في تصرف يكاد لا يوصف تتعرض سفيتلانا أنيوخينا، رئيسة تحرير موقع "دابتار" المتخصص بالدفاع عن حقوق المرأة والفتيات في شمال القوقاز، العاصمة الداغستانية مخاتشكالا بتهديدات بالقتل لنشاطتها الإعلامية والاجتماعية في الدفاع عن المرأة ، والأكثر منه غرابة هو تهاون السلطات في التعامل مع تهديدات القتل وكأنها حدثا عاديا ، مما دعا سفيتلانا إلى مغادرة مكتب السلطات في حالة من الذهول .
كما أطلقت الصحافية الداغستانية أنيوخينا موقع "دابتار" في مطلع عام 2014، وعرّفته بأنه فضاء من أجل بحث قضايا النساء في شمال القوقاز، ولاحقاً أطلقت منصات عدة، منها "الآباء والبنات"، من أجل تحفيز الرجال على دعم بناتهم وتمكينهن.
وأوضحت أنيوخنا، في تصريحات لموقع "كوفكازسكي أوزل"، قرار مغادرتها، قائلةً: "اتخذت إجراءات أمنية إضافية وغادرت داغستان لبعض الوقت"، مشيرةً إلى أن "الشرطة المحلية لم توجه تهمة بعد تلقيها تهديدات بالقتل، وفي الوقت ذاته لم ترسل رداً رسمياً حول رفض توجيه تهمة، ما يعني عدم قدرتي على الاعتراض والاستئناف باللجوء إلى الادعاء العام أو قيادة الأمن في جمهورية داغستان".
وفي شهر يوليو/ تموز الماضي، قالت أنيوخينا إنها تلقت اتصالاً هاتفياً من رجل يدعى داليغات أوماخانوف أكد فيه أنه تلقى "تعليمات بالتعامل مع جميع الناشطات النسويات". وبحسب الإعلامية فإنها اقترحت على المتصل أن يلتقيا عند مدخل قسم للشرطة في مدينة مخاتشكالا، لكنه لم يحضر ولوّح بأنه "يستطيع قتلها حتى في داخل قسم الشرطة". وبعد تقدمها ببلاغ رسمي للشرطة، مدعماً بالمكالمة الهاتفية، قالت أنيوخينا إن رجال الشرطة قللوا من حجم التهديد، وأجابوها بسخرية: "بكل الأحوال ننصح بشدة الجميع بالتعرف إلى قواعد وأسس إدارة الحوار... وأليس من الممكن أن الشخص يمزح بأنه سوف يقتل شخصاً آخر؟! والقانون قد يتعامل مع تلك المزحة من دون حس فكاهي، وحينها يمكن أن يصبح متهماً في قضية جنائية غير مضحكة".
وجديرا بالذكر أنه في تحقيق حول الموضوع تم نشره في موقع "دابتار" الذي ترأس أنيوخنا تحريره، أكدت أنها "واثقة من أن الشخص الذي هددني على صلة مع أجهزة الأمن، والنظام يدافع عن أبنائه برفض فتح تحقيق وتوجيه اتهام". وزادت أن لديها معلومات تؤكد أن صاحب اتصال التهديد حضر إلى قسم الشرطة وأجرى اتصاله من هناك تحت سمع ونظر الشرطة، وطالبت الجهات المختصة بالتأكد من هذه المعلومة عبر معرفة إحداثيات موقع المتحدث في وقت المكالمة التي وثقتها وقدمت تسجيلها وتوقيتها للشرطة.
وتجدر الإشارة إلى أن العنف المنزلي المنتشر في عموم روسيا، تعاني المرأة في جمهوريات شمال القوقاز ذات الغالبية المسلمة من وطأة العادات والتقاليد القاسية بحق المرأة، ولا تزال "جرائم الشرف" واختطاف الفتيات بغرض إجبارهن على الزواج ظواهر منتشرة في هذه المنطقة. وعادة ما تتهاون السلطات المحلية مع هذه الجرائم نظراً لطبيعة المجتمع العشائري الذكوري وتأثير رجال الدين.
وفي 2016، أثار رجل مفتي جمهورية داغستان جدلاً واسعاً في روسيا حين إنه "يجب ختان جميع النساء للقضاء على الرذيلة في العالم". ونقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية حينها عن المفتي الذي يرأس مركز تنسيق شؤون المسلمين في القوقاز الشمالي قوله إن الختان طريقة "للحد من الحياة الجنسية لدى النساء". وجاءت تصريحات بردييف بعد نشر تقرير عن منظمة "المبادرة القانونية" غير الحكومية الروسية يفيد بتعرض آلاف النساء للختان خلال السنوات الأخيرة في روسيا، خصوصاً في داغستان.
وفي تعليق لها حول نشاطاتها والغرض من إنشاء موقعها توضح أنيوخينا في فيلم "ثماني نساء" القصير والمنتج في ربيع 2018 أنه "يجب ألا تخضع الفتيات في العالم الذي نريد بناءه لعمليات الختان في الطفولة، كما يجب أن يكف الأهل عن قول إن هذا غير مناسب للفتيات حين يكبرن، وهم يقضون على أحلامهن لمجرد أنهن فتيات لا يجوز لهن التفكير في هذا العمل.. وفي عالم الغد يجب ألا تقتل النساء بناءً على جرائم الشرف، ويجب أن تدافع الأسرة عن الفتيات لا أن تعاقبهن". ودعت إلى تمكين المرأة حتى تستطيع بناء حياتها كما تريد لها ولبناتها من بعدها.
كما تتعرض الناشطات في مجال حقوق المرأة لمضايقات من السلطات المحلية في شمال القوقاز، ويعمل كثيرون على تلطيخ سمعتهنّ واتهامهن بمحاولة نشر الرذيلة، وتلقي أموال من مصادر أجنبية من أجل نشر قيم المجتمع الغربي وإبعاد النساء عن تعاليم الإسلام.
إضافة تعليق جديد