المنصة بوست - وكالات
أصدر البنك الدولي تقريرا جديدا ، يقر فيه ضرورة ، الدخول في مسار جديد لمعالجة أزمة التعلم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن طريق النهوض بتعليم اللغة العربية وتعلُّمها
فقد جاء في التقرير أن أكثر من نصف الأطفال في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعانون من "فقر التعلُّم"، حيث لا يمكنهم قراءة نص مناسب لأعمارهم وفهمه وهم في سن العاشرة. ولا شك أن هذا الأمر يؤدي إلى قصور في تعلُّم معظم الأطفال في المنطقة وإعاقة تقدُّم بلدانها في مجال تكوين رأس المال البشري، وذلك وفقاً لتقرير جديد صادر عن البنك الدولي.
ما إن يلتحق الأطفال بالمدرسة، فإنهم يتعلمون القراءة والكتابة باللغة العربية الفصحى المعاصرة التي تختلف عن طريقة تحدثهم مع ذويهم في المنزل. وهذا في حد ذاته يفرض العديد من التحديات. والتقرير المعنون: "النهوض بتعليم اللغة العربية وتعلُّمها - مسار للحد من فقر التعلُّم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" يتناول الشواهد والأدلة على العوامل التي تؤثر على تعلم اللغة العربية ويقترح مساراً للمساعدة في إرشاد بلدان المنطقة في جهودها لتعزيز نتائج التعلم.
من جانبه قال فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد واجهتنا أزمة في التعلم قبل تفشي جائحة فيروس كورونا وبين أيدينا الآن تحدٍ أكبر من ذلك بكثير حيث تحتاج أنظمة التعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تقديم مهارات تأسيسية أقوى حتى يتمكن الأطفال من"تعلم القراءة" بشكل فعال من أجل أن نصل بهم إلى مرحلة "القراءة للتعلم". ستعمل الاستثمارات الموجهة لتوفير تعليمِ ذي مستوى أكثر جودة لكل طفل وستعمل كذلك على تزويد الأولاد والبنات الصغار في منطقتنا بالمهارات الأساسية اللازمة ليكونوا من أرباب الابتكار وريادة الأعمال في المستقبل."
وتجدر الإشارة إلى أن خبرة الأطفال مع اللغة العربية الفصحى المعاصرة تعد محدودة قبل بلوغهم سن المدرسة. على سبيل المثال، من غير المرجح أن يقرأ الآباء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأطفالهم الصغار أو أن يلعبوا معهم ألعاب الكلمات، وذلك مقارنة بالآباء في مناطق أخرى من العالم. ويعتبر الالتحاق ببرامج التعليم الرسمية في مرحلة الطفولة المبكرة مثل مرحلة ما قبل المدرسة - حيث يمكن تطوير مهارات القراءة والكتابة - أقل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عنه في المناطق الأخرى.
ويمكن معالجة هذه التحديات باتخاذ إجراءات هادفة مثل توفير بيئة لغوية ثرية، والتعرُّض المبكر للفصحى، والتدريس عالي الجودة الذي يعتمد على علم تعلُّم القراءة ويستثمر التداخل بين الفصحى والمفردات العامية. لكن سوء نواتج تعلُّم القراءة والكتابة ناتج عن العديد من الممارسات المتعلقة بخبرات الطفولة المبكرة ومهارات القراءة والكتابة وتعليم اللغة العربية وتعلُّمها في مرحلة رياض الأطفال والصفوف الدراسية الأولى. ويؤثر ذلك بالسلب على الأطفال في بداية تعليمهم ويستمر تأثيره طوال مسيرتهم التعليمية وفي حياتهم كبالغين.
وتعليقاً على هذا التقرير قال أندرياس بلوم، مدير قطاع الممارسات العالمية للتعليم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي: "يُظهر علم تعلم القراءة أن الإلمام بالكثير من المفردات يساعد الأطفال على الانتقال من اللهجات العامية التي يتحدثون بها في المنزل إلى اللغة العربية الفصحى المعاصرة. وتعد البيئة الغنية باللغة أمراً مهماً في المنازل والمدارس."
ومع ذلك، فإن هذا الأمر لا يحدث باستمرار كما أنه لا يتوفر في كل الأسر؛ فالأطفال في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقل احتمال تحصلهمعلى كتب مخصصة للأطفال في المنزل أو أن يكونوا في مدرسة فيها مكتبة كبيرة (أو أي مكتبة بأي حجم) أو أن يطلب منهم معلمهم قراءة قصة نثرية مؤلفة من فصول، وذلك بالمقارنة مع نظرائهم في البلدان الأخرى.
وعليه، فإن النهج الأفضل لتعليم اللغة العربية لصغار الناطقين بها يحتاج إلى تعزيز؛ فالأطفال يتعلمون قراءة اللغة العربية وكتابتها بطريقة جامدة حيث يركز المعلمون على قواعد النحو والإعراب والبلاغة والدقة اللغوية. كما يعاني الأطفال أيضاً من نقص في مرح التعلم والسهولة في طرح الاستفسارات اللازمة لإشراكهم بشكل كامل في تعلم القراءة والكتابة. ويُعد المعلِّمون أنفسهم نتاج الأسلوب غير الفعّال في تعليم اللغة العربية وغالباً لا يشعرون بالراحة في استخدام العربية الفصحى كوسيلة للتدريس، وينطبق ذلك على الكثير من معلِّمي اللغة العربية. وهناك عدد قليل جداً من دورات إعداد المعلمين في الجامعات تتضمن دراسات تستند إلى علم تعلم القراءة باللغة العربية.
والتقرير الذي بين أيدينا يقترح مساراً للنهوض بتعليم اللغة العربية وتعلمها. ويبدأ هذا المسار بوضع أهداف محددة وقابلة للقياس لنواتج تعلم اللغة العربية للأطفال مع الربط الواضح بأهداف السياسة الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد من البلدان؛ من خلال استراتيجية وطنية لتعلّم القراءة والكتابة، وذلك على سبيل المثال. وتتعلق باقي البنودبتعريض الأطفال مبكراً للغة العربية الفصحى وطرائق التدريس ومواد المناهج الدراسية وبرامج إعدادالمعلمين والتطوير المهني ودعم المدارس والتقييم والتدخل المبكر للأخذ بيد الأطفال المتعثرين في القراءة.
إضافة تعليق جديد