا سوزانا جوزمان وهي تؤدي لحن هابانيرا (من اوبرا كارمن) للمؤلف بيزيه والذي استوحى منه عبد الوهاب مقطعا من أعنية "بعمري كله حبيتك" لوردة وقد ادخلت هذا المقطع الذي هو من مقام السيكاه العربي ثم عادت مغنية الأوبرا وأكملت الجزء الثاني من موسيقى. في هذا الكونسيرت " الإحتفال " ايضا قدمنا موسيقى رأفت الهجان من الحان عمار الشريعي ومقطوعة موسيقية رائعة من الحان الدكتور مجدي تاضروس بالإضافة الى قراءات شعرية رائعة رافقتها الاوركسترا مع عازفين عالميين مثل الاساتذة الجامعيين أي جي الراسي (ناي) وستيف لوزا (ترامبيت) ومنير باكان (عود).

النجاح والتفوق رغم العائق المادي 
إذن ...بعد مرور ١٠ سنوات نستطيع أن نقول أن  ميستو إستطاعت أن تحقق من أهدافها ورسالتها؟
 يبتسم إبتسامة كبيرة – يا سيدتي الصلابة والبقاء والاستمرار هو عنواننا ولنا في هذا المضمار شهادات عريقة من الفنانين أهل المعرفة. انا غير راض تماما عن كمية إنتاجنا وإنتشارنا على نطاق واسع. ولكي أكون صريحا وواضحا سوف لا أغوص في دوامة الكبرياء والكلام الفارغ لهذا أقول بأننا نجحنا الى حد ما في إيصال رسالتنا الواضحة موسيقيا وإجتماعيا، لكن طموحاتنا كانت أكبر من إمكانيات المؤسسات المالية التي حولنا. فنحن لا نريد ان نثقل على جمهورنا ماديا ففي الوقت الذي يتاح لمحبي الموسيقى حضور أكبر حفلات الكونسيرت مثلا  للأوركسترا الفيلهارمونية في لوس انجليس بسعر التذكرة المعقول لم يكن من سياستنا ان نرفع سعر التذاكر لاسباب يعرفها الجميع. باختصار نحن نجحنا في استمرار التماسك الموسيقي والإجتماعي بين اعضاء الاوركسترا وجمهورنا العزيز، ولدينا مجموعة كبيرة من الأعمال التي تنتظر الوقت المناسب لعرضها.  كما أننا قمنا قبل فترة بتسجيل اسطوانة لتسعة ألحان من أعمال عبد الوهاب بتوزيع جديد. هذه الأسطوانة جاهزة للطبع وقد تكرم بتمويل انتاجها الدكتور وسيم شومر (النصراوي والذي يعيش في فلوريدا). له منا جزيل الشكر والعرفان. وأمامي الان اسطوانة خاصة سجلناها وتحوي أربعة سماعيات وأربع لونجات تقليدية بتوزيع جديد وعصري.

أعلم جيدا أنك زرت البلاد العربية ولك بصمة في كل مكان، هل لك أن تحدثنا عن زياراتك، هل وجدت في حفلاتك ما كنت تحلم به ؟
 يضع يديه خلف رأسه مستندا عليها ووجهه مواجه للشاشة بإبتسامة مشرقة وعينيه تجول أمامي---  يا استاذة نسرين... نحن نعيش بعالم له ظروفه محليا وعالميا-- البلاد العربية بمجملها تجابه نفس المشاكل وأمامها تحديات مختلفة وعلينا أن نعترف بذلك ونحن نفهمها. فمن غير المعقول أن أسافر الى لبنان مثلا لقيادة الاوركسترا هناك وان أثقل عليهم بمتطلباتي الخاصة ذلك لاني عالم بما يمروا به من إمكانيات مادية. ولأني لست بحاجة لبضع دولارات مكافأة لي عن ظهوري هناك بات هدفي هو تقديم الافضل والبرنامج الذي يلائم الاوركسترا ويضيف شيئا ما لجمهورهم. لا تنسي أني اتعامل مع فنانين مخلصين ومكافحين وجميعهم همهم الوحيد هو تقديم الفن الراقي. أما وبكل صراحة روعة الزيارات والظهور فتتمثل بالتواصل الحميم والصداقات القلبية مع اناس طيبين رائعين ومثقفين

البلاد العربية وقصة نجاح أخرى 
كلام جميل ..لكن ماذا عن حفلة سلطنة عمان حدثنا عنها كيف وجدت الشعب العماني ؟
ست نسرين –-سلطنة عمان لها مكانة خاصة وسمة خاصة يلمسها كل زائر. طبعا هذا ينطبق عموما على كل بلد عربي او غير عربي لكن سلطان عمان الراحل قابوس يكفي انه كان موسيقيا وشغوفا بالكثير من القوالب والأنماط والالات الموسيقية والحديث يطول عنه طيب الله ثراه. فيكفي فخرا واعتزازا بأن يشيد في سلطنة عمان دار للأوبرا. يعني دعيني أقول لكي أنها من أبهى وأحدث دور الأوبرا في العالم مدارة بواسطة خبراء عالميين في هذا المجال بمساندة هيئة عمانية مختصة لدعم دار الأوبرا. كانت تحت الرعاية المباشرة للراحل السلطان قابوس. يكفى أن تشاهد شكل العملة العمانية على وجهها الأول صورة جامع السلطان قابوس وعلى الوجه الأخر صورة أوبرا مسقط. أما الشعب العماني فإنه قنوع وراض وهادئ والملفت أن جميع سائقي سيارات الأجرة عمانيون ويترتب عليهم العمل بالسيارات وهم يلبسون الزي العماني. عمان بلد نظيف وله شخصيته المعمارية الخاصة والخاضعة لسلطة الهندسة والبناء ...ماذا تريدين أن أذكر لكي أكثر

طيب سافرت إلى بيروت وكنت في ضيافة المعهد العالي للموسيقى وتسلمت شهادة تقدير من هناك من وزير الثقافة آنذاك، حدثنا عن هذه التجربة ماذا مثلت لك ؟
يضحك طويلا ويحرك يديه في الهواء ……."يعني شو بدي أقولك ستنا" ...كيف يمكن ان لا تحب بيروت وأهل بيروت ومطاعم بيروت وطبيعة لبنان الخلابة! وكيف لك ان تزور بيروت وتنجو من جلطة القلب نتيجة إكتظاظ السيارات وكابوس السواقة هناك... بيروت تخنقك وبيروت تحييك. أصدقائي الفنانين كثر مثل الموسيقار إلياس الرحباني والدكتور كفاح فاخوري والدكتورة هبة القواس والمطربة سمية بعلبكي والمطربة جاهدة وهبي والشاعر هنري زغيب والأخت الحبيبة ليندا غدار والبروفسور ايلي كسرواني والسيدة منى الصايغ وشيخ الشباب حبيبي طوني حنا... الكونسيرفتوار هناك يعتبر منارة موسيقية شرق أوسطية. دخلت هذه المؤسسة العريقة وانتابني شعور غريب لأن الكثير من زملائي اللبنانيين هنا في لوس انجليس كانوا مدرسين أو تلاميذ في الكونسيرفاتوار. مديرالأوركسترا هناك المايسترو اندريه الحاج مناضل من الدرجة الاولى هو وطاقم العاملين بالأوركسترا وكان وقتها المدير الدكتور وليد مسلم وقد اعتلى المسرح وقدم لي شهادة تقدير من وزير السياحة الدكتور غطاس خوري. أما الجمهور فلقد استقبلني بحفاوة حميمة وقد غصت القاعة بالتصفيق عندما نقلت لهم تحية خاصة من الأهل بالناصرة لكل واحد فيهم...نعم سالت بعض الدموع والحديث يطول

أرى في عينك دموعا الأن كأنك تأثرت؟
صحيح نعم تأثرت لحظات جميلة وذكريات لا ولن تنسى

هل لديك نية للسفر وقيادة أوركسترات في بعض دول عربية أخرى وهل تذكر لنا هذه الدول؟
نعم بالتاكيد فانا اتواصل الأن مع بعض الاوركسترات من الدول العربية "الجريحة" والتي تنبعث منها أصوات المدافع والقنابل لكني أرى أن من واجبي أن لا أدير ظهري وأنأى بنفسي عن الإخوة الموسيقيين وعن الجمهور المنهك هو الاخر والذي يعاني الحرمان المدني والموسيقي... قيادتي للأوركسترات في هذه الدول سوف تكون مجانا وحتى أنني ساتحمل تكاليف السفر من أجل هذه الرسالة الإنسانية. أنا لا اعيش في برج عاجي ويهمني إسماع صوتي وموسيقاي وعروضي الفنية. عندما تكون الظروف مناسبة سوف أنشر المعلومات على صفحات التواصل الإجتماعي

كان لديك برنامج اسمه وهابيات لماذا اخترت هذا الإسم تحديدا، وماذا يحمل مضمون البرنامج ليجعله مميزا عن غيره؟

الموسيقار محمد عبد الوهاب ظاهرة موسيقية واجتماعية لم اكن استطيع أن أتجاهل دراستها بعمق. فعلت ذلك لأسباب كثيرة لأن الرجل أعطى المثل الحي لأي فنان موهوب يقدر موهبته ويرعاها ويستمر في تطويرها لآخر يوم في حياته. الكثيرون هم أصحاب مواهب ولهم عطاءاتهم المحترمة لكن عبد الوهاب كان كما نقول "شامة وعلامة" ولقد فرض احترامه وتقديرة على كل موسيقيي جيله بلا استثناء. هذا هو محمد عبد الوهاب الذي عزفت من الحانه الاسطوانة الثانية لي وهي بعنوان "الكمان يغني ألحان محمد عبد الوهاب" والتي بإمكانك أن تسمعيها في متحف عبد الوهاب بالقاهرة حيث أيضا خصصوا زاوية لاعمالي ورسالة الدكتوراة خاصتي وصوري مع الموسيقار الكبير.

الآلات الموسيقية ومحمد عبد الوهاب في حياة نبيل عزام
أنت موسيقار وليس وحسب بل مايسترو يعني محرك كل الآلات الموسيقية وكنت قد رأيت لك صورة علي الفيسبوك وانت تعزف ؟ اذن ماذا تعني لك الألة الموسيقية ؟ وأيها الأقرب لقلبك؟
سيدتي العزيزة, انا لا أرى نفسي إلا وآلة الكمان تلازمني. الكثيرون يعرفون ما يعني أن يكون قائد الأوركسترا عازف كمان. أن عازفي الأوركسترا وبالأخص عازفي الآلات الوترية (مثل الكمان والفيولا والتشيللو والكونتراباص) يرتاحون عندما يتكلم القائد بلغتهم ويعطيهم إرشاداته المهنية باللغة التي يتعاملوا فيها. لقد عزفت الأوركسترا العالمية ميستو من ألحاني الكثير من المؤلفات وعدد اكبر من الألحان التي قمت بتوزيعها. لكن وبحق نعم انا منحاز لآلة الكمان... 

قلت سابقا في أحد اللقاءات بأنك أخذت الإذن من موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب لكي تغير في آلحانه ، وهنا نتوقف كثيرا كون محمد عبد الوهاب معروف عنه انه شديد فكيف استطعت انتزاع هكذا اذن من هكذا شخصية معروفه بتمسكها بعملها ؟
علاقتي بعبد الوهاب لم تكن مجرد أني معجب بأعماله وشخصيته ويعني يكتفي بزيارة تقليدية وصورة تذكارية... استمع لما لدي من افكار وتناقشنا في مليون موضوع من تاريخه ونشأته وتعليمه وموهبته واتصالاته الاجتماعية "كله على كله" الى ان تحدثنا بالأمور الخاصة وأحيانا الخاصة جدا. عبد الوهاب كان يذكرني في أحاديثه الخاصة ولقاءاته الصحافية وهو الذي كان ينشر أخبار دراستي للدكتوراة في الصحافة المصرية وأنا سمعت له حديثا عني في إذاعة الاردن تونس على ما أذكر. عبد الوهاب اقتنع من اسلوب عملي وحرصي على تقديم أعماله حتى عندما كنت اقوم بإضافة "همسة" هنا أو "غمزة" هناك. تعامل معي بمثابة الوالد الموسيقي: الحرص المتبادل. في مقام آخر سوف أتحدث عن اللحن الذي قدمه عبد الوهاب لي خصيصا لكيأ عزفه على الكمان. اللحن موجود عندي طبعا بصوته وتقديمه وتقديره لي الخ. 

كثير من المطربين من الجيل الجديد ظهروا مع أوركسترا ميستو فهل لك ان تحدثنا عن كل منهم، مثلا كريمة الصقلي ، محمد عساف ،ودلال أبو آمنة وغيرهم ؟
يضحك بتبسم ثم تذهب عينيه بعيدا ….يعني هذا سؤال محرج شوية، ليس بالنسبة لكريمة ومحمد ودلال، بل لأن الحديث يطول في هذا المجال وهم يعرفون حبي وتقديري لهم. ثلاثتهم ليسوا بحاجة الى رأيي، لأن الجمهور يعرفهم ويقدرهم ويحبهم. المطربون الذين اشتركوا وظهروا مع الاوركسترا العالمية ميستو كثيرون ولكل واحد مهم قدر كبير من الحب والاحترام عندي وكلهم بدون أي استثناء عملوا كل جهدهم لتقديم الأفضل، وكان التعاون بيني وبينهم يظهر حين نكون مع بعض على المسرح...هل رأيتي يا سيدة نسرين كيف وبشكل عفوي جدا أخذت المطربة الكبيرة كريمة الصقلي ورقصنا مع بعض في أغنية "أنا قلبي دليلي"؟ لم ير أحد محمد عساف حين بكى كالطفل عندما أنهينا الوصلة الأولى من كونسيرت أوبرا مسقط عندما غني لحن عبد الوهاب "فلسطين"؟ هل أنتبه احد الى الرعشة الصادقة للمطربة الموهوبة دلال أبو امنه عندما ظهرت لأول مرة على مسرح أوبرا القاهرة وهي تغني "مصر التي في خاطري"؟ ولم ير أي من الحضور إحدى عازفات التشيللو وهي تبكي على مسرح أوبرا القاهرة لأنها تعزف للمصريين موسيقاهم مع الأوركسترا العالمية ميستو... أنا أتحاشى أن ابدي رأيي بالزملاء الفنانين لأني واثق من اني سوف أهضم حق البعض... هنالك المئات من النوادر التي صادفتني في مسيرتي كقائد للأوركسترا. تأكدي أن ذاكرتي زاخرة بالنوادر الراقية والرفيعة المستوى. الأوركسترا العالمية ميستو مؤسسة حضارية هامة سيأتي اليوم التي تبرهن فيه ذاتها

الحب ومعانيه الكثيرة
ما بين أمريكا وفلسطين ،ماذا تعني لك الناصرة؟ هل يستطيع المهجر أن ينسينا الوطن باعتباره وطن بديل؟
-- تنهيدة طويلة ..h.لعالم أمسى في متناول جهاز الهاتف الذكي ومنصات التواصل الإجتماعي تملأ الارض طولا وعرضا. في الناصرة جذوري الإنسانية والحضارية والإجتماعية وهذا يعني أنني وزوجتي سهير (لانها جارتي من الناصرة) كباقى السائرين في موكب التنقل المكاني والذين يطلق عليهم أسم "مغتربين" نكون في حالة مقارنة مزمنة بين الواقع الأمريكي الذي نحبه ونعيش فيه وبين صور الماضي وعبق فصول السنة هناك في الناصرة. أحد اصدقائي عندما نكون في سهرة عائلية ناكل ونشرب ونتسامر ونستعرض أمور الدنيا فتلمع بذهنه قريته الحبيبة "نحف" فتراه يقول أن "نحفا" هي مركز الكون...فاقول له وماذا تراني أصف "الناصرة" إذا كانت "نحف" مركز الكون!!! الحقيقة أننا نحمل معنا "ناصرتنا" و "نحفنا" وكل بلداننا التي تركناها لناتي الى هنا ولكي نواصل حياتنا وأهدافنا ومشاريعنا. ما دمنا نواصل إجتهاداتنا في أي بقعة من بقاع الأرض فلا خوف علينا. واليوم مثلا كل منا يتواصل مع عائلته واحبائه وأصدقائه بنقرة خفيفة على لوحة التليفون. وما دمنا في هذا السياق أقول بصراحة أني مستعد أن امتنع عن الكثير من الأمور الدنيوية لكن لا يمكنني أن أنقطع عن التواصل الهاتفي على مدار الساعة. لي أصدقاء في جميع أصقاع الأرض. عائلتي بالناصرة أعيش معهم ويعيشون معي يوميا. 

ماذا يعني لك الحب ؟ هل هناك عمر معين للحب ؟ وهل هناك حالة اجتماعيه خاصة للحب؟
اه والف اه….نضحك سويا ...والله ستنا أه وألف آه.على نعمة الحب وصفاء الحب ونقاء الحب. وما أنا إلا مسافر في قطار الزمن ذو الإتجاه الواحد. هناك على الطريق الكثير من محطات الحب. فالزمان والمكان وظروف الحياة تفرض بصمتها على هذا الحب كيفا وكما. الحب يا عزيزتي أسلوب حياة وليس "حادث طرق" نحن لا نقع في "حفرة حب" بل نثبت ونمركز نفسنا في حالة من الحب. حب العمل وحب الإتقان وحب الموسيقى وحب الزوجة وحب العائلة والأصدقاء. ولأننا واعون لهذه النعمة نراها بادية على الوجوه فهناك وجوه محبة وهناك وجوه "مش فارقة معاها". هناك أصوات محبة وهناك أصوات تعتبر وسيلة للتواصل لا غير. صوتنا مثلا عبارة عن آلة موسيقية "فاضحة" لأن الصوت يفصح عما في القلب وفي الإحساس. من منا لا يعرف ما قال بشار بن برد "الأذن تعشق قبل العين أحيانا" وقال ايضا "فبالقلب لا بالعين يبصر ذو الحب".  وردا على سؤالك عن الحالة الاجتماعية الخاصة للحب؟ طبعا وبالتاكيد. الحالة الاجتماعية هي تجهيز النفس وترتيب الأوراق الذاتية ونقاء الذهن وفتح النوافذ والموارد النفسية لإستقبال وبث ذبذبات الشعور الصادق. مرة أخرى أعبر عن أهمية الصوت وتعابير الوجه وحركات الجسم وإطلاق الشحنات الإيجابية نحو الآخر. وأخيرا عمر الحب لا حدود له لأنه ظاهرة كونية تتداخل فيها الأرواح والطاقات والشحنات... وهذا ما أعرفه لتاريخ اليوم

الوطن يسكن خلايا الجسد 
ما رايك في التطبيع؟ بعد أن تم ضم القدس لإسرائيل ماذا يمكن أن تقول؟
الرد الغير ديبلوماسي والغير ملتوي هو أن الذي ضم القدس هو الضعف والإنقسام العربي. لدي مليون شيء أقوله لكن لن يفيد الأن.

لو لم تكن فلسطينيا وأمريكيا ماذا كنت تريد أن تكون؟
بعد حوالي اربعين سنة في أمريكا لم أبعد قيد أنملة عن الوطن لأنه يعيش في خلايا جسمي. أنا ممثل فلسطين (كل فلسطين) في المجلس التنفيدي للمجمع العربي للموسيقى الذي مقره بغداد. أفتخر بأنني مواطن أمريكي لأني أتنقل بين عواصم العالم بالجواز الأمريكي لكن بنفس الوقت أحتفظ لنفسي في إنتقاد السياسة الامريكية مثل أي مواطن هنا. صداقاتي الراقية ورئاستي للأوركسترا العالمية ميستو تفرض علي أن أترفع عن الممارسات السياسية العقيمة. أنا تربيت في بيئة سياسية مشحونة ومهتزة وعصبية لأخر حد. عندما تدور نقاشات سياسية هنا بين الأمريكان يبدوا لي وكأنهم مش عاجبهم تقديم الحلوى في المطعم بينما النقاشات السياسية التي تربيت عليها والتي نشأت بين ظهرانيها أشبه بمعارك طاحنة وتطبيش كراسي وطاولات وشتائم وتهديد ووعيد..

دكتور نبيل عزام تشرفنا بالحوار معك في موقع مجلتنا " المنصة بوست " كل الشكر لوجودك معنا في هذا اللقاء الجميل.

شكرا لكم على هذا اللقاء الجميل  في المنصة بوست وشكرا لكي عزيزتي نسرين حلس الإعلامية والصديقة والأخت  على وجودي معك امنياتي لكم بالتوفيق الدائم ودمتم بالخير