أوضح المجلس القومي للمرأة في مصر أن أكثر من 1.5 مليون سيدة تتعرض للعنف الأسري سنويا، أي بما يزيد عن 4 آلاف حالة كل يوم، و70 في المئة من حالات الاعتداء من أزواج مقابل 20 في المئة من الآباء، وهي أرقام ضخمة تكون نسبة تطبيق العقوبات القانونية فيها نادرة للغاية.
مما جعل وزارة التضامن الاجتماعي تلجأ مؤخرا إلى التوسع في افتتاح دور الرعاية الاجتماعية التي تستهدف استضافة المعنفات عائليا واحتوائهن نفسيا وعلاجهن وتوفير الإقامة لهن لحل مشاكلهن والبحث عن حلول جذرية للأزمات الأسرية المتكررة.
وتستقبل المؤسسات المرأة التي تعرضت لأذى نفسي وجسدي، حيث لديها المتخصصون في الطب النفسي، ومحامون مهمتهم ملاحقة المتهم قضائيا، سواء أكان أحد أفراد الأسرة أو الزوج، أي أن دور الرعاية الاجتماعية للمعنفات توفر بيئات آمنة للنساء اللاتي ضاقت بهن السبل وأصبحن بلا سند عائلي يوفر لهن الحماية.
وتعد خطة الوزارة لتنامي ظاهرة العنف الأسري، لكن التوجه الحكومي وإن كانت له أبعاد إنسانية، فإنه يصطدم بجملة من المعوقات التي لا تجعله حلا مثاليا بالنسبة إلى الكثير من النساء، خاصة إذا كن لديهن أبناء أو ينتمين لعائلات محافظة تقدس العادات والتقاليد والأعراف.
كما ترتبط أبرز المعوقات بالنظرة الدونية من المجتمع لأي امرأة تهجر بيت أسرتها أو زوجها وتقيم في مؤسسة متخصصة في الحماية من العنف العائلي، حيث يتم وصمها بالمتمردة وسيئة السمعة، وأحيانا يتم اعتبارها سيدة منحرفة، لمجرد أنها بحثت عن بيئة آمنة هربا من الأذى النفسي والجسدي الذي تتعرض له دون أن ينقذها أحد ، فتلك المعضلة الأولى .
المعضلة الثانية أن المرأة التي تتعرض للعنف حتى لو كانت أكثر جرأة وشجاعة على اللجوء لمؤسسات الرعاية، تصطدم بانخفاض أعدادها مقارنة بالمعنفات في المجتمع، لأنها موجودة في ست محافظات، وتسعى الحكومة للمزيد من التوسع لتوفير الحماية لنسبة معقولة من السيدات.
ومازالت أغلب الأسر على قناعة بأن هروب المرأة من بيت زوجها مهما تعرضت لعنف وإهانة وإذلال، يعني أنها ارتكبت خطأ، أو بمعنى أصح “جريمة” تستوجب العقاب وربما الطرد لإجبارها على العودة إلى منزل الزوجية، ومهما حاولت تبرير موقفها يتم تحميلها مسؤولية الاعتداء عليها، والاختيار بين التحمل أو التبرؤ منها.
وبغض النظر عن هذه المعوقات، تظل مؤسسات حماية النساء من العنف الأسري محطة لا غنى عنها لأغلبهن، فما بين جحود الآباء وقسوتهم وإهانة الأزواج وسطوتهم تجد بعض السيدات في دور الرعاية ملاذا آمنا وسندا اجتماعيا ونفسيا، على الأقل لحين بحثهن عن بدائل أخرى والخروج من الأزمات أكثر قوة وصلابة.
و على الرغم من أن مؤسسات رعاية المعنفات خيارا مثاليا لبعض الحالات، فإن الحكومة مطالبة بالبحث عن حلول جذرية للقضاء على ظاهرة العنف الأسري والزوجي ضد المرأة، سواء بحملات توعية إعلامية ودينية وتطبيق العقوبات ضد المخالفين دون تواطؤ، أو التركيز على تغيير أفكار وقناعات المراهقين والشباب تجاه فكرة العقاب البدني واللفظي من خلال المناهج الدراسية، وإعادة تقديم المرأة بصورة آدمية لتوعية الأجيال الجديدة بأن العنف ضدها يناقض كل مقاييس الرجولة، وتقويم السلوك يكون بالنصح والإرشاد لا الإهانة والإذلال.
إضافة تعليق جديد